السبت , ديسمبر 7 2024
الأقصر
قصر توفيق أندراوس

منزل جالب النور للأقصر يتحول سكناً للظلمة وملجئاً للكلاب !!؟؟

بقلم / ياسر العطيفي

إن تاريخ أى أمه هو تريموميتر للحظات صعودها وهبوطها وبطولاتها وتأثيرها وتقدمها على صفحات الدنيا ،وهو الجذور الثابتة لأصالة أى شعب وعراقة ونقاء جذورة 
وفى ظل بحث العديد من الدول وبعض الشعوب عن تاريخ وحضارة ومجد حتى لو وهمي لإضافة عمق وثقل تتباهى به أمام أبنائها والشعوب الاخرى ،نأتى نحن عن تعمد وجهل ودونما تحمل لأي مسؤولية لنطمس مجد وتاريخ وحضارة حتى لم نتعب عليها بل ورثناها ونفرط فيها دونما إكتراث ونحن أحوج إليها فى عالم متخبط فى أمواج متلاطمه من ضياع الهوية وطمس أمم وحضارات بأكملها بل والسطو عليها !!؟؟ في عام 1879 شيدت عائلة “أندراوس” قصر توفيق باشا، خلف معبد الأقصر على كورنيش النيل، ليكون أحد القصور التاريخية، وشاهدا على حكايات وبطولات وطنية عديدة 


واستضاف قصر توفيق باشا والذى كان من مؤسسي ثورة 1919 رموزا تاريخية مصرية كان لها علامات فارقة فى تاريخ هذا الوطن مثل سعد زغلول، و الإمام محمد عبده، وامبراطور أثيوبيا، وجميع قناصل الدول،ولمن لا يعرف مدى أهمية هذا القصر التاريخية ورفعه ودورصاحبه الوطنى ومدى مشاركه هذا المكان فى وقت فارق من تاريخ الوطن سأسرده لكم بإختصار وبساطه ….


توفيق باشا أندراوس، كان عضوا بمجلس الأمة عن حزب الوفد بعد ثورة 1919 ونائب الأقصر لثلاث دورات بمجلس النواب فيما بعد، ولم تنتخب الأقصر نائبا غيره حتى وافته المنية أثناء إعداده للمؤتمر الوطني في السادس من يناير 1935،وكان أندراوس باشا بشارة من أثرياء مصر وقام والده بوقف مائة فدان لخدمة مساجد وكنائس الأقصر مناصفة وأوقف عشرة أفدنة لخدمة المدرسة الصناعية لأنه كان يؤمن أن الصناعة والحرف تشكل المستقبل لشباب الأقصر ثم قام ببناء مدرسة الأقباط التي مازالت قائمة وبني مسجد المقشقش ومسجد المدامود وجمعية الشبان المسلمين والعديد من المشروعات الخيرية،تصدر توفيق أندراوس صفوف الثورة (1919) ووهب لها عمره, حيث حاول القصر الملكي أن يثنيه وعرض عليه أحمد حسنين باشا -وكان زميلا له في جامعة أكسفورد- رغبة الملك فؤاد في تعيينه سفيرا في لندن على أن يترك سعد زغلول، فكان رده الرفض بشدة،وعندما نفت السلطات سعد زغلول ورفاقه علم توفيق أندراوس أن أم المصريين صفية هانم زغلول تشكو من نضوب خزينة الوفد، فما كان منه إلا أن باع سبعمائة فدان ووضع ثمنها تحت تصرف أم المصريين للصرف على الحركة الوطنية،وفى رحلة سعد زغلول النيلية إلى الصعيد

استقبله توفيق اندراوس على رأس أهالي الأقصر وماحولها رغم كل محاولات بدر الدين بك مدير الأمن العام أيامها وكان في عنفوان قوته وجبروته ولم يهب توفيق أندراوس قوات بدر الدين وأسلحته التي حاولت الحيلولة دون رسو باخرة سعد باشا في الأقصر بحجة دواعي الأمن، فتصدى لهم توفيق باشا أندراوس واستقبل سعد بمنزله وكان اجتماعا تاريخيا مشهودا للوطنية في الصعيد في سنة1921 ودوت الجماهير بهتافها المدوى يحيا سعد وهتف سعد زغلول “بل يحيا توفيق أندراوس”،ويذكر التاريخ أنه نتيجة لجهوده، دخلت المياه النقية والنور إلى الأقصر قبل محافظة الجيزة وكان له العديد من الموافق البرلمانية الوطنية المشهودة ،ومات توفيق أندراوس في ريعان شبابه ووافقت وفاته مناسبة لاتتكرر، باجتماع عيد الفطر المبارك وعيد الميلاد المجيد في يوم واحد، فخيم على الأقصر الحزن العميق وخرجت جماهير الأقصر وقوص وأرمنت في موكبه الحزين وشهدت جنازته العديد من الشخصيات منهم مكرم عبيد باشا سكرتير الوفد وتوفيق دوس وزير المواصلات ونقيب الأشراف محمد أبو الحجاج الحجاجى والعلم الجليل الحسين الحجاجى،ويحتوى قصر توفيق باشا على العديد من التحف النادره والاثاث الراقى ..

وفى ظل ما شهده هذا المنزل من زخم تاريخي وبدلا من أن تستغل سلطات الاقصر مكانته التاريخيه تلك لإضافتها للأقصر كعلامه من علاماتها التاريخيه المميزة وتحيلة إلى مزار تاريخي أثري أو حتى فندق صغير لأثرياء العالم عاشقى التاريخ والتراث والفخامه والمستعدون أن يدفعوا ألاف الدولارت من أجل الإقامه فى تلك القصور التاريخيه أو حتى أن تحيلة بمحتوياته تلك لمطعم ملكى فخم لملوك ورؤساء العالم وصفوته يدر على أقصرنا الخير بمكانتة التاريخيه وأحداثة وإطلالته الفريدة على معبد الاقصر ونهر النيل ،نجده يتعرض للإهمال والتجاهل لدرجه أن تقطنه الكلاب ويتحول لمرحاض للحيوانات وسكناً للظلمة !!؟أى عقول يا سادة نملك!!؟ تاريخنا وحضارتنا ليست فرعونية فقط ،فما بين الفراعنه ونحن قرون من المجد التاريخي والمصرى كيف نسقطها بعبثيتنا ونتجاهل أجيال بأكملها سطرت مجدا لهذا الوطن !!؟إن ما يحدث هو جريمة بكل المقاييس فى حق هذا البلد وتاريخه وأهلة جميعاً ففي يوم من الأيام كان هذا البيت هو بيت الأمه والوطنية للأقصريين وملجأئهم من الظلم وبيت نائبهم الذى إختاروه نائباً عليهم طيلة حياته وحتى موتة لأمانته وكرمه وحرصه على أهل الاقصر هل يستحق منا أن نرد له الجميل بتلك الطريقة المهينة ،أم أصبحنا لا نوقر تاريخاً ولا حاضراً حتى عميت أبصارنا وبصائرنا فلا نرى مستقبلآ

شاهد أيضاً

بحبك يا مصر

بقلم الاعلامي /  رافت بسطا أحبها حتى الجنون.. ورغم كل الخلافات التي بيننا الا انني …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.