الثلاثاء , أبريل 16 2024
د. ماجد عزت إسرائيل

راهب كفيف…. ينقذ دير البراموس!

د.ماجد عزت إسرائيل
يقع دير السيدة العذراء براموس في الطرف الغربي لبحيرات النطرون وتبلغ مساحته نحو فدانين وثلاثة عشر قيراطًا من الفدان، ويرجع تاريخ إنشائه إلى القرن الرابع الميلادي، حيث ذكر في سيرة القديس مقاريوس الكبير

أنه عاش حتي أبصر الأربعة أديرة العامرة بالرهبان،وذلك في ذات القرن المذكور، لأن كثيرين

كانوا يأتون لأجل لبس الأسكيم المقدس، ونذكر للتاريخ أن منطقة دير البراموس هي أول منطقة تنشأ فيها جماعة رهبانية.

ومن هنا نؤكد أن دير البراموس هو أقدم الأديرة في وادي النطرون، مع وجود فارق زمني قصير جدّا

مقارنة بتشييد أديرة الوادي الأخرى وهي دير أبي مقار، والأنبا بيشوي، والأنبا يحنس القصير

فيما عدا دير السيدة العذراء السريان فهو بعد ذلك بنحو بمائة عام، أي في أوائل القرن الخامس الميلادي

كما أكد القديس يوحنا كاسيان بأنه رأي الأديرة الأربعة في عام(385 م) عندما زار الأسقيط .


وقد أطلق على دير البراموس عدة مسميات منها دير الروم لوجود مغارة أولاد الملوك التي عاش بها

الأميران مكسموس ودماديوس أبناء الإمبراطور فالنتينان الأول الذي حكم في الفترة من 364 – 375 م

وعرف بدير أبي موسى الأسود وذلك لأن الأنبا موسى لأنه كان رئيسا لذلك الدير ودفن به

وأيضًا يعد هذا الدير ضمن مجموعة أديرة الثيؤطوكوس أي التي تسمت علي اسم والدة الإله

والتي تضم كل من دير السيدة العذراء أنبا يحنس القصير، ودير السيدة العذراء السريان.

ومن الجدير بالذكر أن وادى النطرون كان يزخر بأعداد كبيرة من الأديرة والقلالى

بلغت نحو مائة دير، ثم صارت عشرة أديرة عند مجيء الفرنسيين إلى مصر عام ١٧٩٨ ميلادية

وهي «دير أبى مقار، الأنبا بيشوي، السريان، البراموس، يوحنا القصير، يوحنا الأسود، الأرمن، إلياس، الأنبا نوب، الأنبا زكريا».

مشيرا إلى أن أحداث الزمان والغزوات المتلاحقة أبادت الكثير من أديرة الوادى ولم يتبق سوى أربعة:

دير السريان، والبراموس، والأنبا بيشوى، ومكاريوس الكبير الشهير بأنبا «مقار».

على أية حال،لم تسلم الأديرة المتبقية من الاندثار «البراموس والسريان وأبو مقار والأنبا بيشوى»

من أيدى «العربان» المغيرين، وفى أوائل القرن التاسع عشر تعرّض دير البراموس لهجمات متعددة

من البربر وغيرهم بغرض السلب والنهب والقتل بين نساكه، وحل الخراب كالمعتاد؛ فهرب أغلب الرهبان

وتشتتوا فى جميع أنحاء البرية، ولم يتبق إلا راهب واحد يدعى «عوض البرهيمي».

وبعد فترة ليست بقصيرة عاود «المغيرون» الاعتداء على نفس الدير مرة ثانية

ولكن باءت محاولتهم بالفشل؛ لأن الدير كان محصنًا جيدًا من قبل الراهب الكفيف.

الراهب عوض البرهيمي


ولد في بلدة برهيم – قرية قديمة وردت في قوانين ابن مماتى وفي تحفة الإرشاد وفي التحفة

من أعمال جزيزة بني نصر. وفي تاريع سنة 1260ه/1844م فصل برهيم من ناحية أخرى باسم منشاة سدود

لأن سكانها أصلهم من قرية سدود فنسبت إليها،وفي فك زمام مديرة المنوفية سنة 1910م

ألغيت وحدة هذه المنشأة، وأضيفت زمامها إلى برهيم فصارتا ناحية واحدة باسم برهيم ومنشاة سدود

ويجمعها سكن واحد.وحاليًا تابعة لمركز منوف التابع لمحافظة المنوفية- لم نستدل على تاريخ مولده

في أواسط القرن التاسع عشر الميلادي كان في دير البراموس سبعة رهبان، كان من بينهم القمص عبد المسيح جرجس المسعودي الكبير رئيسًا للدير فجعل الراهب عوض أمينا للدير، وطرد خمسة رهبان، وبقى البرهيمى بالدير ومعه رجل علمانة أسمه الحاج إبراهيم ثم تركه،فبقى عوض نحو ثلاث سنوات وحده، وكان يأتى كهنة ديرالسريان ولاسيما القمص جرجس الفار، فيصل قداسًا للراهب عوض في الكنيسة في الأيام الأكثر لزوما.

وبعد نياحة القمص عبد المسيح، اتخذ البراهيمى القس حنا أحد رهبان الدير المطرودين وجعله قمصًا

ورئيسًا على الدير، وكان زاهدًا، وفي أثناء رئاسته جاء القمص يوحنا الناسخ البابا “كيرلس الخامس”

وكان شماسًا إبن العشرين عامًا، لقد اهتم الرهب عوض والقمص حنا بتعمير الدير، لدرجة وصل عداد

الدير نحو (26) راهبًا، كان البرهيمي فاقد البصر، ولكنه كان مستنير العقل

وكان طويل القامة ولحيته أيضا طويلة وبيضاء،شفوقًا رحومًا، لابسا الاسكيم، تتحرك شفتاه عاليًا بالصلاة

وكان دائما يقول مقولته المشهور للرهبان حيث يذكر قائلاً:


” الراهب راهب من بيت أبيه، ومعنى قوله: أن الصالح والجيد في بيت أبيه صالح وجيد في الدير

والعكس بالعكس ». ونؤكد أن الراهب عوض البرهيمي أنقذ دير البراموس

من اعتداءات العربان المستمرة بحكمته، وساهم في بقاء هذا الدير عامرًا، ظل يجاهد في حياته الروحانية

حتى تنيح في( مايو 1878 م).

نتمنى من الله أن يمنح رهبان الأديرة الحكمة في التصرف والاستنارة من أجل المساهمة في البناء

والتشيد الروحي والمادي والصمود مثل الكفيف عوض البرهيمي؛ الذي منحه الرب البصر

في حسن التصرف من أجل الحفاظ على الدير والتصدى للعربان.

دير البراموس

شاهد أيضاً

الكنيسة القبطية

التعليم ـ الرهبنة ـ الإدارة : محاور الأزمة ومداخل الإصلاح

كمال زاخرالإثنين 15 ابريل 2024ـــــ اشتبكت مع الملفين القبطى والكنسى، قبل نحو ثلاثة عقود، وكانت …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.