الخميس , أبريل 25 2024
دكتور أيمن إبراهيم الشافعي

رحيم ونسر الصعيد ..الفارق بين الانتاج الفنى ودكان عم عبده الحلاق

 

بقلم دكتور أيمن إبراهيم الشافعي

للمره الرابعه عن دراما رمضان اكتب ، لكن فى السطور القادمه احاول جاهدا ان احتفظ بقدر لا بأس به من العدل والحياديه ومن الادب !!
مبدئيا نتفق ان الاستثمار فى اى مجال كان ليس عيبا ولا نقيصة يحاسب عليها صاحبها ، الفنون من ضمن هذه الفرضيه بشرط ان يكون الهدف الاسمى هو الارتقاء بالمجتمع والاحتفاظ بقيمة الفن فى تلك الاعمال واحترام العقل والمنطق و التحيز للابداع .
منذ اللحظات الاولى فى دراما رمضان هذا العام وانا شعرت ، ان هناك اعلانات مدفوعة الاجر- تسمى مسلسلات – موجهه تماما مثل اعلانات تجهيز الشعب لزيادة اسعار الوقود التى عيدت بها السلاطين على شعوبها هذا الصباح

بالتواز مع وجود اعمالا درامية ترق لان تكون عالميه وهو الذى جعلنا نتمسك بالامل فى إشراقة صباح ندى يوما ما ، ستلفظ فيه الفنون كل الدخلاء عليها من محترفى البيزنس المضمون !!


ذكرتنى الاعمال الدراميه هذا العام واخص بالذكر مسلسلين تابعتمها بدرجه زوم ان Zoom In , لتتركز عدسات عقلى ودرجة استيعابى فاصبحا – المسلسلين – تحت دائرة الضوء Focused , بكامل استيعابى الشخصى لهما على زعم انى فهمت جيدا الرساله والمغزى من وراء اعلان مدفوع الاجر اسمه نسر الصعيد ، وفن رائع منطقى جدا وراق جدا اسمه رحيم

بالبحث خلف العملين وجدت شركتى انتاج احداهما انتجت العام الماضى ظل الرئيس وغيرها من الاعمال الراقيه التى لها صلة وثيقه بالفن الجميل والأخرى انتجت اعمالا بدرجة دكان عم عبده الحلاق فى سوق الجمعه الذى له صلة وثيقه ببيزنس عصر (الاومبو لأ) !!


والفارق جلى جدا بين لولاكى التى ازعجت اسماعنا فى التسعينيات وانت عمرى التى ما زالت تمتعنا حتى اليوم !!
المنطق يحكم بانه ليست هناك جريمه كامله ولا نجاح كامل لمفسد ولا دوام لخطيئه وهو ما ابرزه رحيم فى لوحات دراميه مبهره دعمتها موسيقى ثريه جدا تخللها صوت مدحت صالح فى ثلاث صور تشبعت بالمنطق والمبرر الدرامى ، منها مشهد.

البر بالوالد الذى سيخلد على جدران الزمن كواحد من اروع مشاهد الدراما المصرية ( رحيم يزيل اثر الزمن وغدر الناس بوالده )

ومشهد رحيم وحبيبته على البحر فى الغردقه ، والثالث مشهد النهايه المؤثر للغايه والاغنيه المصاحبه لموت رحيم !!

فريق عمل من مؤلف ومخرج ومخرجه منفذه وكاست عمل اكثر من رائع تدعمهم شركة انتاج فنيه بمعنى الكلمه حتما ستكون محصلة ذلك عملا قيما مؤثرا جدا ، بصمه خالده تذكرنا بالكثير وبقيمة الفن ودوره فى التغيير ، رحيم ( ياسر جلال ) ، عماد ( صبري فواز ) وباقى كاست العمل اجمل واخلص شابوه Chapeau لهم جميعا على رقيهم واحترامهم لعقولنا وتقديرهم للفن وقيمته ودوره المنوط به

