الخميس , مارس 28 2024
الكنيسة القبطية
نانا جاورجيوس

كنيسة العذراء الأثرية بدير المحرَّق أول كنيسة تُدشن بمصر والعالم

بمناسبة تذكار دخول العائلة المقدسة لأرض مصر نتذكر، كنيسة السيدة العذراء الأثرية بدير المحرَّق بسفح جبل قسقام،لما لها من أثر تاريخي منذ دخول المسيحية لمصر. و هى أول بيعة مقدسة بنيت على وجه الأرض وأول طقس تدشين وأول كنيسة يدشنها ويكرسها السيد المسيح له المجد بنفسه بعد قيامته من الموت، وهي من أقدس المزارات المسيحية بمصر والعالم بعد أورشليم مدينة الملك داود، حيث يزوره الأحباش في إحتفالية خاصة بهم كل عام فهو عندهم أقدس مكان ويعتبرونه أورشليم الثانية

وبه بعض رفات الأباطرة الأحباش، وكنيسة العذراء من القرن الأول الميلادي وأقدم من الدير الذي بناه الأنبا باخوميوس أبو الشركة (294-4-405م) بالقرن الرابع الميلادي، ليحيط به الكنيسة الأثرية، وهيكل الكنيسة في المغارة المنحوتة بالصخر والتي سكنتها العائلة المقدسة، وسكنتها لمدة ستة أشهر وعشرة أيام بحسب ما ذكر بكتب التِقِليد القبطي وميامر الآباء وماجاء في ميمر الأنبا ثيئوفيلوس البابا 23 من باباوات الأسكندرية (384-412م)

حيث روى الرؤيا التي رآها ليلة 6 هاتور- 15 نوفمبر وهو تاريخ تدشين الكنيسة، حين كان يصلي مستعيناً بشفاعة السيدة العذراء فظهرت له وذكرت له تفاصيل رحلة العائلة المقدسة لأرض مصر وطالبته بتسجيل الرؤيا وكل ماقلته له، فأصبحت وثيقته أهم مرجع لتوثيق الرحلة المقدسة لمصر و بأدق تفاصيلها.


ومذبح كنيسة العذراء الأثرية مقام على حجر المغارة الذي جلس عليه السيد المسيح فقدسه حين كان طفلاً وهو حجر مكتوب عليه باللغة القبطية، لهذا يسمى مذبح الكنيسة بـ «مذبح الهروب – أورشليم الثانية»، و كما ذكرت السيدة العذراء للأنبا ثيئوفيلوس هي الكنيسة الوحيدة بمصر والعالم التي دشنها السيد المسيح بنفسه بعد قيامته من الموت وصعوده للسموات بقليل، في أول طقس تدشين تشهده كنيسة بالعالم وحكت له كيف كان يرش في أركانها الماء المقدس بيديه الطاهرتين وبجابنه رئيس الملائكة ميخائيل والملاك غبريال يحملان وعاء الماء الذي قدسه الرب يسوع بنفسه وكلما سكب الماء كان يقول رب المجد:«اليدان اللتان خلقتا آدم ونسله وسمرتا على خشبة الصليب ، تقدسان وتباركان هذا البيت العظيم»


حيث ذكرت العذراء للأنبا ثيئوفيلوس الـ23،أن السيد المسيح ظهر لها و لبعض رسله الأطهار ومعهم مريم المجدلية وسالومى حيث كانوا مجتمعين فى بيت مريم أم يوحنا الملقب مرقس الرسول أحد الإنجيلين الأربعة ، وكانوا يتذكرون معاً أحداث الصلب والقيامة وإضطهاد اليهود القائم وقتئذ للعذراء مريم وللرسل الأطهار ، فظهر لهم رب المجد بنور عظيم وعلى يمينه الملاك ميخائيل وعلى يساره الملاك غبريال وقال : السلام لكم ، فسجدوا له ، ووجه الحديث إلى مريم أمه ، وأراد أن يعزيها عما اصابها من متاعب تحملتها من أجله ، فأنبأها أنه إكراماً لها

سيمضى بنفسه ليدشن بيديه« البرية الخربة ، برية قسقام بمصر» التى عاشت وعاش معها أول طفولته بمصر فترة من الزمن، وسيقدس البيعة التى تحمل إسمها كل الأيام ، ثم حملتهم جميعاً سحابة نورانية أوصلتهم لجبل قسقام حيث الغرفة الطاهرة التى أقامت فيها العائلة المقدسة ، فدشنها فى الساعة الثالثة من نهار اليوم

الموافق6هاتور ، ودشن مذبحها وكل آنيتها وأمر الرسل أن يرفعوا ذبيحة القداس، وكان هذا أول قداس يقام بهذه الكنيسة الأثرية، الذي حضره بعض الرسل الذين كانوا قد رقدوا إذ أحضرهم الرب يسوع بسلطان لاهوته، فباركهم السيد بماء التدشين وناولهم أيضاً بيديه من الأسرار المقدسة.

