الإثنين , أبريل 29 2024
أ.د/ عبدالرازق مختار محمود

ذكرى شارل شابلن .

استيقظت في صباح يوم من أيام الشتاء الأوربي علي وقع أخبار سيقت لوسائل الإعلام تزف إلينا في الفقرات الاجتماعية، والترفيهية، والثقافية، وربما النفسية، مفادها أن وزارة الثقافة المصرية، وصندوق التنمية الثقافية بالوزارة يحتفلون بذكري( 39) لوفاة الفنان شارل شابلن.
تنبهت كثيرا، واستيقظت لدي مشاعر متداخلة، وربما متصارعة، فبمثل هكذا تفكير، وهكذا رؤية وهكذا ثقافة، وصلنا إلي هنا، لسنا ضد الانفتاح علي ثقافات الآخرين، والاستزادة من خبراتهم، ولكننا ضد أن تصل الرغبة في التغييب إلي هذا الحد، الذي نهمل فيه تراثنا ،وكنوزنا التي سادت العالم، وحلقت في سماء الخلود، ففي الوقت الذي يحتفي ويحتفل العالم، ويمنح الجوائز ويطلق علي مشروعاته الكبرى أسماء الصفوة من العلماء السابقين في حضارتنا العربية والإسلامية، نعم في الوقت الذي يستيقظ فيه ضمير الغرب بين الحين والآخر؛ ليعطي لحضارتنا بعض الاعترافات المنسية، بأنها سبب تقدمه وتحضره. وفي هذا الوقت الذي نحن أحوج ما نكون إلي الاعتصام بهذه النماذج الزاخرة من العلماء الذين سطروا للإنسانية جهودا لا تنكر، وخبرات ما زلنا ننهل منها حتى يومنا، نجد قنواتنا الرسمية، ومؤسساتنا التي أنيط بها تشكيل الوجدان، وشحذ الهمم، والدفع بالطاقات للتغلب علي الصعوبات، وقد وضعتنا أمام شارل شابلن، ومع تسجيل كامل الاحترام؛ لتلك البسمات التي رسمها هذا الشابلن علي وجوه الساعين للابتسام علي يديه، إلا أننا في أمس الحاجة وخصوصا في هذه الأيام إلي الاحتفاء والاحتفال بابن سينا، والحسن بن الهيتم، والخوارزمي، وغيرهم من خيرة العقول التي أنجبتها حضاراتنا الخالدة، والذين أسهموا بتراثهم في تشكيل وجداننا الاجتماعي والنفسي والأخلاقي. لا أريد أن أعود قليلا إلي الوراء؛ للتذكير بأصول أكثر عمقا حتي لا أدور في فلك الاستقطاب المقيت الذي يضع الإسلام في مقابل التحضر والتقدم.
نعم نحن في لحظات ربما لا ندري ما نريد؟ ولا ندري أين تتجه بهذا الجيل التي تُرك وحيدا في معركته التكنولوجية لتغزوه بكل قوتها وتبدع في كل ما يعكر صفو مستقبله.
نحن في أمس الحاجه إلي هذا الوقت الذي اجتهدنا فيه لنحتفل بشارل شابلن؛ لكي ننفقه في ربط هذه الأجيال الهائمة في حاضر يموج بالمشكلات، ومستقبل أكثر تعقيدا؛ مما نتخيل أو نخطط، نعم نحن في حاجة لربط هذه الأجيال بما يمدها بزاد من التوازن، بأننا ننتمي إلي حضارة سادت، وقادت، وسطرت في سجل الحضارات أرقى وأثمن وأسمي الصفحات.
أ.د/ عبدالرازق مختار محمود
أستاذ علم المناهج وطرائق التدريس بجامعة اسيوط

شاهد أيضاً

المغرب

الــملــصـق المسرحي لمن ؟

نــجـيـب طــلال مـفارقات: أشرنا ما مرة، بأن هنالك ظواهر تخترق جسد المشهد المسرحي في المغرب، …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.