كتبت / أمل فرج
و يحدث أن يزداد الأثرياء نهما للثراء ، وتضعف نفوسهم أمام المزيد ، ولو بالحرام ، ولكن يظل الخيرحي مابقيت الحياة ، ولازال هناك نفوس طيبة تأبى الحرام ، رغم ضيق اليد ، وقلة الحيلة ، ورغم الكفاح ، ورغم الديون ، وغير ذلك ، و لكن تترفع النفوس الطاهرة عن الحرام ، ولا تراه سبيلا لقضاء الحاجة ، هكذا كان لسان حال عم ” محمد صبري ” ـ سائق التو توك “ـ الأمين ..
كان محمد صبري عبدالعزيز يقود مركبة ” التوك توك ” الخاصة به، ويفكر في حاله، وكيفية سداد ديونه، وقدمه التي تحتاج إلى عملية تحميها من البتر، وجد أمامه كيسا أسودا مليئًا بالذهب
لم يبال سائق التوك توك الذي يقطن بقرية منشية البدوي بمركز طلخا، بمحافظة الدقهلية، بمشاكله الخاصة، وأصبح كل همه إعادة كيس الذهب إلى صاحبه.
لاحظ “محمد” أن أهالي القرية يتحدثون عن حمدي فتوح، صاحب محل الذهب بالقرية، والذي فقد كمية كبيرة من الذهب، ولم يفكر طويلًا، فأخذ زوجته وابنه، وتوجه إلى المحل ، بعد أن أخفت زوجته الكيس في ملابسها، وأمام صاحب المحل أخرجت الكيس وسلمته له.
طار صاحب المحل فرحًا بعودة الذهب، وأقسمت الزوجة عليه أن يفتح الكيس ويراجع الذهب قبل أن يغادروا المكان، فما كان من صاحب المحل إلا أن أخرج مبلغ 5 آلاف جنيه وأعطاهم للرجل نظير أمانته.
وعندما علم أهالي القرية بما حدث، طالب عدد منهم بالوقوف بجوار السائق الأمين، وأن يسددوا عنه ديونه، وأن يجمعوا له مبالغ تكفي لإجراء الجراحة في رجله المصابة بحروق.
وقال محمد صبري : عندما عثرت علي الكيس وضعته في جركن بجواري في التوك توك، واستكملت عملي، وانتظرت أحدًا يسأل عنه، وعندما ذهبت لصلاة المغرب، وجدت الناس يتحدثون عن فقد حمدي فتوح للذهب، فأخذته وتوجهت له في محله فورًا.
وقال حمدي فتوح، تاجر الذهب، إنه تجمع لديه كمية من المشغولات الذهبية تحتاج إلي إصلاح، بعضها خاص بالمحل، وأخرى للزبائن، قيمتها تتعدى 170 ألف جنيه، وأرسلت عاملًا لدي بعد الظهر بها إلى الورشة لإصلاحها، وفي طريقه لركوب المواصلات العامة سقط منه الكيس، وبه كل المشغولات، فاتصل بي وهو منهار وأخبرني بما حدث، وصدقته لثقتي به، فهو يعمل لدي منذ حوالي 10 سنوات وأشهد له بالأمانة.
وأضاف فتوح : نشرت ما حدث في كل مكان، وعلى مواقع التواصل الاجتماعي، وفوجئت بسائق توك توك يدعى محمد صبري، ومعه زوجته، يدخلان المحل ومعهما الكيس وبه كامل المشغولات، وبمراجعاتها تبين أنه لم يمس أن شيء بالكيس “بحطة إيدي” لم ينقص جرامًا واحدًا.
وأشار إلى أن الشيء الوحيد الذي جعلني مطمئنًا أن “الشنطة” ضاعت في القرية، ولم تخرج منها “لأن أهل بلدنا كلهم طيبيين، ومشهود لهم بالأخلاق والأمانة، ولكن كنت أخشى أن تقع في يد أحد من خارج القرية، خاصة أنه كان يوم إقامة سوق“.
وأكد أنه فوجئ بأن السائق الذي أحضر له بضاعتي، لديه إصابات في ساقه نتيجة حريق، واشترى التوك توك ليعمل حتى يجد مصدر دخل له، رغم حاله وظروفه المرضية، إلا انه ضرب مثالًا في الأمانة للقرية كلها.