الجمعة , مارس 29 2024
محفوظ ناثان
محفوظ ناثان

أزمة عائلية .

محفوظ ناثان
ما ان قرع الاب الباب حتى هرع الابن الأصغر ذو الثلاثة أعوام ليفتح لاباه ويستقبله وكأنه شاب يافع له كل الوعي وكامل الإدراك . حضنه الاب بقوة الابوة الحانية ، وأخذ بقية أفراد الاسرة في حضنه ايضا وكأنه كان على سفر. دخل لكيما يبدل ملابسه ريثما يجهز الطعام.
انتهت الزوجة اللطيفة الجميلة التي تشع بحبها وحنانها في كل ارجاء المنزل من أعدد الطعام ، وجلس جميع أفراد المنزل يحتسون الشوربة ويتلذذون بطعام لذيذ وشهي وراءه مجهود عظيم وحب اعظم.
ما اروع ذاك المشهد الذي قلما ان نجده ! مشهد يعلوه الفرح وتكسوه المحبة وتمنطقه الوداعة والسلامة.
من منا لا يتمنى ان يعش هذه الحياة طول الدهر ؟ من منا لا يطمح ان يعش في كنف أسرة في محبة كاملة وسلام تام اروع ايام حياته، يوجد على الارض وكأنه يعيش حالة من الابدية؟!
يقول العلماء ان 85 % من شخصية الفرد تتكون في العش10رة سنين الاولى من حياته.
فكلما اولت الاسرة اهتماماً بأبنائها وغرست فيهم المباديء والقيم الاخلاقية والفكرية، كلما كانت حياة الآباء والأبناء جميلة على حد سواء . ومن ثم مجتمع صحيح تقل فيه الجريمة والتطرف، ويعلوه قيم التسامح والإخاء .
ربما يجد البعض صعوبة في تنفيذ ما اقول لان هناك أزمة عائلية معقدة في مجتمعاتنا وتراكمات عبر عشرات السنين. فإذا نظرنا داخل المنزل لا نجد الاب، فهو مسكين مطحون ومعذب يلهث وراء لقمة العيش. يعاني وبشكل يومي كيف يوفر لاسرته القوت الضروري ، ورغم كل ما يبذله من كد وعناء يكاد يعش بالكفاف.ومن شدة التعب والضنك ينسى سبب وجوده في هذه الحياة.
وها الام ايضاً تعمل بكد وعناء داخل المنزل وخارجه لتعين زوجها وتسعد اسرتها، ولكن كيف تأتي تلك السعادة والكل يئن ويتمخض معاً.من شدة الآلام والهموم ينسى الجميع سبب حياتهم التي هي اروع النعم.
والحقيقة ان المشكلة العائليةمعقدة جداً فهي مشكلة اجتماعية سياسة اقتصادية.
فالأنظمة السياسة تجعل شعوبها تلهث وراء لقمة العيش ولا تدعهم يفكرون.
لا يرى الاب أسرته الا اخر اليوم وربما كل بضعة ايام.تختزل رؤيته لاسرته في ساعات وربما لدقائق . لقمته مغموسة بالوجع ومطعمة بالمرارة والحسرة.
غياب الاب عن أسرته ولفترات طويلة يخيم بظلاله سلباً على العلاقات الاسرية، فلا توجد لغةحوار بينه وبين أفراد أسرته وبطبيعة الحال تدب الخلافات وتنشأ المشكلات الاسرية . الاب لا يفهم ابناءه ولا زوجته.تتعقد الامور وتسوء الاحوال وتتفكك الأسر ومن ثم المجتمع ، ويعزى السبب في ذلك الى النظام السياسي بالدرجة الاولى.

شاهد أيضاً

يتساءل الجهلاء : أليس المحجبات مثل الراهبات؟

إسماعيل حسني الراهبة إنسانة ميتة، صلوا عليها صلاة الميت يوم رهبنتها رمزاً لمغادرتها العالم المادي، …

تعليق واحد

  1. كلام يمس القلب و العقل و اسلوب رائع فى الكتابة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.