الجمعة , مارس 29 2024
الكنيسة القبطية
مايكل عزيز البشموري

الأقباط وثلاثة حقائق مُفزعة

ببالغ الحزن والأسي ننعي أسر شهدائنا المسيحيين المصريين ، الذين فقدوا ذويهم وفلذات أكبادهم جراء العمل الإرهابي الخسيس الذي وقع يوم أمس الجمعة بمقربة من دير الانبا صموئيل بمحافظة المنيا .

إذا أردنا عَنْونّت ما يحدث للاقباط فى مصر ، فالعنوان الأفضل سيكون : « الاقباط يواجهون الأبادة الجماعية » وممكن نكتب مناشيت آخر تحت عنوان « الاقباط ومعركة البقاء الأخيرة » ، فكل المعطيات تشير بأن المسيحيون المصريون يواجهون هولوكوست جديد ، وهو ما يذكرنا بنفس المشهد الذي تعرض له اليهود فى أوروبا بالقرن السابق من مذابح واعتداءات على أيدي النازيين .

مأساة الاقباط الحقيقية تتلخص فى ثلاثة حقائق مُفزعة سنذكرها تباعا ، ولكن ما أود الإشارة اليه أولاً هو : « لا جدوي من الصراخ أو البكاء ، ولا جدوي أيضاً من إلقاء العظات والمسكنات الروحية ، لان الوضع المسأوي الذي نتعايشه سيستمر على ما هو عليه طالما لن يواجه الأقباط واقعهم المرير بأسلوب برجماتي وعقلاني » .
ثانياً : جميع المؤشرات تقول بأننا أمام عمليات إرهابية نوعية خطيرة ، والشعب القبطي بات تحت مرمي : « نيران الاسلاميين والاجهزة المخابراتية » سواء كانت بالخارج أو بالداخل (!!!) ، وبالنسبة للخارج فهناك أجهزة مخابراتية تابعة لدول تستعدي مصر ونظام الرئيس عبد الفتاح السيسي ، ودماء الأقباط باتت بالنسبة لتلك الاجهزة الورقة الرابحة لتصفية حساباتها مع نظام السيسي وشركائه .

وهذا ما أود إيضاحه أيضاً فمذبحة يوم أمس كانت عمل مخابراتي وليس إرهابي ، وهناك دلائل قطعية تؤكد صحة هذا الادعاء ، وأبرزها تحذير وزارة الخارجية الامريكية مواطنيها المتواجدين فى مصر بوقوع عمل إرهابي مرتقب سيحدث على الاراضي المصرية ( نسبتاً لمعلومات استخباراتية أمريكية تحذيرية ) ، وكان ذلك عشية يوم الأربعاء ، أي قبل وقوع العملية الإرهابية على الاقباط بثماني وأربعون ساعة فقط .
شاهد الرابط :

وإليكم الأن ثلاث حقائق آليمه يتعايشها أقباط مصر :

 الحقيقية الأولي 

 نحن أمام نظام «عسكري ديني» فاشل .. نظام يحتقر الاقباط المسيحيون ويتعامل معهم من منظور ذمي (طبقا لما ورد بالمادة الثانية من الدستور المصري) ، ويتعامل معهم من منظور أمني بالدرجة الأولي .

ويترائ لنا ذلك فى تعامل مؤسسات الدولة المصرية مع الاقباط كونهم طائفة تُهدد أمن الدولة وإستقرارها ، وخطراً يُهدد الاسلام والمسلمين ، وهذا ما يظهر جلياً فى تصريحات التكفير التى تصدر من رجالات الازهر والسلفيين عبر وسائل الاعلام من إزدراء لمعتقدات المصريون المسيحيون ، دون ردع من بقايا الدولة لهم ودون إحترام لشركاءهم بالوطن .

وللمزيد من الاحتقار دأب النظام منذ قيامه عام 1952 وحتى يومنا هذا ، التعامل مع بطريرك الاقباط على اعتباره : « الممثل السياسي الشرعي الوحيد المسئول عن المصريون المسيحيون أمام الدولة » ، الامر الذي أدي تقوقع الاقباط داخل جدران كنائسهم وصوامعهم مثلما كان الحال متبع زمن الغزاة العرب وعصر المماليك قبل عهد محمد على باشا .

