الجمعة , مارس 29 2024
محمد فتحى المرشد السياحى

الموسيقى عند القدماء المصريين .

مثل ما برع المصري القديم في شتى نواحي الحياة من زراعة وصناعة وهندسة وطب وفلك وغيرهم كمان برع في مجال الموسيقى وابدع فيها وخلق منها فن والحان ذات طابع خاص ميزه عن الأمم الاخرى اللى كانت محيطه وليها تاثير على مصر في الوقت دا
والسؤال كيف نشأت الموسيقى وما مراحل تطورها؟.. وازاى استخدمها المصري القديم في حياته اليومية؟ كل دا هنعرفه في المقال ..فلنتابع
عرف المصريين القدماء الموسيقى في العصر القديم منذ زمن مبكر جدا ويتضح دا من النقوش والصور المنتشرة على جدران مقابر ملوك وافراد الدولة القديمة. وكمان استخدامها في شتى نواحي الحياة الا ان كان استخدامها الرئيسى استخدام ديني (في المعابد) وجنائزي في (المياتم) ومراسم تشييع جنازة المتوفي. وكان ليها استخدمها في الحياة اليومية للتسلية والطرب والعزف على رؤوس الغيطان الزراعية بألات مازالت موجودة الى يومنا هذا مثل (الناي) اللى اشتهر بألحانه الحزينة …
كمان استخدم الالات الموسيقية بجميع فصائلها المختلفة (وترية / نفخ / ايقاعية) لزوم جمع المعازيم وتسليتهم في المناسبات السعيدة واضفاء نوع البهجة والسرور. وذلك في الأفراح واعلان مراسم الزواج وكانت مصحوبه بالرقص والغناء
وفى عصر الدولة القديمة تدل النقوش على شيوع إشارات اليد الخاصة بالغناء بين المطربين واللي لسة بنعرفها لغاية دلوقتى ودا كان فى بداية الأسرة الخامسة زي مثلا وضع كف اليد اليسرى للمغنى ورا صِوان الأذن وعلى الخد لتكبير الصوت المسموع وزيادة الإحساس بالرنين (والحركة دي مازالت منتشرة فى المجتمع المصرى الي اليوم بين المطربين والمنشدين وقارئى القرآن الكريم).
ولم يقتصر الامر الي هذا الحد بل ظهرت في النقوش القديمة على جدران المقابر اسماء بعض العازفين والمطربين (اكيد طبعا المشهورين في زمانهم) واللي كانوا بيحيوا الحفلات والليالي في قصر الملك ودا طبعا بيدل على مكانتهم العالية في القصر وكانوا بيتغنوا بترانيم دينية فكانت الأناشيد تغنى داخل المعابد فى الصلوات الدينية والجنائزية كما انتشر الغناء المصاحب للرقص فى المناسبات الدينية والدنيوية فى شتى المناسبات الملكية داخل البلاط وفى الحياة الاجتماعية والخاصة بفئات الشعب.
وتكونت الفرقة الموسيقية من عازف للناي وعازف للقيثارة وعازف للهارب وعازف لألة ايقاعية او اكثر مثل الدف أوالطبلة أو الشخشيخة والاكثر من ذلك عرفوا قائد للفرقة الموسيقية (المايسترو) وكان مهمته قيادة فرقة الغناء وتحميس الفرقة وضبط ايقاعها و حركتها.
الأكتشافات من عصر الدولة القديمة تدل على ان الموسيقى القديمة كان ليها سلم خاص بدائي وكان بيتكون من 5 درجات وتخلو من انصاف النغمات (النص التون) واللى يؤكد على دا عدد الخروم (فتحات) اللى في الناي المكتشف قديما او عدد الأوتار الموجودة في الهارب وغيرها ..
ولكن في عصر الدولة الحديثة ونظرا لأنفتاح المصري القديم على ثقافات الامم الاخرى مثل الفينيقيين والحيثيين وشعوب البحر في قبرص وكريت تطور السلم الموسيقي وزاد له درجتين فوصل للسبع درجات اللي معروفين لغاية وقتنا هذا كمان زادت عليه حركات اضافية زي انصاف النغمات ودا موجود في الألات الموسيقية المكتشفة في عهد الدولة الحديثة ومابعدها
