الخميس , مارس 28 2024
محمد عبد المجيد

العودة مجددًا إلى الفيسبوك واليوتيوب!

خمسون يومًا قضيتها في عطلة فيسبوكية للاستراحة، وتجديد النشاط الذهني من خلال الكتاب، ووسائل المعرفة الأخرى، والاستمتاع بما يجود به بُخْل سماءِ الشمال من شمس كالعذراء في خِدْرها، وسرقة بعض وقت عائلتي وزوجتي وأبنائي وأحفادي لضــَــمِّه لعطلتي التي كان المفترض أنْ تنتهي في الأول من سبتمبر!ولكن حزمة من الأمراض، منها أربعة خطيرة ومزمنة، عاجلتني لتشطر العُطلة إلى نصفين، وكان النصف الأكبر من نصيب المستشفيات والأطباء والممرضات والأدوية والفحوصات، وكلما دوايتُ مرضــًا أطل آخرٌ برأسه في مكان آخر من جسدي.

اقتربتُ من الوجه المُشرق للنظام الصحي النرويجي الذي أعرفه طوال خمسة وأربعين عاما، وقد تطور، وتأنسن أكثر، وظهرت عليه أجنحة ملائكة، ونافستْ أَسِرّةُ المستشفيات فنادقَ فاخرة، ويأتيك العلاجُ قبل أن تقوم من مقامك، ويقضي المرءُ أيامــًا في المستشفى كأنه يتجول في جــِنان بيضاء تُطل عليك ليلا ونهارًا فراشات أكثر بياضـًا؛ إذا أوجعك مرض طارتْ إليك حورية تمنحك ابتسامة توطئة للدواء أو الحُقنة أو الفحص أو تحليل الدم.

وقبل أن تعود إلى بيتك في سيارة أجرة على حساب الدولة تسأل عن قيمة العلاج أو العلاجات فتأتيك الإجابة: لن تدفع شيئــًا، فالدولة هي الأم والأب!بدأتُ أتعافىَ بتؤدة، وأتشافىَ بيقينٍ أنَّ الدعاءَ الحقيقي الذي يسارع في شفائي هي رغبتي في العودة لمناهضة الظُلم، والديكتاتورية، والجهل الديني، والنفاق المجتمعي، والتطبيع الزائف والخوف الجماهيري من القصر في كل مكان من عالمنا العربي الممتد من السجن إلى المعتقل، والنائم أحراره في زنزانات تحرسها كلاب السيد.

وفكرت في عمل يوتيوبيات أجدّد فيها ما توصل إليه ذهني وفكري ورؤيتي عن هموم اختطفها أباطرة التطبيل، وأمراء النفاق، والوشاة، والإعلاميون الحشّاشون توائم الحكواتيين البلهاء الذين لا يُفرّقون بين المنبر المقدّس و.. دورة المياه!ورغم أنني أعرف أن القراءة للكتابات المشحونة بأوجاع الوطن لا تحصد رغبات متابعي مواقع التواصل الاجتماعي بأكثر مما تفعل مع صبي إعلامي لم يقرأ في حياته أكثر مما قرأ أصغر أحفادي في دار الحضانة، وأكملت عبقريتـــَــه توجيهات القصر؛ إلا أنني مؤمن بأن من أعطاه اللهُ نِعْمَة القلم لا يصبّ مِدادَه في البحر.

نصف قرن أو يزيد وأنا أكتب؛ فلن يضيرني أو يضُرني تكملة مهمتي لعل الذين بقوا أوفياء لحروفي يُكملون مهمتهم في متابعتها.

شكرا لكل الذين سألوا عني، على العام وعلى الخاص، فأكثر الذين افتقدوا في غيابي محبة دافئة محذوفًا منها تطبيل، وتزمير، وترقيص، وتخدير، وتأليه السلطة و.. السوط.

أريد أن أكتب وأصرخ في وجه أي ديكتاتور حتى يسمعني كل المهضومة إنسانيتهم في أقبية تحت الأرض تحرسها ضباع شرسة، كانت تنتمي للجنس البشري فانحازت للقصر الأكثر افتراسـًـا! أتمنى أن أظل عند حُسْن الظن.

محمد عبد المجيد

طائر الشمال

عضو اتحاد الصحفيين النرويجيين

أوسلو في 17 يوليو 2021

شاهد أيضاً

يتساءل الجهلاء : أليس المحجبات مثل الراهبات؟

إسماعيل حسني الراهبة إنسانة ميتة، صلوا عليها صلاة الميت يوم رهبنتها رمزاً لمغادرتها العالم المادي، …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.