الحقيقة الثانية 

 نحن أمام صراع دموي على السلطة بين نظام العسكر والإسلاميين فى مصر ، والحقيقة المفزعة هنا هو أن الإسلاميين باتوا يستعدون الاقباط رسمياً ويناصبونهم العداء والهجوم … لاحظوا معي بأنني أستخدم مصطلح :

« الاسلاميين » وليس : « داعش » .. لان مصطلح داعش هو مصطلح هُلامي لا وجود له على أرض الواقع ، ويُراد به تعميم كل الجرائم التى يتعرض لها الاقباط ، ومن ثم إلقائها على عاتق « كيان وهمي » تُعلق عليه تلك الجرائم كشماعة .

وفى الحقيقة الاسلاميين يرون فينا كأقباط القوة الحقيقية التى تمكنت من أسقاط مشروعهم السياسي ، ونظامهم الاسلامي فى مصر ، بسبب تدخل الكنيسة المباشر في العملية السياسية ، ودعمها للانقلاب العسكري على الرئيس المعزول محمد موسي عام 2013 ، وتحالف بابا الكنيسة القبطية مع قادة الانقلاب العسكري .

وهو الامر الذي أدي للمواجهة المباشرة بين الأقباط والإسلاميين – هنا – مكمن الخطورة فقد فُتح على الاقباط العزٌل أبواب جهنم بسبب تدخل قياداتهم الكنسية بهذا الشكل المباشر فى العملية السياسية ، فباتوا تحت مرمي نيران الاسلاميين ، الذين استباحوا دماءهم ونسائهم وأطفالهم دون رحمة أو شفقة ، وفجروا دور عباداتهم دون هوادة ، وكل ذلك للانتقام من قيادتهم الكنسية المتواطئة مع نظام السيسي ، وأود القول بأن على المجمع المقدس لكنيستنا القبطية الارثوذكسية وعلى رأسهم قداسة البابا تواضروس الثاني تحمل المسئولية كاملة فيما يتعرض له شعبهم الأعزل من مذابح دموية لتدخلهم فى اللعبة السياسية بشكل مباشر .

 الحقيقة الثالثة 

المجتمع القبطي أصبح اليوم مجتمع ديني منغلق على ذاته ، وتسيطر عليه الطائفية والمذهبية ، وأصبح لدّي الطائفيين الاقباط منابر دينية وإعلامية كبيرة يعملون من خلالها على تغييب العقل القبطي وإلهاء الاقباط عن قضاياهم المصيرية وإشغالهم بقضايا دينية لا قيمة لها .
لقد بات الاقباط اليوم فى حيرة من أمرهم :

لا يعلمون ماذا يريدون ؟ ولا يعرفون ماذا يفعلون ؟
لا يعلمون ماذا يريدون ؟ هل يريدون دولة مدنية وعلمانية حديثة ؟ أم يريدون دولة دينية مثلما قال الانبا بولا بإحدى تصريحاته : « نشكر الله بأن مصر ليست دولة علمانية مثل أمريكا وفرنسا » ؟!

« لقد أختار الاقباط الدولة الدينية عندما منحوا الشرعية السياسية لقادة « الكنيسة المصرية » الذين تناسوا بدورهم صفتهم الدينية والرعوية ، فتحالفوا مع السلطة الزمنية ، وإختاروا مسيحاً آخر غير مسيحهم ، ليخلصهم من الاخوان وزبانيتهم ، فنبذ قادة الكنيسة مصطلح الدولة المدنية بمحض إرادتهم بموجب منحهم المادة الثالثة من الدستور المصري ، لتحقيق أهداف دينية وأيدلوجية بعينها ، وها هي النتيجة لم ينعم شعبهم لا بالامن ولا بالسلام ولا بالاستقرار » .
كلمة أخيرة : « إن الله لا يغير بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم » .
مايكل عزيز البشموري
المتحدث الإعلامي للهيئة القبطية السويدية

شاهد أيضاً

يتساءل الجهلاء : أليس المحجبات مثل الراهبات؟

إسماعيل حسني الراهبة إنسانة ميتة، صلوا عليها صلاة الميت يوم رهبنتها رمزاً لمغادرتها العالم المادي، …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.