وزى ما كانت اللغة القبطية هي المفتاح الرئيسى اللي ساعد شامبليون في فك رموز اللغة المصرية القديمة بعد ما ارشده اخوه العالم فوريير ان مصر مازالت فيها لغة مستخدمة في الكنائس وفي بعض اماكن في الوجه القبلي اسمها اللغة القبطية واحتمال يكون فيه رابط مابينها وبين الرموز المصرية القديمة على حجر رشيد واللي ماحدش عارف منها اي حاجة!.. فبدأ شامبليون يتعلم اللغة القبطية وعن طريق اخوه العالم فوريير استطاع انه يحصل على نسخة جبسية من حجر رشيد وبدأ يقرا النص اليوناني واستطاع انه يترجمه وبعد ان انتهى من اجادة اللغة القبطية فك رموز اللغة الهيروغليفية لأنه استطاع فك النص الديموطيقي بعد ما طابقه باللغة اليونانية الموجوده على الحجر
كان برضه الفضل للالحان القبطية المعروفة حاليا في الكنيسة القبطية المصرية في انها هى اللي حفظت لنا الألحان المصرية القديمة ومقاماتها ودرجاتها الموسيقية الى حد ما عشان كده درس علماء الحملة الفرنسية في كتابهم (وصف مصر) موسيقى الترانيم القبطية في الكنائس والأديرة المنتشرة في ربوع مصر في ذلك الوقت
وعلى الرغم من اقتصار الألحان على الموسيقى الدينية في الكنائس لكن ألحان كثيرة منها تحمل طابع فرح أو حزن أو جنائزي وهو ما جعل علماء الأثار يظنوا ان ألحان الكنائس اغلبها كانت ألحان قديمة أعيد استخدامها في صياغة الترانيم. ولما درسوا مقامات الغناء (المداخل) في الكنيسة القبطية وجدوها عشرة مقامات بتحتوي الترنيمة على مقام واحد أو مقامين مركبين على الأكثر وعلى الرغم من ان المصري القديم لم يتوصل لتدوين الموسيقي (النوتة) لكن الكنائس والأديرة لعبت هذا الدور في حفظ الألحان .. حتى تم تدوين الموسيقي في صورة نوتة موسيقية في العصر الحديث
وفي العصر اليوناني الروماني تأثرت المناطق التي انتشرت فيها الثقافة الهلينستية (اليونانية) بالموسيقى اليوناني لكن الدلتا والصعيد فضلت بعيدة عن الموسيقى الغريبة ومحتفظة بصورتها القديمة اللي حفظتها لنا الألحان الكنسية بصورتها المتنوعة اللي واضح فيها اختلاف الشمال عن الجنوب ودا واضح الى حد ما في بعض الألحان اللي بتحمل اسماء لمدن مصرية مش موجودة حاليا زي (اللحن السنجاري) نسبة لسنجار اللي كانت في محافظة الغربية و(اللحن الإتريبي) نسبة لبلدة إتريب اللي كانت في الصعيد قرب أخميم الحالية. كمان الأنفصال اللي حصل بين الكنيسة القبطية المصرية عن الكنيسة الأرثوذوكسية الشرقية (الروم) لعب دور كبير في المحافظة على اصالة الألحان الكنسية من تأثير الموسيقى الغربية فخرجت مصر من احتلال روماني تعدى الستة قرون محتفظة بهويتها القديمة ولغتها وموسيقاها وعاداتها بنسبة كبيرة بالمقارنة بشعوب اخرى كانت محتله من الرومان.
وإذا كانت المعلومة المتداولة ان الموسيقى اصلها يوناني فجاءت الاكتشافات الحديثة والشواهد الاثرية لتؤكد ان المصريين القدماء عرفوا الموسيقى وابدعوا فيها قبل ماتعرفها الشعوب الأوروبية بقرون طويلة.
بقلم أ : محمد فتحى – مرشد سياحى

1 2

شاهد أيضاً

يتساءل الجهلاء : أليس المحجبات مثل الراهبات؟

إسماعيل حسني الراهبة إنسانة ميتة، صلوا عليها صلاة الميت يوم رهبنتها رمزاً لمغادرتها العالم المادي، …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.