الخميس , مارس 28 2024
البحر

تحلية مياه البحر – الواقع و الخيال العلمى

م / فريدى داود

ساقولها و اكررها للمرة ال٥٠٠ تحلية مياه البحر Sea water desalination ليست حلا مقبولا لتعويض نقص مياه الزراعة لا من قريب و لا من بعيد لقد عملت سنوات و سنوات فى انشاء محطات تحلية مياه البحر فى البحر الأحمر و فى الخليج العربى و مرت عليا تصميمات محطات تحلية لا حصر لها و استطيع ان اقول انى اعرف مكوناتها معرفة تامة

أولا : تعريف سريع

تعتمد تكنولوجيا تحلية المياه بالضغط الاسموزى المعاكس على ضخ مياه البحر المالح من خلال اغشية اوسموزية من راتنجات عالية الدقة اسمها الاغشية الاوسموزية Osmotic membranes. هذه الاغشية لها خاصية شديدة الخصوصية و هى وجود ممرات متناهية الدقة فيها تسمح بمرور الميه العذبة و لكنها لا تسمح بمرور جزيئات الملح المذاب.

هذه الثقوب و الممرات فى حجم واحد من البليون من قطر شعرة الراس

هذه الاغشية مشابهة فى خواصها و عملها لالياف جزور النبات و فروع الاشجار التى تلتقط الماء من الأرض من ترفعه إلى فروع و أغصان الأشجار و النخيل أى أنها فعليا ترفع المياه و تعمل عكس قوة الجاذبية الأرضية .

على النقيض فى حالة تحلية مياه البحر المالحة نضطر إلى ضغط المياه عكس ضغط الأغشية لنتمكن من فصل الملح من المياه النقية، يسمى هذا الضغط بالضغط الاوسموزى Osmotic pressure و هو يتناسب طرديا مع نسبة تركيز الملح فى المياه، كلما زادت نسبة الملح كلما ارتفع الضغط المطلوب ، و زادت كمية الطاقة المطلوبة لتحلية كمية المياه المطلوبة ف

فى حالة تحلية مياه البحر تكون نسبة الملوحة فى البحر الأبيض مثلا هى 37000 جزء فى المليون جزء من المياه يعنى تقريبا 37 كيلوجرام من الملح لكل متر مكعب مباه نقية ،يكون الضط المطلوب هو 60 ضغط جوى تقريبا فى الخليج العربى مثلا تزيد نسبة الملح الى 42000 جزء فى المليون و بالتالى يزيد الضغط الاوسموزى المعاكس الى 70 ضغط جوى

يتطلب رفع الضغط إلى طلمبات فائقة الجودة و كذلك يتطلب دخول المياه إلى الأغشية الاوسموزية الى معالجة دقيقة من الفلاتر المبدئية و الثانوية لإزالة الشوائب الدقيقة و العوالق حتى 5 ميكرون ثم معالجة كيميائية لضبط الPH ثم إضافة مادة كيميائية حمضية عالية الثمن هى Anti scalant تضمن ترسب الأملاح داخل الأغشية

و انسداد ثقوبها الدقيقة بالنسبة لمصر : كل ما ذكر أعاليه يجعل تحلية مياه البحر عملية غاية فى التكلفة حتى للمياه الأقل ملوحة وهى مياه البحر المتوسط ناهيك عن مياه البحر الأحمر الأعلى ملوحة

حيث سيتطلب كما ذكرنا تمربر مياه البحر من الأغشية الاوسموزية على ضغط عالى يوازى 60 ضغط جوى يماثل عمود مياه ارتفاعه 600 متر تقريبا ، تكلفة ضغط المياه لهذه الضغوط مهولة من ناحية التكلفة و ناحية استهلاك الطاقة الكهربائية، حتى نتمكن من التخيل وللمقارنة فعمود المياه امام توربينات السد العالى هو تقريبا 100 متر فقط اى عشرة ضغط جوى تكاليف انشاء المحطة نفسها كبيرة جدا حيث ان تكلفة المحطات التى قد تنتج 50 مليار متر مكعب لا تقل عن 65 مليار دولار تقريبا وتكاليف تشغيلها أيضا تعادل تكاليف إنشاء المحطة كل من 3 الى 5 سنوات بلا مبالغة حيث أن ربع تكلفة المحطة هى تكلفة الاغشية الاوسموزية و التى يجب استبدالها كل 3 سنوات بأخرى جديدة تماما و لا يمكن تجديد الأغشية القديمة نهائيا أو صيانتها بأى صورة من الصور.

بعد حساب فائدة راس المال و قطع الغيار و الصيانة و استهلاك الطاقة

فى النهاية تكلفة تحلية المياه للمتر المكعب لا تقل عن دولار و نصف لكل متر مكعب ( هذا رقم متحقظ ) يعنى 25 جنيه لكل متر مكعب أضف إلى الاعتبار أن هذا مرتبط بسعر الدولار فإذا ارتفع الدولار ارتفعت التكلفة .

لأن معظم مكوناته من الأغشية الوسموزية و الطلمبات و الحساسات فهى عالية التقنية جدا ومن الصعب جدا تصنيعها فى مصر بسعر معقول

أما عن المعوق الأساسى لعملية تحلية مياه البحر على نطاق واسع فهو استهلاكها الكبير للطاقة يكفى أن أوضح أن استهلاك الطاقة فقط لتحلية كل متر مكعب من مياه البحر هو 6 و نص كيلووات ساعة.

