الخميس , مارس 28 2024

الكشف المستعجل.

بقلم: ناصر النوبى
ذهبت جارتنا الي عيادة طبيب الاطفال بالاقصر ،ومعها زوجها وهو من فلول الثوار ،فقد كان ثائرا كبيرا ايام الثورة ،واصابته حالة من اللامبلاة بعدها ،فلم تتحق احلامه وطموحاته ،بل كان مديرا لشركة سياحة ،واقفلت شركته وتشرد طوال ٦ سنوات دون عمل بعد ان صرف كل مدخراته ،وهو ليس الوحيد الذي تعرض لذلك ،فكل اصحابه وزملائه وجيرانه فقدوا اعمالهم واصبحوا دون عائل او اعانة بطالة وهو اب لخمس بنات ! قالت له زوجته هل سوف ننتظر دورنا والعيادة مملوءة بالاطفال ،اكثر من خمسين امرأة وخمسين طفل ؟! قال لها زوجها فلنسأل التمرجي الذي قال له يمكنك ان تكشف كشفا مستعجلا وامامك فقط ثلاث حالات ،اما اذا كنت تفضل الانتظار حتي الخامسة عصرا فلا مانع لدينا!
نظر الي زوجته الملهوفة علي رضيعها وقال لها هل ندفع كشف مستعجل بفارق ٥٠ جنيها عن الكشف العادي ام ننتظر ؟! قالت له لن انتظر فانا قلقانة جدا علي فلذة كبدي..! وبالفعل كشفوا بعد ثلث ساعة من دخولهم العيادة، ولما اطمأنت الام علي رضيعها بعد ان زاره الطبيب وطمأنها الطبيب وكتب له علاجا بعض المراهم ودواء للشرب ،وبينما يشترون الدواء من الصيدلية التي توجد تحت العيادة قالت له زوجته انها حزينة وانها تحس بالاثم لانها تجاوزت جميع الاطفال وجميع الفقراء الذين لم يستطيعوا ان يدفعوا مثلها الكشف المستعجل،
قال لها زوجها وماذا افعل الان بعد ان قمنا بالكشف ،لماذا استيقظ ضميرك الآن بعد ان قمنا بالكشف!
قال لها زوجها الذي كان ثائرا من قبل ،لن تتوقف هذه المرأة عن عادتها في وخذ ضميري الذي وضعته في الثلاجة ،نظر اليها معنفا انك تقتلين القتيل وتمشي في جنازته !
لقد كنت خائفة علي صحة ابني الرضيع وملهوفة وانا ام لا استطيع التحكم في مشاعري ،لكن ضميري الان يوخذني ويعنفني ويحاكمني فانت تعرف ان نفسي لوامة ،بينما ينظر اليها زوجها وهو يلتقط انفاسه ، لن اتكلم مرة اخري علي ان الطبيب بلا ضمير وهو المسؤل عن ذلك ،وانه هو الذي حدد اجرة الكشف خيار وفاقوس
او ان اقول لماذا لا يعترض الناس بالعيادة ،وكيف يعترضون بما انه مكتوب كشف مستعجل ،وكشف عادي فلن يعترض احد ،قالت زوجته وقد زاد وخذ ضميرها انني اخذت حق كل الامهات وان النظام الفاشل للعيادة هو الذي اجبرنا ان نكون بلا اخلاق ،والغريب والطريف بعد كل ذلك قالت له ان الطبيب شاطر
قال لها زوجها توقفي من فضلك عن وخذ ضميري فانا اصبحت الان بعد ٦ سنوات بلا ضمير بلا اموال وليس لدي رغبة في ان افكر في تغير المجتمع الذي لن يتغير
فهم يفضلون القهر ويفضلون الذل علي الكرامة ،فسوف افعل مثلهم ربما يكونون هم علي صواب وانا المخطأ ،انهم يفترشون ارضية العيادة ويجلسون علي السلم ،وتدخلين انت وتسبقيهم ،ويبتسم لك الطبيب الذي اتخمته الملايين بالبنوك ولا يشتري عيادة اخري اكثر اتساعا او يضع مواعيد ونظام يحترم فيه مرضاه ، اعتذر يا زوجتي الحبيبة عن ان اعود ان افكر من جديد ،فقد تعبت واعياني التفكير وتركني الامل ومات ضميرى الذي مازال يقفز مثل ديل السحلية وتعتقد ان به حياه رغم انفصاله عن السحلية نفسها التي اصبحت بلا ذيل !!

 

شاهد أيضاً

يتساءل الجهلاء : أليس المحجبات مثل الراهبات؟

إسماعيل حسني الراهبة إنسانة ميتة، صلوا عليها صلاة الميت يوم رهبنتها رمزاً لمغادرتها العالم المادي، …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.