الجمعة , أبريل 19 2024
مدحت موريس
مدحت موريس

نشطاء ولكن…

مدحت موريس

غلبه الحماس كعادته وهو يتابع كتابات النشطاء عبر صفحاتهم على الشبكة العنكبوتية.

تحركت عواطفه وفاضت مشاعره وهو يتابع الاحداث الاخيرة والتى خرج فيها ابناء وطنه وابناء طائفته التى ينتمى اليها من ديارهم تاركين خلفهم ممتلكاتهم ومقتنياتهم وكل ذكرياتهم، تركوها فريسة للنهب والحرق بعد ان عجزت الدولة عن حمايتهم من تلك العصابات التى ارتدت عباءة الدين وصالت وجالت فى المدينة تدهس الامان وتقتل السلام.

انطلق مشاركاً يؤيد ويشجب، يؤيد النشطاء ويشجب موقف الدولة المتراخى ويشجب ايضاً موقف القيادة الدينية الذى اعتبروه متخازلاً. تنوعت الاتهامات للقيادة السياسية والمدنية للدولة بدءاً بالعجز و مروراً باتهامها بموالاة الارهابيين ثم وصولاً الى اتهام الدولة نفسها بالتطرف واضطهاد ابناء طائفته، اما الاتهامات التى وجهت للقيادة الدينية فايضاً تنوعت ما بين الضعف والخنوع ثم مداهنة الدولة والانبطاح لها ثم فى النهاية بيع قضية ابناء الطائفة.

وهكذا مضت الاتهامات تتوالى واشتعلت مواقع التواصل الاجتماعى وحاول البعض الوصول للحل المثالى الذى لم يخرج عن الدعوة لمؤتمرات او الخروج فى مسيرات وهو يعرف النتيجة مقدماً فالمسيرات والمظاهرات من وجهة نظره هى اشبه بالصراخ والعويل وهى سلاح الضعفاء كما يعتقد اما المؤتمرات فما اكثر ما انعقد من مؤتمرات وخرجت بتوصيات حنجورية لا تساوى ثمن الحبر الذى كتبت به….

اصابه الاحباط وهو يفكر فى الخروج بحلول ايجابية للموقف وبدأ يعاود قراءة البوستات والتعليقات المصاحبة لها لعله يستلهم حلاً يخرج به من الازمة التى يعيشها ويعانيها اخوته…لكن قراءته طالت ولم يستلهم شيئاً – على العكس – اصابه الضيق والكرب وهو يقرأ تعليقات تخرج عن اللياقة بل وعن الادب بل وشعر بامتزاج غريب لا يجوز بين مصطلحات سياسية واخرى دينية وتجاوزات غير لائقة فى حق القيادات السياسية والدينية حتى ولو كانت تلك القيادات بالفعل اخطأت. وتوقف كثيراً امام الالفاظ البذيئة والاتهامات المشينة التى تم صبها على رأس الجميع…تساءل بمرارة هل يليق بالنشطاء ان يتداولوا تلك الالفاظ والبذاءات على صفحاتهم…؟

امسك بهاتفه وتحدث مع احدهم يخبره بما يحدث على صفحته فاخبره انه بالتأكيد لا يوافق على ذلك وانه لا يكتب مثل تلك البذاءات ولكن يبدوا ان احد المعلقين كتب ما لا يليق وهو – الناشط – لم يلحظ ذلك……تكررت المكالمات التليفونية مع اكثر من ناشط ومعها تكررت نفس الاجابة …هم جميعاً لا يوافقون وهم ايضاً جميعاً لم يلحظوا تلك الالفاظ!!!!! شعر بقدر من الاحباط ثم فجأة بدأ – دون ان يدرى – يسترجع آراء واقوال بعض من النشطاء فاكتشف انهم جميعاً يقفون موقفاً معارضاً من اى موقف او سياسة للدولة الرسمية….ويرددون نفس ما تردده القنوات المعادية للدولة والتى تنتمى لفصائل الاخوان….

والغريب ان النشطاء انفسهم وهم مختلفون فيما بينهم فان معارضتهم لسياسة الدولة هى فقط الخيط الذى يجمع بينهم. ….الا يوجد قرار للقيادة السياسية حاز على اعجابهم ونال تأييدهم….بل يوجد بالفعل…..مشروع قناة السويس لقد انبرى احدهم فى الاوساط السياسية الكندية يعدد مثالب المشروع وفوائده والاعجاز فى سرعة الانجاز….اخيراً وجد ما اعجب احد النشطاء..لكنه للاسف اكتشف ان ذلك الناشط الذى كان يرقص من فرط سعادته بمشروع القناة …اليوم يهاجم نفس المشروع بلا هوادة.