هذا يعنى أن تكلفة الكهرباء فقط 10 جنية لكل متر ناهيك عن تكاليف الاغشية الوسموزية التى تتغير كل 3 سنوات و تكاليف الفلاتر المبدئية و الثانوية و تكاليف كيموايات ما قبل الأغشية

ناهيك عن تكاليف قطع الغيار للمحطة نفسها مثل الطلمبات و غيرها ، بجانب أن استخدام محطات التحلية فى الزراعة يتطلب تحلية كميات تتخطى ال20 مليار متر مكعب سنويا .

فإن محطات التحلية لكمية 20 مليار مثلا سوف يلزمها 15000 ميجاوات !!!! للمقارنة مثلا محطة توليد كهرباء السد العالى قدرنها 1600 ميجاوات ( يعنى عشر اضعاف قدرة محطة السد العالى ) ومحطات توليد الكهرباء الغازية المستوردة من شركة سيمنز تكلفت 6000 ميجاوات و تكلفت 6 مليار يورو ….

أما عن محطة سد النهضة فقدرتها 6000 ميجاوات و تكلفتها 5 مليار دولار و لكن تم تخفيض هذه القدرة لاحقا كل هذا يجعل تحلية مياه البحر كحلا للزراعة هو رواية لهواة الخيال العلمى و مياه التحلية بهذه التكاليف لا تصلح الا للشرب و النظافة و الطهى للفنادق وليس للزراعة نهائيا و أكبر دليل على صحة ما أكتب هو أن الدول الخليجية مثل السعودية و الكويت و الإمارات لا تزرع الصحراء رغم أنها تمتلك المال و الطاقة أكثر من أى بلد آخر ..

بل تقوم كل شركاتها الزراعية بالزراعة أما فى إثيويا أو فى توشكى أو السودان للهروب من عملية تحلية مياه البحر.

أما عن الآثر البيئى لتحلية 50 مليار متر صنويا فهو كارثى بمعنى الكلمة، الآثر البيئي الرهيب لعملية تحلية المياه حيث كمية الوقود الاحفورى المطلوب لتوليد كهرباء تعادل عشرة أضعاف قدرة السد العالى ، وأيضا كمية المركز الملحى Brine التى تبلغ ملوحتها ٦٠ ألف جزء فى المليون وهى ثلاثة أضعاف كمية المياه العذبة المنتجة والتى تؤثر على الأحياء البحرية و الثروة السمكية.

لا حل إلا في الحفاظ على مياه النيل

لا تنازل مهما كان الثمن

شاهد أيضاً

الكنيسة القبطية

قداسة البابا تواضروس الثاني : وطرق تقديم المحبة!

ألقى صاحب القداسة البابا تواضروس الثاني عظته الأسبوعية في اجتماع الأربعاء يوم الموافق الأربعاء ٢٧ …

تعليق واحد

  1. ابحث عن السعوديه و الامارات

    اوافقك واهنيك واحسدك على علمك وفهمك ومنطقك سيدى المهندس فريدى لكنى الوم عليك فى عدم ذكرك للسبب الحقيقى الذى اوصلنا الى مرحلة التفكير فى تحلية ماء البحر والذى انت ذكرته لكن بطريقة مواربه!
    انت مؤمن ان الحل هو فى الحفاظ على مياه النيل واوافقك ايضا على هذا لكن كيف المحافظة على مياه النيل؟

    لابد ان الكثيرين ربطو بين مقالك وبين سد النهضة ! هل يستطيع سد النهضة ان يمنع وصول كل مياه النيل واكرر كل مياه النيل الى مصر والسودان بعد اكتمال الملء ( 6 او 10 سنوات ) ؟ انت مهندس وتعرف ان هذا مستحيل. انت كمهندس المفروض تكون عارف ان غالبية الكلام الذى تنقله وسائل الاعلام هو كلام اهبل وغير علمى وغير هندسى الخ الخ الخ

    اين المشكلة اذا ؟
    المشكلة الاولى هو ان السد سيمنع الفيضان الموسمى على السودان وسينظم كميات المياه التى تصل السودان مما سيسمح للسودان باستغلال حوالى 10 ونصف مليار متر من المياه هى من نصيب السودان لكنه لا يستطيع ان يخزنها لعدم وجود سدود كافيه. هذه المياه ستخصص لاستزراع مساحات شاسعة من الاراضى الصالحة للزراعه على ضفتى النيل. السودان بوضعه الحالى عاجز عن القيام بهذا العمل! من اذا سيقوم باستزراع هذه الاراضى؟ هل ممكن ان الدولتين العربيتين اللتان ساهمتا فى تمويل سد النهضة هما المستفيد من هذه الاراضى؟
    بالتاكيد انت تعلم ان السعوديه و الامارات لديها استثماران زراعيه ضخمه فى اثيوبيا !!! وان البلدين الشقيقين لمصر ساهما فى تمويل سد النهضة!!! وان البلدين لديهما استثمارات زراعيه ايضا بالسودان وتحديدا فى الزراعه المرويه من النيل!!!
    دعنا نفكر سويه وبصوت عالى ::: لماذا وافق السيسى على اعلان المبادئ عام 2015 والكل يعلم ان هذا الاعلان يغلق الباب امام اى قوة دوليه او اقليميه للتدخل ويعطى اثيوبيا كامل ومطلق الحريه فى التحكم فى النهر!!! هل تعتقد ان الدبلوماسيين والقانونيين المصريين لم يتنبهو لهذا وهم من اذكى المحترفين فى هذه المجالات؟

    ساتركك لتفكر وانا واثق من مقدرتك على معرفة سبب المصيبه

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.