وذكر البابا ثيئوفيلوس أنه عندما أراد توسيع الكنيسة والمذبح لأنه صغير جداً ولا يليق بقدسية المكان ولا بجلال رب المجد الذي إختار هذا المكان ليدشنه، فصلى للرب أن يعلن إرادته، فظهرت له سيدة الطهر وأخبرته أن إبنها وإلهها يريد الكنيسة كما هي صغيرة لتشهد عبر الأجيال على إتضاعه وهو ملك الملوك، أن يكون المكان صغير ولكنه كان في يوماً ملجأ له من وجه الشر، وسيظل مسكناً لحضوره الإلهي، فإمتثل البابا ولم يجرِ أي تغييرات ولم يوسع الكنيسة، لتظل حتى يومنا هذا بنفس حجمها كما دشنها رب المجد.


فمن مصر خرج طقس تدشين المذابح لكنائس العالم أجمع، بعد أن صارت كنيسة العذراء الأثرية نموذجاً وأسسه السيد المسيح بنفسه في مصر و يحتذى به في كنائس العالم، أنه المذبح الذي تنبأ عنه أشعياء والذي يقع في وسط مصر تماماً كما تقول النبوة: «فِي ذلِكَ الْيَوْمِ يَكُونُ مَذْبَحٌ لِلرَّبِّ فِي وَسَطِ أَرْضِ مِصْرَ، وَعَمُودٌ لِلرَّبِّ عِنْدَ تُخْمِهَا فَيَكُونُ عَلاَمَةً وَشَهَادَةً لِرَبِّ الْجُنُودِ فِي أَرْضِ مِصْرَ. لأَنَّهُمْ يَصْرُخُونَ إِلَى الرَّبِّ بِسَبَبِ الْمُضَايِقِينَ، فَيُرْسِلُ لَهُمْ مُخَلِّصًا وَمُحَامِيًا وَيُنْقِذُهُمْ.
فَيُعْرَفُ الرَّبُّ فِي مِصْرَ، وَيَعْرِفُ الْمِصْرِيُّونَ الرَّبَّ فِي ذلِكَ الْيَوْمِ، وَيُقَدِّمُونَ ذَبِيحَةً وَتَقْدِمَةً، وَيَنْذُرُونَ لِلرَّبِّ نَذْرًا وَيُوفُونَ بِه»« أش19: 19-20» فهو المذبح الذي لو رسمنا علامة الصليب على خريطة مصر لوقع المذبح بقلب الصليب، في منتصف المسافة من شمال مصر وجنوبها وبين شرقها وغربها ليصير المذبح عمود للرب بأرض مصر.
يذكر السنكسار القبطي تكريس كنيسة العذراء الأثرية تحت يوم6 هاتور، كذلك ذكر تدشين الكنيسة في كتاب الدفنار و مرجع أبو المكارم”تاريخ كنائس مصر وأديرتها.

المراجع:
____
1- ميمر البابا ثيئوفيلوس الـ 23 من باباوات الإسكندرية مخطوط رقم 9/ 14 بمكتبة مخطوطات دير المحرق وكتاب ميامر وعجائب العذراء ص 100 – 102
ويقول إميلينو Amelineau أن ميمر البابا ثيئوفيلس يوجد منه ثلاث مخطوطات فقط بالعالم باللغة العربية أحدهما محفوظ بمكتبة الفاتيكان ، والثانى محفوظ بالمكتبة الأهلية بباريس Bibliotheque National والثالث بمكتبة الدير المِحرّق
2- السنكسار القبطي المخطوط بدير المحرق رقم 1/ 9 تاريخ وميامر بمكتبة مخطوطات الدير المحرق تحت اليوم السادس من هاتور .
3 – مخطوط أبو المكارم “تاريخ ابو المكارم” – مخطوط تاريخ الكنائس والأديرة فى القرن 12 بالوجه البحرى
4- كتاب دير المحرق : تاريخه ، ووصفه ، وكل مشتملاته- للمتنيح الأنبا غريغوريوس الأسقف العام للدراسات العليا اللاهوتية والثقافة القبطية والبحث العلمي، طبع سنة 1992م الفصل الثالث ص 103 و 104

شاهد أيضاً

يتساءل الجهلاء : أليس المحجبات مثل الراهبات؟

إسماعيل حسني الراهبة إنسانة ميتة، صلوا عليها صلاة الميت يوم رهبنتها رمزاً لمغادرتها العالم المادي، …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.