تستمر الأخطاء والخطايا بحق أنصار تحالف ٣٠ يونيو، وتتواصل عملية الإبعاد المنظم والممنهج لأبرز الوجوه والرموز من ساسة وإعلاميين ورجال أعمال، وهى سياسة مستمرة منذ استقرار الأوضاع تدريجيًا، من منطلق تصور وهمى بضرورة إبعاد كافة الشركاء، ومن كان لهم أدوار ما فى إنهاء حكم المرشد والجماعة.
وقد سبق لنا التحذير من مخاطر هذه السياسة، واليوم نعود، لنكرر نفس المعنى، ونطلق ذات التحذير بسبب المخاطر المترتبة على استمرار سيناريو تصفية حلفاء ٣٠ يونيو.
وهنا نقول إن القاعدة الذهبية فى العمل السياسى والحزبى التى يتعلمها دارس العلوم السياسية فى أيام دراسته الأولى، وتُلقنها القوى والأحزاب السياسية لكوادرها- هى العمل
وفق ثلاثة أهداف مرتبة بدقة:
الهدف الأول
ضرورة العمل على الحفاظ على وتقوية وتعزيز معسكر الأنصار أو المؤيدين، ويعنى ذلك ببساطة ضرورة الحفاظ على كتلة التحالف المؤيدة والمساندة للنظام، والرئيس، والحكومة أو الاتجاه السياسى والحزبى،
وتقول القاعدة هنا إنهم أنصارك ومؤيدوك ليس مطلوبا منك بذل جهد ضخم للحفاظ عليهم فقط عليك أن تعمل على الوفاء بالأسس والمبادئ والتعهدات التى قام عليها الائتلاف او التحالف،
لا تنقلب على حليف ولا تؤذِ مؤيدًا، لا تنفرد بالعمل مع مجموعة صغيرة وتغلق الدائرة المحيطة بك، وتصم آذانك عن سماع أنين، وشكاوى ومطالب المؤيدين، لأن فى ذلك خسارة مجانية لقواعدك التى تحتاج إليها باستمرار.
الهدف الثانى
هو العمل بكل قوة على استقطاب أكبر قدر ممكن من الفريق المحايد الذى يسمى فى الانتخابات بالأصوات العائمة، فهو فريق لم يتخذ قراره بالتأييد أو المعارضة ولم يقرر التصويت فى أى اتجاه،
ومن ثم عليك بذل جهد أكبر فى إقناع مكونات هذا الفريق بأنك أمين على مبادئك وتعهداتك، وأنك لا تبيع أنصارك، وتلتزم بما تقطعه من تعهدات، هذا الفريق يمكنه حسم الموقف فى أى لحظة، وعلينا أن نتذكر أن هذا الفريق فى زمن الإخوان أطلق عليه «حزب الكنبة»
وعندما تحرك ونزل إلى الشارع بسبب أخطاء وخطايا بل جرائم الجماعة كانت ثورة الثلاثين من يونيو التى أطاحت بحكم المرشد، ومن ثم لا ينبغى الاستهانة بهذا الفريق على الإطلاق، فقد يكون القطاع الأكبر والأكثر تأثيرا فى حال اتخذ القرار بالعمل فى اتجاه معين.
الهدف الثالث
والأخير هو العمل على تفكيك بل تفتيت قوة الأطراف الأخرى، فاذا كنا نتحدث عن الأحزاب والانتخابات، فالهدف هنا هو تفتيت جبهة أنصار الأحزاب الأخرى واختراقها، وهو الهدف الأكثر صعوبة والذى يتطلب جهدًا هائلًا وعملًا متواصلًا.
فى أى عمل سياسى أو حزبى تكون هذه الأهداف متدرجة بمعنى أن الهدف الأول والأولى بالرعاية هنا هو الحفاظ على كتلة الأنصار والمؤيدين، لأنه الهدف الذى يضمن القوة القائمة، لأن الأنصار والمؤيدين ليس لهم من مطالب سوى الوفاء بالالتزامات والتعهدات واحترام أسس الاتفاق التى قام عليها التحالف من البداية، هذا بعكس الكتلة المحايدة
أو الأصوات العائمة التى عليك أن تقدم لها ما يقنعها بالانضمام لك والعمل معك، فهى تريد أن ترى العمل أولا، فى حين أن الأنصار والمؤيدين، معك من قبل أن تبدأ، ولا يطلبون منك سوى العمل وفق ما تم التوافق عليه.
وفى هذا السياق يأتى فى المؤخرة هدف تفتيت المعسكر المقابل أو المنافسين والخصوم السياسيين، فهو الهدف الأصعب الذى يحتاج إلى نفس طويل لأنه يعمتد على أداء المعسكر الآخر وأدائك فى الوقت نفسه، فلابد أن يرتكب قادة المعسكر الآخر الأخطاء أولًا، ثم تتحرك أنت لاستغلال هذه الأخطاء، وأخيرًا تقدم لهم ما يقنعهم بالانضمام لك أو دخول معسكرك.
السؤال هنا: كيف نرى ما يجرى فى مصر اليوم؟
فى تقديرى أن ما يجرى هو العمل عكس هذه الأسس والمبادئ، فهناك جهود متكررة لتفتيت المعسكر المؤيد، هناك أخطاء وخطايا ترتكب بحق تحالف ٣٠ يونيو، هناك إغلاق مبكر للدائرة الصغيرة المحيطة بالرئيس، هناك ضيق أفق فى التعامل مع مكونات تحالف ٣٠ يونيو على النحو
الذى أدى إلى تصدعه بل تفتته، انظر إلى طريقة العمل السياسى والأمنى لتعرف أن السياسة انسحبت لحساب الأمن، وعندما يتصدر رجال الأمن لشغل مهام رجال السياسة فاعلم أن الأخطاء المتراكمة تقود إلى تفتت المعسكر المؤيد، ولا تحتاج إلى جهد كبير حتى تعرف أن رموزًا من أخلص مؤيدى وأنصار ٣٠ يونيو قد ابتعدت أو أبعدت عن المشهد لسببين رئيسيين:
أولهما الإغلاق المبكر للدائرة المحيطة بالرئيس.
والثانى تغول المكون الأمنى على حساب السياسى.
ومن ثم جرى التعامل مع رموز مصرية وطنية بطرق خشنة وفظة، فكان قرار الخروج من التحالف أو التنحى جانبًا حزنًا وألمًا على طريقة الإدارة وإعادة إنتاج الأخطاء.
تمعّن فى كل ذلك، وسوف تستخلص دروسًا فى الاجتهاد فى تفكيك التحالف وخسارة الأنصار والمؤيدين