الجمعة , مارس 29 2024
هناء ثروت

ختان الفكر

على غرار عمليات ختان الاناث والتي تجريها اغلب العائلات لبناتهم حتى يضمنوا الحفاظ على شرفهم وتقاليدهم والتي اثبتت فشلها فيما هو مرجو منها، هناك عمليات ختان أخرى تجريها بعض المجتمعات او الطوائف او حتى العائلات أيضا ولكن ليست باقتطاع جزء من الجسد ولكن تجرى هذه العمليات على الذهن والتفكير .

ولعل تاريخنا العربي والمصري خاصة اوضح كيفية إجراء هذا الختان الفكري، الذي يحرم على الشخص التفكير واعمال العقل، فنرى في أغلب الموضوعات سواء السياسية منها أو الدينية، أن هناك من يقوم بطرح موضوع معين ولكن مع هذا الطرح نجد تحجيم لأي رأي مخالف أو معارض للفكرة والا العقاب سيكون الرمي في النار أو التكفير. ولنا في المفكر الكبير الدكتور نصر حامد ابو زيد أو الشهيد الدكتور فرج فودة تجسيد لهذا الختان فواحد نُفيَ إلى خارج بلاده والاخر قُتل، وعلى الرغم من وجود مساحة حرية لابأس بها الا ان طيور الظلام كما وصفهم الكاتب الراحل الاستاذ وحيد حامد نجد لهم جنود تعمل في الخفاء لحسابهم وانا هنا لست اقصد فصيل بعينه سواء ديني او سياسي ولكني اهدف كل من هم في مكانة تسمح لهم بفرض رأيهم دون النظر لرأي الآخرين.

وللأسف لم يعد ختان الفكر قاصر على أنظمة دول او سلطة دينية ولكن في الآونة الأخيرة اتخذ شكل آخر وأصبح يتم في دوائر اصغر وبشكل تلقائي وكأن الأسهل للناس ان يعطوا مهمة التفكير لمجموعة أخرى تفكر وتقرر بدلا منهم حتى دون التفكير فيما قرروه نيابة عنهم، فاعطوهم الحق ان يتصرفوا في مصائرهم وحياتهم ومستقبلهم والا فالتشهير ورمي التهم عليهم سيكون البديل.

نعم لا تفكر، والحجة هنا بأنك لا تعلم او انت لا تمتلك الحقيقة او ان هناك سرا ما قد اخفي في بطن تنين احمر يرقد في أعلى جبال النار ونحن نعرفه وانت لا.

عذرا ايها السادة فالعالم الان أصبح قرية صغيرة لا تستطيعوا إخفاء أسرار او كتم اخبار فما يحدث في آخر بلاد العالم نستطيع أن نعرفه بعد حدوثه بدقائق، تعلموا ان تعملوا على نشر الوعي والثقافة وتعلموا ان تطرحوا موضوعات دون التأثير على آراء الاخرين، ليتكم تدركون انكم بشر تخطئون مثلنا تماما، لا تملكون كل الحق او لكم كل المعرفة، فاطلقوا العنان لغيرهم حتى يستطيع التفكير هو ايضا، فلعلكم عندما تسمعونه تدركون او تتأكدون هل رأيكم على خطأ ام على صواب، تعلموا ان فرض رأيكم وحجركم على آراء الآخرين حتى لو نجح وحقق ما تبغونه فأنه نجاح وقتي لا يدوم ويوما ما ستظهر الحقيقة وربما الحقائق ويظهر كم زيفتم وكم اخفيتم الحق، تعلموا ان الصوت الواحد أخطائه كثيرة، وتعلموا أيضا ان تتركوا تاريخ مشرف لا تاريخ مخجل، فما سيعرفه من احجرتم على أفكاره لوقت سيكون كافي لتدمير تاريخ صنعتوه بالزيف

شاهد أيضاً

يتساءل الجهلاء : أليس المحجبات مثل الراهبات؟

إسماعيل حسني الراهبة إنسانة ميتة، صلوا عليها صلاة الميت يوم رهبنتها رمزاً لمغادرتها العالم المادي، …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.