الخميس , مارس 28 2024
مختار محمود
مختار محمود

إنها أشياء لا تُشترى يا وزير الأوقاف

مختار محمود

لا يزالُ وزير الأوقاف يمارس استفزازه للرأى العام، مُستغلاً نفوذه وعلاقاته وتربيطاته. يتخيل معالى الوزير أنَّ إلحاحه فى الظهور التليفزيونى والإذاعى، أو فى نشر مقالاته بأكبر عدد من الصحف السيَّارة، سوف يضمن له قبولاً، أو يُخلد له ذكراً. الجهود التى يبذلها الوزير فى “اللف والدوران” على المؤسسات “الحكومية/ الخاصة” ذات الصلة؛ لإجراء مداخلات تليفونية أو استضافته، أو توزيع كتبه ومؤلفاته “المغمورة”، بغضِّ النظر عن قيمتها “العلمية/ الفكرية”، تفوقُ ما يبذله من جهود لتسيير أمور وزارته والعاملين بها، وما يجب أن يبذله من جهود لخدمة الدعوة الإسلامية والعاملين عليها.

ينظر وزير الأوقاف إلى نفسه باعتباره “نمبر وَن”، و”أسطورة الشيوخ والدعاة”، ويتعامل وفق هذا المنطق، فلا يعترف بمن يفوقونه علماَ وأدباً وحضوراً، ولا يُقرُّ بفضل وفضائل مَن سبقوه من أهل الفضل والعلم واليقين.

وفى جديد ألاعيب وزير الأوقاف.. تمكن باتصالاته ونفوذه الضاغط  من توزيع أحد كتبه المغمورة مع العدد الجديد من “أخبار الأدب”، الصادرة عن مؤسسة “أخبار اليوم” فى مفارقة صادمة لقراء الصحيفة المعنية بالأساس بأمور مقطوعة الصلة بالوزير المذكور وأفكاره واهتماماته. هذا التصرف المريب ينضم إلى سلسلة من المواقف المريبة التى تخصم من رصيد الوزير، إذا اعتبرناه “عالم دين”، يجب أن يتصف بما يتصف به العلماء المغاوير من زهد ورقىٍّ وتحضُّر وتعفُف.

يعتقد الوزير آثماً أن هذا الإلحاح عبر جميع وسائل الإعلام يُقربه للرأى العام، أو يحببه لعموم المسلمين، أو يبقيه فى ذاكرتهم، ولكن النتيجة العملية دون ذلك تماماً، فلا أحد يهتم بحضوره، ولا أحد يفتقده فى غيابه. إنها أمور لا تُشترى يا معالى الوزير. العلماء الحقيقيون الذين سبقوك بإحسان، كانت وسائل الإعلام ودور النشر هى التى تطاردهم، وليس كما تفعل أنت، وحتى عندما انتقلوا إلى الدار الآخرة، فإن الناس لا تزال تبحث عنهم، عبر الوسائط الحديثة، وتعيد مشاهدة أحاديثهم عشرات المرات، ويبحثون عن كتبهم ويحتفظون بها، ويعتبرونها مراجع لها، ولا يفكرون فيك من قريب أو بعيد. إنها أشياء لا تُشترى يا معالى الوزير.

إن وزير الأوقاف الحالى يكاد يكون الوزير الوحيد فى تاريخ مصر الذى يمتلك ميلشيات إلكترونية حاضرة على مدى الساعة، تبرز تحركاته وسكناته وتصريحاته وخطبه وصلاته، وتهاجم بضراوة مَن ينتقده، وكأنه صار معصوماً من الخطأ، وفوق مستوى النقد.

يمتلك الوزير موقعاً إلكترونياً متعدد اللغات باسمه، وصفحات وجروبات على مواقع التواصل الاجتماعى تحمل اسمه، كما أن موقع الوزارة لا ينشر إلا أخباره وصوره واسمه، ولا أحد يعلم من ينفق على هذه التقنيات المتنوعة ويدفع أجور القائمين عليها، هل الوزير أم الوزارة أم صناديق النذور؟!

معالى وزير الأوقاف، استقم كما أُمرتَ، وتوقف عن رحلاتك المكوكية إلى مبنى الإذاعة والتليفزيون، للترويج لنفسك و”مَن تعول”، وأغلق حساباتك على  الشبكة العنكبوتية، أو وظفها لخدمة الإسلام، أما إذا اعتقدت أنك بمثل هذه الألاعيب سوف تصنع لنفسك منزلة علمية لا تستحقها، فإنك تكون واهماً؛ لأنها أشياء لا تُشترى يا صاحب المعالى، وإنما أنا ناصحٌ أمينٌ، أم إنك ممن لا يحبون الناصحين؟!

شاهد أيضاً

يتساءل الجهلاء : أليس المحجبات مثل الراهبات؟

إسماعيل حسني الراهبة إنسانة ميتة، صلوا عليها صلاة الميت يوم رهبنتها رمزاً لمغادرتها العالم المادي، …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.