تذكر قضية الشاب الايطالى ريجينى وكيف اتهم النشطاء اجهزة الامن بتعذيب الفتى حتى الموت وقد تساءل يومها وهل الامن من الغباء بحيث تخرج جثة الشاب فى نفس توقيت زيارة احد المسئولين الايطاليين؟ اما عن دليلهم الحاسم والقاطع فى الصاق التهمة باجهزة الامن فكان انه لا يمكن لجهة اخرى ان تقوم بتعذيب الفتى بهذه الكيفية!!!!!

ويومها سألوه هل تبرىء اجهزة الامن؟ فاجابهم انه لا يبرىء او يدين دون دليل. ثم جاءت قضية الجزيرتين والتى خرج النشطاء بعد اقل من ساعة من اعلان الاتفاقية ليجزموا بخطأ القيادة السياسية ويهاجموها ويتهموها بالتفريط فى الارض والعرض …واسقط فى يده لقد شعر ان النشطاء جميعهم يحتفظون بوثائق الجزيرتين او صوراً منها فى ادراج مكاتبهم منذ سنوات بهذه السرعة خرجوا ليعلنوا على الرأى العام حقيقة امر الجزيرتين؟

وهل هو الجاهل الوحيد على الارض الذى يجهل امر الجزيرتين؟ تشكك اخيراً ان الامور تحكمها الاهواء قبل المصداقية بالتأكيد هناك اخطاء للقيادة السياسية ولكن ما يراه من هؤلاء النشطاء من معارضة امر يثير الشك والشك هنا ليس فى المعارضة فى حد ذاتها وانما فى الآراء الجاهزة المعلبة والتى يتفق عليها جميع المعارضون على اختلاف انتماءاتهم وبسرعة غريبة…..

واصل القراءة وبدأ يكون قناعات مختلفة فقد بدأ يدرك ان النشطاء على الرغم من عدائهم للمجموعات الارهابية الا انهم باسلوب معارضتهم باتوا فى خندق واحد معهم وبدا انهم دون ان يشعروا يحققون اهداف الارهابيين فى استثارة طائفة من ابناء الوطن واثارة الفتنة داخله.

اهتم اكثر بالتعليقات المتعلقة بالقيادات الدينية وازعجه كثيراً استخدام مصطلحات سياسية مثل الثورة والمعارضة والامنجية وغيرها فى شرح وانتقاد القيادات الدينية …ومع تسليمه التام باننا جميعاً كبشر معرضون لان نخطىء

الا ان اسلوب الانتقاد والالفاظ المستخدمة فيه ازعجاه كثيراً والامر الاكثر خطورة هو شعورة بان المعارضين – ان جاز ان يستخدم هذا المصطلح – لا يسمحون باى مساحة للحرية فى معارضتهم….فمن يعارضهم هو اما منبطح او موال للقيادة الغير امينة من وجهة نظرهم. ثم فجأة وقعت عيناه على بوست لاحد النشطاء يقارن فيه ما بين القيادة الدينية الراحلة والقيادة الدينية الحالية متعمداً فيما كتبه ابراز محاسن وحكمة القيادة القديمة مقارنة بالقيادة الضعيفة الحالية. ….

بدأ عقله فى الذهاب لرحلة القيادة الدينية الراحلة ….وكيف واجه الرجل الطعنات من نفس هؤلاء النشطاء الذين اتهمه احدهم يوماً ما بأن الشيخوخة اصابت فكره مثلما اصابت جسده….واتهموه ايضاً قبلها بأنه بعد خروجه من سنوات الاحتجاز اصبح ضعيفاً غير قادر على قول كلمة الحق….

واتهموه ايضاً يوم رفض زيارة رعيته للقدس – اتهموه باتخاذ موقف سياسى مداهنة للقيادة السياسية….تذكر كل هذا وتساءل للمرة الاخيرة كيف يكون هذا رأيهم فى الرجل ثم يستخدمون سيرته للنيل من القيادة الدينية الحالية…..اغلق اللاب توب لكنه مازال ينظر لشاشته السوداء وعقله يحتفظ بكلمات قرأها هنا وهناك لكن فى النهاية لم يثبت فى عقله سوى رأى واحد اتفق فيه مع النشطاء…..وهى اننا نعيش محنة….

نعم بالحق نعيش محنة هى محنة يعيشها الوطن وتعيشها الطائفة التى هى جزء من هذا الوطن هى محنة ظروف اقتصادية واختلافات سياسية وهما – مع صعوبتهما – فالزمن والعمل كفيلان بالقضاء عليهما ولكن تبقى المحنة الحقيقية وهى حقيقة انتماء هؤلاء النشطاء لهذا الوطن.

شاهد أيضاً

ع أمل

دكتورة ماريان جرجس ينتهي شهر رمضان الكريم وتنتهي معه مارثون الدراما العربية ، وفى ظل …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.