الخميس , مارس 28 2024
محفوظ ناثان
محفوظ ناثان

محفوظ ناثان يكتب: “الشر والألم”

أصيبت الأم التي لم تتجاوز الأربعين ربيعًا بسرطان الثدي منذ أربعة أعوام، وكانت تئن وتتوجع تحت نير الجرعات الكيمائية، والعلاجات الطويلة المملة التي لا نهاية لها.

وفي نهاية المطاف، توفت بعد رحلة عناء وألم، وكان زوجها الشاب قد توفي منذ إحد عشرة سنة بسبب مرض عُضال أيضًا، وترك الاثنان ثلاثة أبناء يحتاجون لرعاية الأب وحنان الأم.

فكتب الابن الأكبر عبر حسابه على موقع التواصل الاجتماعي

فيسبوك: “على الله أن يجد مبررًا ليقوله لي عندما ألقاه.

” كلام يملؤه الحزن وتعلوه الحسرة وخيبة الأمل.

الله ليس مصدرًا للشر أو الألم، ولا يسمح به، وإن كان يسيطر عليه كلية، فلا يوجد شيء خارج عن إرادته.

فالله لا يمكن أن يكون مصدرًا للألم.

لقد أبدع الله الكون، وخلق الإنسان على صورته، وجعله في أحسن تقويم.

ولكن عندما أخطأ الإنسان جلب على نفسه الشرور والآلام، وفسدت طبيعته، وتلك الطبيعة الفاسدة هي تسبب له كل ما يعانيه من خطية وكبرياء وألم ومرض.

وصمم الله هذا العالم؛ ليعمل بماكينة الحب، وهذا الحب لابد له أن ينبع من إرادة حرة واعية.

فكيف يمكن أن يحب الإنسان، وهو بلا ارادة؟! الإرادة الحرة هي من تعطي العلاقة القبول والاستمرار أو الرفض والتخلي.

وهذه الإرادة الحرة هى التي جعلت الإنسان يختار أن يكون أنانيًا selfish، وأن يكون إلهًا لذاته، ومن ثَم جاء الكبرياء، وهذا شوَّه الحب الذي خُلق الإنسان من أجله.

هذا الأمر ينبع من داخل الإنسان لا من خارجه، ويدفعه لعمل الشر، وأضحى الشر أقوى منه، ويسبب له ألمًا.

لكل أمر في هذه الحياة سبب، وإذا كنا لا نستطيع التوصل إلى أسباب لبعض الحوادث التي تحدث معنا، فهذا ليس معناه أنه لا توجد أسباب.

فهناك بالتأكيد سبب أو أسباب كامنة وراء كل ألم أو شر.

فعندما يُصاب الإنسان بمرض معين، ربما يكون سببه وراثي نتيجة لتشوه الجينات البشرية، أو بسبب ممارسات خاطئة يقوم بها الإنسان مثل تعرضه للإشعاع، أو عدم التزامه بنظام غذائي سليم، أو بسبب خطاياه، أو لكي يقرب الله ذاك الإنسان إليه ويصالحه، أو لأسباب لا نعلمها.

وسيخرج من المحنة صلبًا قويًا، وربما في تعب شخص راحة لآخر، وموت شخص استبقاء لحياة كثيرين.

الله كُلي الحكمة والقدرة وهو يستطيع أن يخرج من الشر خير، ومن اللعنة بركة. هو يرى الصورة الكاملة ولا شيء خارج عن دائرة معرفته، ويضع حدودًا للمعاناة والألم. الحياة التي نحياها ناقصة غير كاملة ونسبية، الأخلاق نسبية، والسعادة نسبية، والعدالة نسبية، وكل هذا يجعلنا نتطلع إلى وطن آخر “سماوي”، جميعنا نتوق إليه، حيث لا دموع ولا آلام ولا أنين. سعادة كاملة وفرح لا ينطق به ومجيد.

شاهد أيضاً

يتساءل الجهلاء : أليس المحجبات مثل الراهبات؟

إسماعيل حسني الراهبة إنسانة ميتة، صلوا عليها صلاة الميت يوم رهبنتها رمزاً لمغادرتها العالم المادي، …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.