الخميس , مارس 28 2024

القدوة بين التنظير والتطبيق .

الدكتور / صلاح عبد السميع
القدوة هي عبارة عن الشخص والمثال الأعلى الذي يُقتدى به والنموذج المثالي في تصرّفاته وأفعاله وسلوكه، بحيث يُطابق قوله عمله ويُصدّقه، ويكون القدوة بالنسبة لأتباعه مثالاً سامياً وراقياً، فيعملون على تقليده وتطبيق نهجه والحذو حذوه، وينبع تقليدهم إياه من الإرادة والقناعة الشخصيّة للمقتدي، لا بالضغط الخارجي أو الإلزام من جهة القدوة بذلك، والهدف من اتباع القدوة الرقي لأعلى مستوى من الأخلاق والتعامل والعلم.

خير قدوة كان الرسول صلى الله عليه وسلم ثم الأنبياء والمؤمنين فقد كان رسول الله مربياً عظيماً وهادياً بأخلاقه وحكمته وسلوكه، فهو قرآنٌ يمشي على الأرض. قال تعالى: (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللهَ كَثِيرًا) [الأَحْزَابِ:21

وعند النظر والتأمل فى الواقع المجتعى الحالى نجد أن هذا المفهوم قد تقلص وتوارى ، ولم يتبقى منه الا التقليد الأعمى فى غالب الأمور نتيجة ضغوط الاعلامية موجهه بشكل سلبى للمجتمع ، فقد غاب مفهوم القدوة فى الخطاب التربوى الهادف الذى يبنى حضارة الأمة ،غاب مفهوم القدوة الذى نبحث عنه لكى ينشر الطمأنينة فى نفوس الشباب ، ولعلى اعلم يقينا من خلال مقابلاتى للعديد من الشباب ، ان غالبهم قد اصيب بصدمة فى كثير من الشخصيات والرموز التى كانت يوما ما تمثل لهم قدوة .

ان المجتمع المصرى بشكل خاص فى حاجة الى استعادة المفهوم وترسيخه فى نفوس ووجدان الأطفال بشكل خاص والشباب بشكل عام ، ولكى يتم تاصيل المفهوم على وسائل الاعلام أن تباشر دورها فى اختيار النموذج والقدوة والتسويق له بشكل موضوعى وصادق ، وليس اختيار النماذج السلبية والتسويق لها . ان القدوة فى مجالات الحياة المختلفة له صفات يجب أن يمتلكها منها ايمانه بالفكرة ، وسعيه الى التعلم الصحيح المبنى على الوعى والفهم ، ثم تطبيق ما تعلمه بشكل جيد ، ويسعى دوما الى تحصيل ما ينفعه ، ودائما ما يتأكد من صحة المعلومه ودقتها .

ولعلنا نرى نموذج القدوة فى المجال الرياضى وبخاصة فى كرة القدم فى الوقت الراهن حيث يمثله اللاعب محمد صلاح المحترف فى انجلترا والذى اثبت للعالم انه نموذج للعطاء فى اللعبة ومن قبل فى الأخلاق بحصوله على جوائز كثيرة جعلته نموذجا فى عيون وقلوب ابناء مصر بل ابناء الأمة كلها .

لم يكن تألق محمد صلاح من فراغ انما نتيجة تدريب وتعلم وعرق ليل نهار ومن قبل ذلك توفيق الله سبحانه وتعالى له .
ان القدوة التى لا تؤسس فى اطار من الايمان الحقيقى لن يكتب لها الاستمرار فى عقول ووجدان من يقتدى بها ، ولهذا مطلوب من المجتمع ان يركز على صناعة وتربية القدوة ، مطلوب من المؤسسات التربوية والتعليمية أن تختار الشخصيات التى يجب أن يقتدى بها الأطفال والشباب اذا اراد الوطن ان يتقدم وأن يرتقى .
ان من يرصد الواقع الذى نحياه يستشعر الخطر فى ظل فوضى الفضائيات والانترنت ، ويعلم يقينا أن واجب الاعلام الذى يفتقد الميثاق الاعلامى ان يؤسس لبناء قيمى لمجتمع كاد أن يفقد ما تبقى لديه من منظومة قيمية حافظ عليها على مدار تاريخه .

علينا أن نستثمر رمضان فى أن نستعيد مالدينا من قيم ، وان نعلى ما نملكه نماذج حقيقية تمثل قدوة فى مجالها ، والى ان يحدث ذلك علينا ان نتعلم كيف نربى القدوة وكيف نؤسس لها فى مجتمعنا وفى عالمنا الذى نحياه … والى الملتقى

شاهد أيضاً

يتساءل الجهلاء : أليس المحجبات مثل الراهبات؟

إسماعيل حسني الراهبة إنسانة ميتة، صلوا عليها صلاة الميت يوم رهبنتها رمزاً لمغادرتها العالم المادي، …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.