الجمعة , مارس 29 2024
مختار محمود

وعي الرئيس!

مختار محمود

لا تخلو مناسبة أو احتفالية رئاسية دون أن يتحدث الرئيس عن الوعي.

الرئيس يتطلع إلى أن يكون الشعب متسلحًا بالوعي.

والشعب يبدو أنه ليس عند حُسن ظن الرئيس به.

ولكن ما هو الوعي الذي يقصده الرئيس، ويغيب عن الشعب؟ باديء ذي بدء..دعنا نضع تعريفًا مُبسطًا لمفهوم “الوعي”؛ حتى يتضح الأمر.

الوعي هو: الحالة العقليّة التي يتم من خلالها إدراك الواقع والحقائق الّتي تجري من حولنا، وذلك عن طريق اتّصال الإنسان مع المحيط الّذي يعيش فيه، واحتكاكه به ممّا سيسهم في خلق حالة من الوعي لديه بكلّ الأمور التي تجري وتحدث من حوله، ممّا يجعله أكثر قدرة على إجراء المقاربات والمقارنات من منظوره؛ حتى يصبح أكثر قدرةً على اتّخاذ القرارات التي تخص المجالات والقضايا المختلفة التي تطرأ له.

والوعي أيضاً هو المحصول الفكري الذي ينضوي عليه عقل الإنسان، بالإضافة إلى وجهات النظر المختلفة التي يحتوي عليها هذا العقل والتي تتعلّق بالمفاهيم المختلفة التي تتمحور حول القضايا الحياتيّة والمعيشيّة.

أغلب الظن، وليس كل الظن إثمًا، أن الوعي الذي يرنو الرئيس إليه، هو أن يكون الشعب مُلمًا بالإنجازات الرئاسية، ومستوعبًا للقناعات الرئاسية، ومُحيطًا بالرغبات الرئاسية، ومتفقًا مع التطلعات الرئاسية، ولا يرى إلا ما يراه الرئيس، ولا يفكر إلا فيما يفكر فيه الرئيس.

ربما يقصد الرئيس من الوعي ألا يسمع الشعب إلى أحد غيره، ولا يطيع أحدًا سواه، ولا يعصي له أمرًا، باعتباره رب الأسرة، وكبير العائلة، قالها الرئيس من قبل: “اسمعوا كلامي أنا بس”.

قد يرغب الرئيس في أن يكون الشعب نُسخًا متشابهة من وزير الأوقاف والمفتي وأحمد كريمة وأحمد موسى ونشأت الديهي ويوسف الحسيني ومحمد الباز وأماني الخياط وفاطمة ناعوت ولميس جابر وآخرين، لا تعلمونهم، الله يعلمهم، ولكن الشاعر الجاهلي يقول: إذا كنت مرسلاً في حاجة/ فأرسل لبيبًا ولا توصِه، ووصف “اللبيب”- بطبيعة الحال- لا ينطبق على أيٍّ من الأسماء المذكورة سلفًا.

هم ليسوا على درجة كبيرة من الوعي، كما يظن الرئيس، ولكنهم يعملون فقط من أجل مصلحتهم الشخصية الضيقة، وليس من أجل المصالح العليا للوطن بمفهومه الحقيقي.

هل يعتقد الرئيس أن الوعي المطلوب تحققه فضائيات مؤممة، أو صحف مُستأنسة، أو أقلام تحت السيطرة؟ هل الوعي المستهدف هو أن يصفق الشعب لغلاء يجلد ظهورهم وجلودهم ويستنزف جيوبهم، ويهللوا لفواتير مجنونة لا ترحم، ويعربوا عن سعادتهم بكثافة فصول المدارس وازدحام عنابر المستشفيات وهدم المنازل؟ هل الوعي الذي يريده الرئيس من الشعب وللشعب، سوف تحققه المساجد التي أغلقها وزير الأوقاف، وأمَّم منابرها، وفرض عليها خطبًا باهتة جامدة لا قيمة لها؟ هل يتحقق الوعي المطلوب من تأميم دار الإفتاء، وهل هذا التأميم المباغت يخدم تجديد الخطاب الدينى؟ هل الاستعانة بتفاهات الدكتور أحمد كريمة وسخافات خالد الجندي يصبان في مصلحة التجديد المنشود والوعي المطلوب؟ أغلب الظن أيضًا أن الوعي الذي يقصده الرئيس ويحلم به هو الوعي الصادق وليس الوعي الكاذب والمغشوش والزائف الذي لم يدرك الأمور على حقيقتها التي تجري عليها، مما سيجعل حكمه على مختلف القضايا والأمور التي تجري من حوله حكماً خاطئاً لم يستطع مقاربة عين الصواب بأيّ شكلٍ من الأشكال.

