الجمعة , مارس 29 2024
حمدى الجزار

الطائفية بين التعليم والاكتساب.

بقلم : حمدى الجزار المحامى
سألت نفسي كثيرا هل الطائفية تكتسب أم انها نتيجة لتعاليم تصب صبا في أذهان الشباب ،، وإن كانت مكتسبة فممن تكتسب إذا هل من الأباء أم الأصدقاء أم بحكم البيئة التي ينشأ فيها الإنسان فيكتسب بذلك انه تابع لمذهب معين أو إعتقاد معين أو حتى يدين بديانته دون التفكير وأعمال عقله فيما يعتقد أو حتى يؤمن ،،فهي هنا تكون مكتسبه من كل النواحي التي تحيط بالانسان ،،ولكن لو أمعنا التفكير رويدا نجدها لا تكتسب فحسب بل نجدها نتيجة لتعاليم وأفكار يتعلمها الإنسان ممن حوله ،،وهنا يكون للتعليم دور هام ومؤثر وخاصة التعاليم الدينية التي تدرس لاولادنا في المدارس والجامعات وحتى في دور العبادة ،
فالطائفية موجودة منذ الربع الأول من الألفية الاولى منذ وفاة الخلفاء الراشدين وحتى وجدت في عصرهم
وقد ظهرت بوادر الأعتقاد وانتشار المذاهب والالتفاف حول المشايخ وإعتناق مذاهب مختلفة وليس الخلاف بين السنة والشيعة فحسب بل امتد ليكون بين أهل السنة انفسهم لإختلاف مذاهبهم فعلى مر السنوات وجدنا خلافا بين الحنابلة والشافعية وبين الحنابلة والحنفية وبين الشافعية والحنفية حتى وصل الأمر الى تكفير بعضهم البعض والاقتتال فيما بينهم احيانا وازهاق ارواح المسلمين ليفوز اصحاب مذهب على مذهب اخر ليثبت هؤلاء انهم هم على صواب وان الأخرين على خطأ واحيانا ضلال ليفوزوا بدعم وولاء السلطان والحاكم ويفوزوا باغلبية البسطاء ليكونوا هم اصحاب الرأي والاستيلاء على مقاليد البلد التي يعيشون فيها وكانوا يسفهون بعضهم البعض ويسخرون من الاخرين ويضربون من يخالف مذهبهم بالحجارة ويتهمونه بالعمى اذا مر شخص يعتنق مذهب مخالف للاخر
فليس الخلاف بجديد بين المذاهب المختلفة بين اهل السنة ذاتها وكان نتيجة للصراعات على الخلافة وتدخل رجال الدين في السياسة ومقاليد الحكم
وتدخل اصحاب الفكر التكفيري بين رجال الدين وسيطرتهم على العامة والبسطاء تعليمهم تلك الافكار وتقليبهم احيانا على الحكام واحيانا اخرى على رجال الدين انفسهم
وكان هناك ايضا خلاف محتد دائما بين أهل السنة والشيعة على مر التاريخ الاسلامي حتى يومنا هذا منذ الخلاف على الولاية بين سيدنا على ومعاوية واندس اصحاب المصالح واصحاب الفكر التكفيري وكارهي الاسلام والخونة والطامعين في الانشقاق للوصول للحكم بينهم والبسوا تلك الفتنة لباس الدين حتى يومنا هذا ،
وكم من قتال تم ومذابح بين السنة والشيعة شهدها التاريخ الاسلامي والتكفير بينهم وكم من ارواح للمسلمين ازهقت باسم الدين حتى تاريخنا المعاصر ،
واستفاد المغول سابقا من هذا الخلاف وعملو على إشعال الفتنة اكثر واكثر بين جميع الطوائف ونشر افكارهم التى تولع حدة القتال بينهم لتمزيق الامة الاسلامية ووحدتها للاستيلاء على بلاد المسلمين وثرواتها وخيراتها ،، وقد نجح التتار في الاستيلاء على اغلب بلادنا وقتلهم ومذابح وحرق هنا وهناك وقتل رجال الدين ليقضوا على الاسلام وتفتيت شملهم ،
