الخميس , مارس 28 2024
مختار محمود
مختار محمود

مسيحيى مصر.. شكراً وتقديراً واحتراماً

 

مختار محمود

 

مشاعر طيبة وراقية لمستُها فيما كتبه المثقفون والمفكرون المسيحيون عن “مجزرة المسجدين” بـ “نيوزيلندا”، التى أسقطت 50 شهيداً و20 مصاباً، أثناء أدائهم صلاة الجمعة.

كانوا جميعاً على مستوى الحادث الإرهابى. جاءت تعازيهم مُفعمة بالإنسانية والرحمة والنخوة والحزن الصادق. شعرتُ بأن المُصابَ مُصابُهم، والدماءَ التى نزفتْ غدراً دماؤهم، والأرواحَ التى صعدتْ إلى بارئها أرواحُهم. لم أجدْ من بينهم شامتاً فى الضحايا، أو شاتماً فى المصابين، أو غامزاً فى الإسلام، أو لامزاً فى المسلمين. أجمعوا على أن الحادث إرهابى، وفاعله إرهابى، لم يراوغوا أو يناوروا أو يمكروا أو يتماكروا.

القرآن الكريم يقول بكل وضوح وصراحة: ” ولتجدنَّ أقربَهم مودة للذين آمنوا الذين قالوا إنا نصارى، ذلك بأن منهم قسيسين ورهبانًا وأنهم لا يستكبرون”. وبالفعل.. تجلت معانى تلك الآية الكريمة فى مسيحيى مصر الذين تسابقوا فى الإعلان عن إدانتهم لهذه الجريمة الإنسانية، وأكدوا على خستها وندالتها، وطالبوا بإعدام منفذها، رغم أن “نيوزيلندا” لا تطبق عقوبة الإعدام.

هذا الحادث الإجرامى، كشف عن معدن مسيحيى مصر الأصيل، وأصلهم النقى، وضمائرهم الحية، وأفئدتهم الطيبة، فلم يستغلوا الحادث، فى مزايدة رخيصة، لا يجيدها سوى الصغار والمرتزقة والمأجورون، بل جاهروا بغضبهم، وكأن الشهداء سقطوا فى الكنيسة، لا المسجد.

فى ظل زيف المشاعر، والاتجار بالإنسانية، والاسترزاق من وراء الأديان، يجب على كل مسلم أن يشكر شقيقه المسيحى، على نبل مشاعره، وصدق تعازيه، فى هذه المأساة التى لن يطوى التاريخ صفحتها قريباً، فما قدموه فى هذا المصاب العظيم، هو جوهر الإنسانية الذى يفتقده كثيرون ممن ينتسبون زوراً إلى أديان السماء التى جاءت لتحمى وتبنى وتعمر، وليس لإشاعة القتل والتخريب والتدمير.

مسيحيو مصر فعلوا ما لم يفعله أدعياء الليبرالية والحريات من المنتسبين إلى الإسلام، حيث ابتلع بعضهم ألسنتهم وسكتوا عن الكلام المباح، انتظاراً للتعليمات، وزايد بعضهم وبالغ فى تدليسه، وتعامل مع الحادث بانتهازية، واستغله لوصم الإسلام بـ “الإرهاب”، فى منطق معكوس، وضمير بائس، وعقل مرفوع من الخدمة.

مسيحيو مصر، أصل الإنسانية وجوهرها، وعنوان الضمير الحى والقلب النابض، وإن كان من بينهم من يبحر أحياناً ضد التيار، فإن من بين المسلمين من يفعل أكثر ذلك، وكلا الفريقين خصم للإنسانية، حتى يقوم الناس لرب العالمين، وصدق القرآنُ الكريمُ حين يقولُ: “وأما الزبدُ فيذهب جُفاءَ، وأما ما ينفع الناس فيمكثُ فى الأرض”.. فالمجد، كل المجد، للإنسانية..

 

 

 

 

 

 

 

شاهد أيضاً

يتساءل الجهلاء : أليس المحجبات مثل الراهبات؟

إسماعيل حسني الراهبة إنسانة ميتة، صلوا عليها صلاة الميت يوم رهبنتها رمزاً لمغادرتها العالم المادي، …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.