الأحد , أبريل 28 2024
مختار محمود

اللّهمَّ إنِّى أبرأُ إليكَ من “هذا الإسلام”

 

لم يناضلْ النبىُّ الكريمُ 23 عامًا، ذاقَ خلالَها الأمرّين، من أجلِ نشرِ “هذا الدينِ” الذي يُحرّضُ على العُنفِ والكراهيةِ والغلوِّ والتطرفِ. لم يبعثْ اللهُ نبيّه الخاتمَ لُيعلّمَ الناسَ كلَّ هذا القُبحِ المنتشرِ بين ظهرانينا. لم يصدعْ محمدٌ، صلى اللهُ عليه وسلمَ، برسالتِه، ليُبشّرَ أتباعَه بإباحةِ اغتصابِ الزوجةِ المغدورةِ، ووطءِ البهيمةِ، وزواجِ الرضيعةِ، ونكاحِ الجنِّ والشياطين، والتداوى ببولِ الإبلِ وروثِ الحيوانِ. لم يكنْ آخرُ الأنبياءِ مشغولًا بما يُشغلنا به “مرتزقةُ الأديانِ” من ردئِ الأمورِ وتوافهِها. الإسلامُ لا يعرفُ ولا يعترفُ بـ” رجل الدين”، ليس في الإسلام رجالُ دينٍ، يتاجرونَ به داخلَ أستوديوهات الإذاعةِ والتليفزيونِ. الإسلامُ ليس هو الدينُ الذي يعتنقه الداعشيون والجهاديون والسلفيون والإخوانُ ومنْ يدورُ في أفلاكِهم، وساءَ أولئكَ رفيقًا. الإسلامُ ليس هو الدينُ الذي يُحرّضُ على جزِّ رءوس الخصومِ ونحرِها بالسيوفِ. الإسلامُ، الذي حاربَ آخرُ الأنبياء من أجله، هو ذلك الدينُ الذي يشملُ الإنسانَ، أيًا كان دينُه ولونُه، برحمتِه وعطفِه. رسولُ الإسلامِ يقول عن نفسِه: “إنما بُعثتُ لأتممَ مكارمَ الأخلاقِ”، الإسلامُ دينٌ أخلاقىٌ بامتيازٍ، لا إسلامَ لمن لا خُلقَ له. إنَّ ما تعجُّ به كُتُب الفقهِ من ردئِ الفتاوى والقضايا والمسائلِ الافتراضيةِ ليس منْ الإسلامِ في شئٍ، وحانَ وقتُ تطهيرِها واستئصالِ جذورِها. أصبحنا أضحوكةَ العالمِ، ووجد غلمانُ العلمانيةِ وغربانُها وكارهو الإسلامّ بالسليقةِ، ضالتهم المنشودةَ، في تلك الكتب الباليةِ، وتلك الفتاوى المُهينةِ، وأولئك المُعمّمين المُغيبين عن الواقعِ، اللاهثينَ عن المال من حلِّ ومن حرمٍ، وكأنهم صاروا بلا عقلٍ ولا هدُىً. صار الإسلامُ غريبًا بين قومٍ لا بضاعةَ لهم سوى حفظِ وترديدِ ما أنتجَه السابقونَ والمتقدمونَ الذين اختلفتْ أزمانُهم عن زمانِنا، لو كانَ الإسلامُ دينًا جامدًا صُلبًا مُتحجّرًا، ما قال النبىُّ لنا: “أنتم أدرى بشئون دُنياكم”. اللهمَّ إنى أبرأُ إليكَ من دينٍ لا يخاطبُ الناسَ بالحُسنى، القرآنُ الكريمُ يأمرُ أتباعَه: “وقولوا للناسِ حُسناَ”، أي: “جميع الناس” باختلاف أديانهم، ولكنَ رُسُلَ الإسلامِ الجديدِ يحصرون القولَ الحسنَ والمعاملة المُثلى، على أتباعهم ومريديهم فقط، متجاهلين أمرًا إلهيًا آخر: ” ولو كنتَ فظًّا غليظَ القلبِ لانفضّوا من حولكَ”، اللّهمَّ إنى أبرأُ إليك من “هذا الإسلام” الذي لا يرحمُ ضعيفًا أو صغيرًا، ولا يُوقّرُ كبيرًا، ولا يُغنى محتاجاً ولا يداوى سقيماً. اللهمَّ إنى أبرأُ إليك من “هذا الإسلامِ” الذي يخاصمُ العقلَ، ولا يواكبُ الواقعَ، ويكرهُ المدنية، وينفرُ من التحضُّر، ولا يقودُ أتباعه إلى الأمامِ دومًا. اللهمَّ انصرْ دينك الحق، واجعلْ كلمتك هي العُليا، وكلمة الذين كفروا ومكروا وضلّوا وحادوا عن السبيل.. هي السُفلى.
مختار محمود

شاهد أيضاً

المغرب

الــملــصـق المسرحي لمن ؟

نــجـيـب طــلال مـفارقات: أشرنا ما مرة، بأن هنالك ظواهر تخترق جسد المشهد المسرحي في المغرب، …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.