الثلاثاء , أبريل 16 2024
إيناس المغربى
إيناس المغربى

أجساد حية أرواحها ماتت…!!

للكاتبة إيناس المغربى

سلام على أرواح شوهها الحرمان ..!!

سلام على أنفاس أخمدها الإهمال..!!

سلام على قلوب ظنت أنها بأمان ..!!

كم من نفس استسلمت راضية بالقليل من فتات الأحلام ، لم تعترض ، لم تتأسف على ما كتبته عليها الأيام من الهون والخضوع والحرمان ، لكن بمرور الوقت وتبدل الأحوال ، وتغير الأزمان ، ماعاد للصبر مكان، فانصهر الصبر من الحرمان، بعد أن كان متجمداً داخل العروق متصلبآ كجلطة الشريان ، ولكن انفجر البركان، وأخذ يرمي بشرر كالقصر وخرجت منه ألسنة نيران الكمد ولظى الحرقة كسيل العرم ، يُعرب عما أحسه من لواعج الحرمان والفقد .

فكم من محروم فى هذه الدنيا يريد أن يعيش معنى الاحتواء يطأ بقدميه موطن الأمان ويعيش فى مهجعه آمناً هانئاً سعيداً بلا أزلال.

وما أكثر أنواع الحرمان .. التي حولت أبداناً وشوهت أرواحاً ، وبددت آمالاً وأحلاماً ،وتحولت حياتهم لجحيم وآلام ، فتجرعوا كأس الردى وذاقوا طعم الهلاك ..

كحرمان الولد من حنان والديه بالفقد ، سواء فقدهم أمواتا أو أحياء، والفقد كأحياء أبشع وأضل سبيلاً من الفقد كأموات، فعندما يُهمل الولد ويترك ولا يكون موضع الاهتمام لأي سبب كان ..!!

فإنه يعيش حياة التشتت والفرقة والتيه وعدم الانضباط.

وكما قال

الشاعرأحمد شوقى :

ليس اليتيم من انتهى أبواه من هم الحياة وخلفاه ذليلاً

إن اليتيم هو الذى تلقَى له أماً تخلت أو أباً مشغولاً

فهيهات ما تجد صاحب هذه النفس سعيداً مسرورا بل تجده مكروباً محزوناً ،لأنه حرم معنى الحنان والأمان

ونوع أخر من الحرمان وجهه الأبناء للآباء حينما تخلوا عنهم وتنحوا جانباً عن الإحساس بالمسؤلية تجاههم ،وشغلتهم الدنيا والحياة، ونسوا ما قدماه من أجلهم من تضحيات ومشقة، لتوفير لقمة العيش لهم،واحتوائهم وإشعارهم بالكرامة والعزة بين الناس ..

وعندما مرت بهم الأيام ، كبر الآباء ،وخارت قواهم وغدت قلوبهم منهكة وأجسادهم متعبة، كلّت من لجج الحياة العاتية ، ومُلِئت بالأسقام والأوجاع ،بعدما ركبوا سفينة الحياة المارقة بمتاعبها ، وما أن شعروا بخرق فى سفينتهم ، إلا وتمنوا أن تُمد إليهم أطواق النجاة لتنتشلهم من مذلة الكبر والضعف والانكسار ،لكن .. يا للحسرة والخسران ،لم يجدوا إلا وجوها امتعضت وتكدرت ، وبالعبوس تغضنت ،وهمشوا من كان لهم الفضل فى تواجدهم وتحقيق معنى الحياة وأسبابها، ولم يمتثلوا لأمر الله تعالى

فى قوله:

وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ۚ إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا (23) وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا

أ

ونوع أخر من الحرمان وهو

حرمان الزوجة من حنان زوجها وهضم حقها فى أن تعيش عيشة كريمة ،تحظى فيها بكل أنواع الرعاية والاهتمام وأن يكون حريصاً على إشعارها بأنوثتها وذاتها، و حريصآ على توفير الوقت اللازم لإسعادها وتخفيف أعباء الحياة عنها، وألا يحرمها حقها فى مودته ومحبته وكرمه، وطيب الكلام وأجمله.

فعليك أيها الزوج ألا تعتقد أن المرأة بكونها زوجة وأما لأبنائك عليها أن تصمت وتصبر ولا تتأفف من سوء معاملتك وتقصيرك فى حقها ،فاعلم أيها الزوج أنها ليس لها إلاك ،وحقها أنزله الله من فوق سبع سماوات، فإن لم تروها بمحبتك وحنانك ،نفذ صبرها وقل حبها ، وماعادت تستشعر معك الراحة و الأمان..

اعلم أن زهرتك إن لم تروها أنت رواها غيرك ، فرفقآ بالقوارير كما علمنا رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم

فاحزر من حرمانها حقوقها وامتثل لقول ربنا جل وعلا:

” وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ “

فلم يقل جلً وعلا وجعلنا من أنفسكم إخوانا أو آباءً بل قال أزواجا ، وعليه فقد جعل السكن والراحة، والأمن والأمان والسلم والسلام فالزوج لا غيره ، واحتوائه لها، وبذلك فهو يُسئل أمام الجبار عن حقها ،ويعاقب أشد العقاب عن تقصيره لها.

والعكس صحيح إذا حُرم الزوج من حنان زوجته ومودتها واهتمامها به ،كان لها مثل ماكان له، فهى مقصرة وتُسأل أمام الله ،فلابد من احترامها لحقوقه واحتوائه والصبر عليه عند الشدائد ومؤازرته.

لابد من إظهار المودة والألفة ، ،فتكون كريمة الصفات جميلة الخصال حلوة اللسان، راقية الأخلاق ،مؤدبة لأولاده.

فإذا تندت بهذه الطباع صار البيت بستاناً وحديقة غناء ،لا تنبت إلا الأزاهير والريحان .

فتندوا بالعطاء والإيثار والكرم ، وامحقوا السلب والحرمان والأثرة،

فمثلما يعود النهر إلى البحر هكذا يعود عطاء الإنسان إليه

فطوبى لمن جاد وأعطى

وحسرة لمن بخل واستغنى

ديننا دين الجمال.. دين السلام ..دين الإيثار والمرحمة

فكما قال الرسول الكريم عن الدين..

الدين المعاملة…. الدين المعاملة ..

شاهد أيضاً

الكنيسة القبطية

التعليم ـ الرهبنة ـ الإدارة : محاور الأزمة ومداخل الإصلاح

كمال زاخرالإثنين 15 ابريل 2024ـــــ اشتبكت مع الملفين القبطى والكنسى، قبل نحو ثلاثة عقود، وكانت …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.