ذكرونى جميعا بالاعمال الفنيه الخالده التى تقام على اساس فنى ، بهدف فنى فى المقام الاول وليست مجرد استثمار نقدى الهدف الأول منه هو الربح المادى !!
على منحى اخر منتج وشركة انتاج كل هدفها ( انت مال اهلك بفلوسى ) التى سمعتها بأم اذنى يوما ما من مؤسس تلك الشركه وان جاز التعبير دكان عم عبده الحلاق
كل همهم الربح المادى وبالتالى وحتما ( لقد وقعوا فى الفخ ) انزلقوا فى حفرة سحيقه مع فنانهم المدلل حيث لا عودة متوقعه على الاقل على المدى القريب للفن !!
التركيز عندهم كان مستقرا كما وضح منذ البدايات فى هذا الخزى على الرسائل الموجهه فأفقدوا الفن قيمته وجعلوا من عمل المفترض انه فنيا – ككتاب فى قريه – او اعلان ممل سمج على شاكله ( هالله هالله ع الفانله) ، واصبح كما هو واضح انه وعلى العكس فن وليد استثمار وليس كما هو مفترض استثمار يأت وليدا للفن !!

عملا خاليا من اى قيمه ، الا من ابداع لا يفوقه حد للممثله التى طيبت خاطرنا جميعا وجعلتنا نجلس امام التلفاز يوميا لنشاهد ركاكه مشروع دكان عم عبده الحلاق ، فى انتظار مشهد ولو لثوان قليله يحمل ارتعاشة شفاه مبدعه لتلك الفنانه وهى تحمل كلمات العشق وحتى القلق بمضمونها ، فنانه جميله غالبا كانت تستحق سيناريو وكاست عمل ومنتج يقدر ويثمن قيمة الفن ، فنانه كان الاولى ان تتسع مساحة الدور لها حتى تزيح اثر هذه السقطه عن جميع من ساهموا فى العمل و لو بقدر بسيط حتى يترك المسلسل- ولو اسمه فقط – عالقا بأذهان الناس !!

الفارق رهيب بين الاستثمار فى الفنون كقيمه اولى فى اى عمل فنى ، وبين فن الاستثمار كقيمة وحيده فى البيزنس !!
الفارق رهيب بين ابراز مساوىء المجتمعات وايجاد الحلول المثلى لها وتهذيب الواقع وبين محاباة السلطان والتحدث بلسانه واظهار وجه القمر دون وحل الارض , وكأننا نعيش على كوكب اخر والهدف بالتأكيد المكاسب الاتيه حتما من عطايا السلطان وهبات حاشيته !!
الفارق رهيب بين منطق بفلوسى ومنطق بفلوس المشاهدين الذى لا ينحون اسقاطات التاريخ بمكوناته جانبا ابدا !!

الفارق رهيب لمن يعى الفارق بين الفن الذى يساهم الى حد بعيد فى تطوير المجتمعات وبالتالى مكسبه المشروع الذى بالتأكيد يأت من ورائه ، وبين دكان عم عبده الحلاق الذى يحمل اسقاطات الحكاء ، الواشى ، الذى يهلب من جيوب الزبائن واقفيتهم وأذانهم التى ملت حكاياته ووشاياته وركاكته !!

تحية حب وتقدير واعزاز لعائشه بن احمد التى اسرت قلوبنا ووعينا فى دكان عم عبده الحلاق المسمى بنسر الصعيد ، ولكل كاست عمل رحيم وعلى رأسهم المنتج والمخرج والمخرجه المنفذه والفنانين صبرى فواز وياسر جلال الذى اسروا عقولنا وقلوبنا وثقافتنا وانتابهنا فى عمل رائع بكل معنى الكلمه فخلدوا اسماءهم واثروا اوقاتنا بقيمة وقامات وصور رائعه وفن راق طيب خواطرنا ..

Sabry Fawwaz
صبري فواز

شاهد أيضاً

الكنيسة القبطية

الضابط شفتيه، فطين

ماجد سوس تفاح من ذهب في مصوغ من فضة، كلمة مقولة في محلها. تلك المقولة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.