الأحد , أبريل 28 2024
شحات خلف الله عثمان

المصلحة

بقلم .شحات عثمان كاتب و محام
بعد إنقطاع عن الكتابة لفترة زمنية أعود لكم بمقال هام يلامس الكثير من شرائح المجتمعات وهو عن (المَصْلَحة ) .
المصلحة مرادف لمعني ومكان فالمعني دوماً هو من يجد منفعة أو فائده فى شئ معين، أما المكان فالمقصود به جهة ادارية معينة أو مؤسسة خدمية تقوم بتقديم خدماتها للأفراد والمؤسسات فى المجتمعات.
ومقال اليوم يتناول لفظ المصلحة من ناحية المعني وبالتدبر قليلا فإننا نلاحظ كثيراً ارتباط هذا اللفظ فى المجتمعات بالإنانية وحب الذات دون مراعاة لمصالح الأخرين فيقال فلان صاحب مصلحته وفلانه صاحبة مصلحتها وكل واحد يشوف مصلحتة ، مما أدي الى إختفاء لفظ الإيثار والتضحية وبذل المال والجهد فى مساعدة الأخرين وهو ما يتناقض مع التعاليم الروحية والأخلاقية فى المجتمعات التي أصبحت عادات موسومة بالغباء والهبل إن فعلها البعض ويصبح حامل بقاياها بالإنسان العبيط المضحوك عليه من الآخرين .
إن المصلحة الفردية وتغليبها على المصالح المشتركة سرطان لعين ينخر فى عظام المجتمعات يؤثر بصورة كبيرة فى تماسك المجتمعات وترابط الأفراد بينهم البين وهنيئا لمن جعل الإيثار نبراسا ومصباحاً يضئ به ظُلمات الإنانية .
أثناء الكتابة تبادر الى ذهني مراحل الدراسة التأسيسية وتحديداً احد دروس اللغة العربية وقصيدة الشاعر (إيليا أبي ماضي ) بعنوان التينة الحمقاء والتى قال فيها:
و تينة غضة الأفنان باسقة قالت لأترابها و الصيف يحتضر لأحبسنّ على نفسي عوارفها فلا يبين لها في غيرها أثر كم ذا أكلّف نفسي فوق طاقتها و ليس لي بل لغيري الفيء و الثمر
هل شاهدنا هنا حب الذات والأنانية ونزعة المصلحة الخاصة لدي هذه الشجرة التى رأت انها تقدم للغير الكثير دون رد فعل من الأخرين وعندما أصرت على ذلك الفعل أستطاع الشاعر توصيف حالها عندما حضر شهر الربيع وظلت باقيه على حالها وكيف تعامل معها راعي البستان
فقال الشاعر :
عاد الربيع إلى الدنيا بموكبه فازّينت واكتست بالسندس الشجر
و ظلّت التينة الحمقاء عارية كأنّها وتد في الأرض أو حجر
و لم يطق صاحب البستان رؤيتها ، فاجتثّها ، فهوت في النار تستعر
من ليس يسخو بما تسخو الحياة به فإنّه أحمق بالحرص ينتحر
صدق الشاعر فى التوصيف والتعبير وترك لنا درساً لم أنساه يوماً فى حياتي وهو أن الإيثار والتضحية دون انتظار مقابل من الأخرين هو من يجعل للحياة معاني جماليه وإن حب الذات وتغليب المصالح الخاصه الفردية على المصالح المشتركة بداية النهاية للشخص .
فهنيئا لمن كان همه مصالح المجتمع فى المقام الأول وليتدارك من حب ذاته ونفسه ما بقي له فرسولنا صل الله عليه وسلم أمرنا بغرس الفسائل حتى قيام الساعة ولا تدري ستأكل منها يوماً أو لم تأكل يكفيك فقط إنك كنت إنسانا إيجابيا فى المجتمعات

شاهد أيضاً

ليلة أخرى مع الضفادع

في ضوء احداث فيلم الوصايا العشر بشأن خروج بني اسرائيل من مصر التى تتعلق بالضربات …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.