الجمعة , أبريل 19 2024
زوجة من باريس

زوجة من باريس !

هذا عنوان فيلم كوميدي ظهر للنور عام 1966 بعد 7 سنوات فقط من إطلاق هيئة تعمير الصحاري بتوجيه من عبد الناصر لاستصلاح زراعي في الصحراء الغربية واستغلال موارد مياه الإقليم ونقل بعض سكان الصعيد المعدمين وتمليكهم أراض زراعية في الواحات الخارجة.اختار عاطف سالم مخرج الفيلم عنوانا جذابا مثيرا هو “زوجة من باريس” لتدور حوله أحداث الفيلم الرومانسي الكوميدي الخفيف الذي تم تصوير كثير من مشاهده في بيئة مفتوحة محاطة بالنخيل وغرود الرمال وفي الخلفية دوما لافتة محطة “باريس”.

قبل أولى المشاهد يهدي الفيلم هذا العمل إلى الواحات الخارجة التي عدت طيلة العصور مكانا للنفي وملجأ المغضوب عليهم عبر التاريخ، وأن ما يجرى الآن (1966) من تعمير هو رد اعتبار للإقليم وسكانه وأملا في تطويره في المستقبل.”باريس Pares” هي آخر نقطة من المعمور المصري في الواحات الخارجة وتم كتابة اسمها بطريقة صادفت طريقة رسم اسم العاصمة الفرنسية Paris.

أول من كتب عن معنى اسم “باريس Pares” المصرية كان الألماني شفاينفورث والذي كلفه الخديوي إسماعيل برئاسة الجمعية الجغرافية الخديوية تقديرا لعلومه وموسوعيته في معرفة مصر والسودان.

بعد أن زار الخارجة في عام 1875 توصل شفاينفورث إلى أن اسم Pares مؤلف من مقطعين من اللغة المصرية القديمة يمكن نطقهما بما يشبه النطق اللاتيني Pa و Res ويؤلفان معا عبارة “البلدة الجنوبية” أو “الحد الجنوبي” ذلك لأن هذه البلدة هي آخر معمور مصري في الجنوب قبل الدخول إلى شمال السودان من جهة صحراء ليبيا. الفيلم الذي قام ببطولته رشدي أباظة وفؤاد المهندس وصلاح ذو الفقار متاح كاملا على اليوتيوب وقد أخذت منه الصورة المرفقة لبلطة الفيلم سامية (نبيلة عبيد) وهي تصل إلى محطة سكة حديد باريس التي كانت مرتبطة بالصعيد.

جاءت سامية في دور باحثة في الشؤون الاجتماعية لتغير من وضع المرأة في بيئة الواحات الخارجة. وكان وصولها نقطة تحول في مفارقات كوميدية بين أهالى الواحات الخارجة وأبطال الفيلم.

صور عاطف سالم أهل الواحات الخارجة بطريقة أقرب إلى سكان الواحات في سيوة المصرية وربما ذكرني بمشاهد من واحة “توزر” التي زرتها قبل سنوات طويلة في جنوب غرب تونس المتأثرة بالتراث الأمازيغي. يعطينا فيلم “زوجة من باريس” وثيقة يزيد عمرها اليوم عن 50 سنة عن تصورات السينما المصرية عن سكان الصحاري ومدى خطأ وصواب ذلك التصوير.

يحزنني القول إنني كلما وقفت عند محطة “باريس” التي تقف عندها في الصورة نبيلة عبيد أجد المحطة واللافتة ولا أجد السكة الحديد !ذلك لأن الخط الحديدي كله معطل أو تم نهبه وسرقة حديده ولم يعد الطريق الحديدي يصل بين النيل والواحات ويتكبد السكان والزوار والعاملين الأمرين في طرق نقل على الأسفلت مع كثير من الحوادث. أتمنى أن تنتبه الدولة في المستقبل لإعادة ربط المعمور المصري بالواحات الخارجة ويعود الخط الحديدي لربط النيل بالصحراء ويعود رد الاعتبار إلى باريس المصرية التي انتبهت لها سينما عبد الناصر في عام ١٩٦٦.

الدكتور عاطف معتمد

شاهد أيضاً

ع أمل

دكتورة ماريان جرجس ينتهي شهر رمضان الكريم وتنتهي معه مارثون الدراما العربية ، وفى ظل …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.