الوعي الزائف يشكله إعلام زائف، وتعليم أجوف، ورجال دين مدلسون، ومثقفون موالسون، وكَتَبة يأكلون على كل الموائد، يضعون أقلامهم في خدمة من يملأ بطونهم ويؤمِّن خوفهم.

الرأي الواحد لن يخلق وعيًا صادقًا، والصوت الواحد لن يخلق وعيًا سويًا، ودون تصحيح المسارات المرتبكة والملتوية والمسدودة، لن يتحقق وعي الشعب الذي يتمناه الرئيس ويحلم به.

شاهد أيضاً

يتساءل الجهلاء : أليس المحجبات مثل الراهبات؟

إسماعيل حسني الراهبة إنسانة ميتة، صلوا عليها صلاة الميت يوم رهبنتها رمزاً لمغادرتها العالم المادي، …

2 تعليقان

  1. واحد كافر - تانى يا مختار ؟

    اسمع يا مختار : عليك أن تقول الحقيقه كامله أو تسكت أما الانتقائيه التى تكتب بها فهى عار عليك وأنت لا تعرف العار وهذا واضح من اصرارك على الكتابه بنفس الطريقه بالرغم من ردى عليك . المهم : أتفق معك تماما فى حكاية وعى الرئيس وهذا حق وحقيقه أما بقية مقالك كالعاده فهو شعوذات وكذب منك وابتعاد عن الحقيقه تماما . المشايخ كلهم عباره عن صنفان ..الصنف الأول هم المدلسين وهم الذين جاءت أسماءهم فى مقالك هذا ..والثانى هم الارهابيين المنافقين الكذابين وهم أحبابك الذين تتجنب الكتابه عنهم وهم اخوانك بالكمناسبه – سلفيين علىاخوان على هاربين على اعلاميين هاربين الخ الخ – أما تكدس المدارس والفضصوةول وعجز المستشفيات الخ الخ فهى نتاج النكاح والطلاق ومثنى وثلاث ورباع والى أخر هذا الثقافه المنحطه والتى تنشرها المساجد التى تتكلم عنها . يتبع

  2. واحد كافر - تانى يا مختار ؟

    كل الأزمات التى نعانى منها هى نتاج نكاح الأطفال ونكاح مثنى وثلاث ورباع وطلاق ونكاح الخ الخ ..وهى سبب تكدس الفصول والمستشفيات والفواتير التى تلهب الظهور وأزمة رغيف العيش وزيادة سعره الخ الخ والسيسي وحده غير مسئول عنها بل تراكمات سنين طويله ..وثقافة النكاح المنحطه هذه تأتى من المساجد التى تنعى اغلاقها ..يعنى المساجد المفتوحه ماذا تنتج غير الارهاب والنكاح والكراهيه ؟ غلق المساجد رحمه يا مخ . النقطه الأخيره هى تجديد الخطاب الدينى …ههههه أكيد أنت بتهزر أو بتخرف أو غبى منه فيه …يعنى ايه تجديد الخطاب الدينى ؟ الى متى تضحكون على أنفسكم ونضحك على أولادنا وأحفادنا ؟ هل نقدر استبدال أيات القتل ةالكراهيه بأيات المحبه مثلا ؟ وهل نقدر نبدل انكحوا مثنى ورباع وأطفال ب أى شئ أخر ؟ نقوزل تانى يا مختار ؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.