الثلاثاء , أكتوبر 8 2024
ماريا ميشيل اخصائية نفسية

الانتحار ما بين الهستيريا و الاكتئاب

ما هى الاسوى لحظات قليلة تفصل ما بين النور و الظلمة تفرق بين الحياة و اللا حياة , تكشف الموت من اللاموت, تذهب بنا من اشراقة النهار و تأخدنا الى اظلام الليل اوقات حاسمة يسودها مهابة مريبة , و يعتريها صمت رهيب و لا من شئ يستطيع ان يكسر حاجز الصمت ذلك المنيع سوى بعض الصراخات المدوية التى تنتشر اصدائها فى حيثما المكان, او احيانا لا من قوة تقدر على كسر هذا الصمت فتتوقف عجلة الزمان حينئذ و هنا تجد ما يسرق انتباهك قسرا لتبحث عن ضحية هذا الحادث الاليم فيأخذك ذهنك فى دوامة من التساؤلات و موجة من الاستفسارات مفداها هل حقا يوجد من يجرئ ان يستوقف حياته عند تلك اللحظات ؟ ام كل ما يفعله مجرد محاولات واهية ؟ و لتجد جوابا يفسر غموض ذلك التساؤل علينا ان نعرف المزيد حول تفسير ظاهرة الانتحار ما بين الهستريا و الاكتئاب
و فى هذا يوضح لنا ا.د احمد عكاشة استاذ الطب النفسى بجامعة عين شمس بعض الخصائص التى يتميز بها كلا من مرضى الهستريا و مرضى الاكتئاب لنفرق بينهم فى تلك الظاهرة

فمريض الهستيريا : دائما لدية حاجة ملحة لان يكون موضع تقدير و اهتمام من الاخرين و كل سلوكياته تدور فى هذا المحور فنجده يلفت الانتباه احيانا بايحاءات جنسية او بجاذبية بدنية و يحب المجاملات و الاختلاط بوسط اجتماعى و يعانى من تذبذب مزاجى و عدم ضبط انفعالاته و يلجأ للهروب من بعص الصراعات النفسية بمحاولات انتحارية واهية
اما مريض الاكتئاب : شخص حساس و ضغوط الحياة لديه تخلق بداخله صراعات حادة تجعل مزاجه متدنيا بشكل ملحوظ , يرى الحياة بنظرة سوداوية فلا يستمتع بشئ من مباهجها و حالته المزاجية تؤثر على كل اوجه حياته فيعانى من القلق و الارق و فقدان الشهية و خسارة الوزن , و يكون نهبا لامراض عضوية شتى, فيفكر جديا فى التخلص من الحياة

و من هذا المنطلق عندما يقبل مريض الاكتئاب الى الانتحار تكون محاولاته جادة لانه يسعى للتخلص من حياته بالفعل بينما مريض الهستريا فغالبا ما تكون محاولاته واهية و الهدف منها لفت انظار الاخرين لاستدار العطف
و هذا يؤثر على الوسيلة التى يلجأ كلا منهما للانتحار فالاكتئابى يستخدم وسائل قاسية لاتمكن من انقاذه مثل ( السم, قطع الشرايين, الاسلحة النارية… الخ)
و محاولاته الانتحارية غالبا ما تكون ليلا حتى لا يشعر به احد
اما الهستيرى يستخدم اساليب انتحار مشهدية لجذب الانظار حوله و محاولات انتحاره دائما ما تكون غير حقيقية و لا تهدف للموت بقدر جذب الانتباه فنجد انها تتم صباحا و تكون بطرق تمكن الاخرين من انقاذه (كمحاولة القاء نفسه من مكان مرتفع , اغراق نفسه, الارتماء فى الطريق العام … الخ)

و ها نحن امام ظاهرة خطرة تهزعرش الصحة النفسية العالمية و مهما تعددت اشكالها و مسبباتها فنجد ان النتيجة واحدة و هى هدر العديد من الثروة البشرية و علينا ان نكرس الطاقات و نبذل الجهود لدراسة هذة الظاهرة شموليا و نتكاتف للحد منها قدر الامكان و المضى قدما لتحقيق مناعة نفسية تحصنا ضد ذلك الوباء المدمر
اخصائية نفسية
ا.ماريا ميشيل
mareya2000@hotmail.com

 

 

شاهد أيضاً

الكنيسة القبطية

بين الأيدولوجيا والتكنولوجيا

ماجد سوس على مدى التاريخ لم يُعرف سلاح أقوى من حرب الأفكار ومن ينتصر فيها. …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.