وظل الخلاف مستحكما حتى تاريخ الاستعمار الحديث الذي بدوره اتبع نفس المنهج وبصيغ مختلفة عما سبقة ونشر التيارات المتطرفة ودعمها ومساعدتها على التمركز واعطائها المال لتقوى ويكون لهم شأن ووضع سياسي في البلاد التي يريدون الاستلاء عليها واستعمارها وظل الحال كذلك حتى يومنا هذا ولكن بشكل مختلف وطرق اخرى واستخدام رجال والبسوهم عباءة الدين وهم ليسوا برجال دين وعلموهم كيف يكونوا وسط العامة ويكون لهم الاغلبية من البسطاء والفقراء وكيف ينشرون افكارهم المزينة بحلاوة الدين وتحت جلودهم سم كالافاعي واستخدموا ايضا العلماء من محبي الجاه والسلطة ورجال الفكر والثقافة وادغقوا عليهم الاموال لينشروا افكارا باسم الوعي السياسي والثقافي والديمقراطية وكثيرا من المسميات التى لعبوا بها للسيطرة على عقول الشباب ،، علموهم كيف يثورا على الحكام باسم الوعي السياسي علموهم كيف يدمرون ويحرقون بلادهم باسم الدين ونشروا السفارات ومراكز التثقيف ومراكز حقوق الانسان ليبثوا من خلالها سموم بغلاف الحلوى ،
وفي النهاية هم اصحاب المصالح ويجنون ثمار مازرعوه من حروب وبيع سلاح وانتشار مخدرات وتجارة لبضائعهم ونظل نحن شعوب استهلاكية فقط هم يتقدمون في جميع النواحي العلمية والتكنولوجية ونحن نرجع للخلف مئات السنين نفكر في القتل وازهاق الارواح باسم الدين وحمايته وياليتنا نحميه ،
كل هذا نتيجة للتعليم ونشر الفكر من خلال منظومات علمية فاشلة يصدرونها لنا هم انفسهم لايعملون بها ونحن نحارب من اجل مذهب ديني فقط
فالطائفية والإرهاب نتيجة تعليم وفكر دون رقابة لتعاليم تبث في عقول الاطفال والشباب دون وعي ودون حساب ،، وأيضا نتيجة لانتشار كتب تباع على الارصفة والطرقات ومكتبات ليس عليها أدنى رقابة تحوي افكارا هدامة مسمومة تصيب اول ماتصيب قأرئها وتشتت افكاره وتنزع منه الانتماء الوطنى وايضا تشكك له مفاهيم دينه الصحيحة ،
كتابات مليئة بالتهم والأفتراءات على رموز الوطن وعلى الرموز الدينية والسياسة وزعماء الامه على مر التاريخ ،
كتابات بها تآمر على الدين الصحيح ومحاولة تحريفه ،
كتابات ومؤتمرات ومحاضرات دون رقابة تبث افكارا طائفية بين المسلمين بعضهم البعض تارة وبين المسلمين والمسيحيين تارة اخرى ،
والاهم منها ان ينتشر الارهاب وتنتشر الطائفية ليفوز المستعمر الفكري باي وسيلة والوصول لاهدافه التى رسمها لنفسه ،
فعلينا الاهتمام الاول والاخير بالتعليم فهوه نواة الحضارة لاي مجتمع ،،وهو ايضا عنوان واهم اسباب التخلف اذا ترك دون رقابة من جميع الجهات المعنية بالدولة وايضا لابد من رقابة الازهر الشريف منارة العلم الديني الاسلامي على كل مقررات التعليم وخاصة الدينية منه وعلى كل الكتب التى تصدر من اي دار نشر ،،
ولابد من الرقابة على المؤتمرات التى تعقد هنا وهناك وعلى المحاضرات والندوات وحلقات النقاش التى اصبحت تعقد في اي وقت واى مكان دون رقيب من الدولة
وليس معنى ذلك ان هناك قيود على الحرية الفكرية او ديكتاتورية على التعبير وابداء الرأي بل المقصود هنا متابعة كل مايبث من خلال الوسائل للتصدى لاي فكر هدام أو أو تكفيري او مخرب للعقول
فالطائفية و الإرهاب من وجهة نظري نتيجة للتعليم .. لأن من يعمل عقله في اعتقاد مكتسب يمكن تغييره و تبديله إلا ان تعلم أحداً شئ و يقتنع به .

شاهد أيضاً

يتساءل الجهلاء : أليس المحجبات مثل الراهبات؟

إسماعيل حسني الراهبة إنسانة ميتة، صلوا عليها صلاة الميت يوم رهبنتها رمزاً لمغادرتها العالم المادي، …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.