الأربعاء , أبريل 17 2024
حازم حسني

الدكتور حازم حسني يرد على الشيخ أسامة الأزهرى

تعرفت على الشيخ أسامة الأزهرى منذ سنوات طويلة، حين كان يحاضر ببعض الندوات مستحضراً على الدوام أقوال وأعمال علماء المسلمين الذين أثروا العلم الإنسانى بإسهاماتهم القيمة … وقد كنت متفائلاً بذلك الاستدعاء للجانب العلمى للحضارة الإسلامية، معتبراً أن الرجل يَعِد بأن يكون فى يوم من الأيام صورة لرجل الدين المثقف، وصاحب العقل العلمى المنفتح على التفكير العلمى.

تابعت الرجل الليلة على قناة mdc ففاجأنى بحديث عن “ذِكر الله” أراد إقناعنا بأنه حديث علمى، يخضع لمنهجية علمية، ولقوانين حسابية! … وكأن “ذِكر الله” يخضع لنفس القواعد التى تحكم تعاطى الأدوية! … نعلم – مثلاً – أن مرض الضغط مرض مراوغ، ليس من السهل السيطرة عليه، فيلجأ الطبيب أحياناً لوصف دواء معين بجرعة معينة

فإن هو لم يؤت هذا الدواء أثره جرب جرعات أخرى، أو ترك هذا الدواء بالكلية ولجأ لدواء آخر … هكذا تعامل الشيخ أسامة الأزهرى مع “ذِكر الله”، فيختار “المريد” اسماً من أسماء الله الحسنى ويردده بجرعة معينة يحددها

له صاحب العلم، فإن لم يؤت ذِكر هذا الاسم تأثيره لجأ “المريد” لاستدعاء اسم آخر من أسماء الله الحسنى ليردده بجرعة أخرى تناسب هذا الاسم!ـبهذا المنطق التجريبى تحدث الشيخ أسامة الأزهرى الليلة:

فلكى يكون لذكر الله تأثيره الإيجابى، لابد من اختيار الاسم المناسب من بين أسماء الله الحسنى، وتكرار ذكره بجرعة معينة تخضع لمنهجية حسابية أساسها ما يُعرَف بحساب الجُمَّل (بضم الجيم وفتح الميم المشددة)

وهى منهجية ثقافية لا علمية، ابتدعتها قديماً جماعة الفيثاغوريين الذين قام مذهبهم الفلسفى

على فكرة الأعداد والحساب، وسار على هذه المنهجية من بعدهم آخرون فى الشرق المسلم كما

فى الغرب المسيحى لإيجاد تفسيرات عددية – تبدو علمية فى ظاهرها الحسابى – لكثير من الطقوس أو

المعطيات الدينية.

الطريف فى الأمر هو توضيح الشيخ الأزهرى لكون هذه المنهجية الحسابية عند “ذِكر الله”

هى منهجية مجرَّبة، توارثها الآباء عن الأجداد عن سلفهم الصالح وصولاً إلى عهد الرسالة الأول، بل ووصولاً

إلى العرب فى الجاهلية، مما يجعل لهذه المنهجية الحسابية – مع تراكم التجارب عبر الزمن – “بركة”

يحرص عليها من يسعى لأن يكون لذكره لله تأثيره المرجو!ـماذا يحدث إذن إذا اتبع العبد الصالح

هذه المنهجية العلمية المجربة ثم لم يحدث التأثير المرجو؟ … يقول لنا الشيخ أسامة الأزهرى إنه إن

لم تُحدِث هذه الجرعة المجربة من ذكر اسم معين من أسماء الله تأثيرها المرجو فإن الأمر

قد يحتاج لذكر اسم آخر من أسماء الله بجرعة يحددها أيضاً حساب الجُمَّل، تماماً كما يفعل الطبيب الذى يصف

دواءً لعلاج الضغط، أو كما يفعل أخصائى التدريب عندما يحدد الأجهزة التدريبية المناسبة، والجرعات التدريبية التى تناسب هذه الأجهزة لتؤتى التأثير الصحى على العضلات!!

افترض الشيخ أسامة الأزهرى أن “ذِكر الله” بهذه الضوابط الحسابية إنما يجعله خاضعاً للمنهج العلمى التجريبى، بعكس ما وصفه بالذكر العشوائى الذى لا يخضع لأى منهجية! … قد أتفق معه فى أنها منهجية تجريبية، لكنها بكل تأكيد ليست منهجية علمية حتى وإن استدعت عمليات حسابية – جمعاً وضرباً – لأعداد قد تكون لها

قيمتها الرمزية لكنها لا تعبر عن أى معنى موضوعى يمكن معه وصف هذه العمليات الحسابية بأنها تمثل منهجاً علمياً … هى مجرد منهجية ثقافية، لكنها لا ترقى – من وجهة نظر العلم – لأن تكون علماً، بل هى تبقى مجرد علم زائف، ولا يستحق أصحابه أن يوصفوا بكونهم علماء! ـعفواً، ومع كل الاحترام لثقافة من يلجأون لمثل هذه “المناهج”، لكن الأصل التاريخى الذى يستقى منه هؤلاء منهجهم فى “ذِكر الله” هو الفلسفة الفيثاغورية

وهى فلسفة كانت تؤسس للاستبداد الدينى والسياسى باسم قوانين العدد وقوانين الحساب التى كانت تتسلط بها الجماعات الفيثاغورية على حياة مجتمعاتها، وغنى عن الذكر أن هذا الاستبداد قد انتهى بثورة شعبية قيل إن فيثاغورس نفسه قد قضى فيها نحبه!ـ

شاهد أيضاً

الكنيسة القبطية

التعليم ـ الرهبنة ـ الإدارة : محاور الأزمة ومداخل الإصلاح

كمال زاخرالإثنين 15 ابريل 2024ـــــ اشتبكت مع الملفين القبطى والكنسى، قبل نحو ثلاثة عقود، وكانت …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.