الأحد , أبريل 28 2024
عبد العزيز عبد الحميد البرعصى

مسألة اللاتسامح الفكرى .

بقلم : عبد العزيز عبد الحميد البرعصى
باحث ماجستير فى التاريخ والحضارة – جامعة القاهرة .
بسم الله الرحمن الرحيم “ياايها الناس انا خلقناكم من ذكر وانثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا ان اكرمكم عند الله اتقاكم ان الله عليم خبير ” صدق الله العظيم (الحجرات :13) .
شاءت حكمة الله ان خلق الناس متفاوتين فى الافهام ، والاستنباط ، والعقيدة ، واللون ؛ لحكمة عظيمة الا وهى مد جسور التواصل والتعارف بينهم لينهل كلٌ من عند الاخر من خير فى جميع المجالات بالحوار البناء ، واعلاء قيم التسامح حتى فى اوقات التوتر والحروب بينهم .
” انى لست اناظر احدا حتى يقول اخطأت ؛ ولكن اناظره حتى يجن . قيل كيف يجن ؟ قال : يقول مالم يقوله احد “. (الامام الحنفى زفر العنبرى البصرى ت 158 ه )
اى ياتى الخصم بااقصى ماعنده من فكر وابداع عقب الحوار والمناظرة فى المسائل الخلافية بينهم ؛ وكانت تلك القيم وروح التسامح من اهم اسباب نضج فقه ابو حنيفة واصحابه وتفوقه على المذاهب الفقهية فى العالم الاسلامى .
” اننى مستعد ان اموت من اجل ان ادعك تتكلم بحرية مع مخالفتى لما تقول “(فولتير voltair ).
حرص ساندرو بيرتينى رئيس ايطاليا على تكرار تلك المقولة فى لقاءاته بقصر الرئاسة (قصر الكوير ينال quirinal) مع مجموعات من التلاميذ تأتى من جميع مدارس ايطاليا لغرس مبادىء الحرية والتسامح فيهم منذ الصغر .
“ان كثير من الحكومات تنفق اموالا طائلة على الاعلانات للشباب لتوعيتهم بالخطر الداهم للتدخين والمخدرات والايدز ؛ فلما لايتم تخصيص القليل من الجهد والمال لمحاربة ذالك الوحش ذى المائة رأس وهو اللاتسامح ” . (محلل فرنسى مشهور ).
ان هذة المقولة تردد صداها بقوة داخل ضمير البروفيسور ياجديش اشاريا jadish acharya – كان متولى منصب الامين العام للامم المتحدة حديث الانتخاب – فى لحظة تأمل فريدة من نوعها .
ضميره : هل تبحث عن الاسلحة لتحارب اعداء الحوار واللاتسامح ؟ .. صمت لحظة .. يجب الان ان تُعلم بنى الانسان من العالم ؛ وانت بمقدورك فعل ذالك من على منبر يمكن من خلاله ان يصل صوتك مسموعا حتى فى ابعد بقاع الارض . ان يبحثوا عن اشياء معنوية مجهولة فى عالم اللاتسامح سوف تجديهم نفعا كبيرا …. لحظة صمت … واعلم ان الوصول لتلك الاشياء ليس بالشىء المهم للانسان بقدر البحث عنها داخل قرارة نفسه .
البروفيسور: … بهدوء ووقار كأنه حامل على كاهله ثقل عظيم … فهمت جوهر كلامك ؛ واخبرك انى قررت بذل نفسى من اجل نشر هذه الاهداف النبيلة للعالم بأسره ؛ وانى مشتاق لسماعها .
ضميره : وجب على الانسان استخدام عقله كمرآ ه دون ان يقبل شيئا او يرفض شيئا … لحظة صمت… ان المرآه يجب ان يستفيد منها الانسان ليرى نفسه اولا ثم فى كل مرة يرى فيها عدوا تجب كراهيته ؛ الا تتذكر قول حكيم مات بسبب حبه لجاره ” أتبحث عن القشة فى عين جارك ؛ ولا ترى العارضة فى عينيك ” .
-لا يمكننا الاستغناء عن الآخر ؛ ونحن الآخر بالنسبة لنا .
-ضرورة استخدام منهج الشك المتجرد من اى هوى من اجل الوقوف على حقيقة الاشياء وفهم مقاصدها قبل اصدار الحكم النهائى عليها ؛ فمن يطمئن لافعاله على الدوام لن يستطيع ان يصحح من اخطائه او ان يتعلم من الاخرين ويحسن من نفسه .
البروفيسور :… بعد نفس عميق مملوء بالهمة والوقار والطمأنينة … انهى خلوته وشرع فى تنفيذ تلك المفاهيم فى كل قرارته ونشاطاته داخل اورقة الامم المتحدة ..فاستبشر العالم بنشر ثقافة التسامح والتعايش ؛ ونبذ ثقافة اللا تسامح … الى ان هلكت نفسه غدرا بسهم خشبى مسموم تم الاعداد له بدقة من اعداء الحوار و اللا تسامح .
هل الامر انتهى بفقدان جسده ؟ بل عزم جيل بعده على حمل رسالته (روحه) فى نشر ثقافة التسامح والتعايش فى العالم .
اعزائى القراء المقصود السعى فى تكاملنا فى كل شىء يرقينا للافضل حتى فى وقت حروبنا مع بعض بالتعايش والحوار البناء .
النقص فى البشر خلقة *** هبة من المنان لعمارة الارض .
كما لابد من الشكر الواجب للقائمين على ادارة الجريدة لحرصهم على اشراك الشباب فى التعبير عما بداخلهم من رؤى وتطلعات .
دمتم فى سعادة ويمن وبركات ؛؛؛.

شاهد أيضاً

ليلة أخرى مع الضفادع

في ضوء احداث فيلم الوصايا العشر بشأن خروج بني اسرائيل من مصر التى تتعلق بالضربات …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.