الجمعة , مارس 29 2024
ثورة 25 يناير

ثورة 25 يناير المباركة .

بقلم : احمد فؤاد جويلى
إذا كنت تعتبر أن ثورة يناير مؤامرة ، فهل كانت مصر وما أصابها قبل 25 يناير من جراء حكم العائلة والتوريث والتبعية والفقر وانتشار الجهل وسقوط منظومات التعليم والصحة إلي أدني مستوياتها في التاريخ ، وبيع القطاع العام لعصابات رجال الأعمال ، وانتشار الأمراض الخبيثة واللعينة في أبدان المصريين ، ونهب أراضي مصر وثرواتها ، وما أصابها من تقزيم لدورها العربي والإفريقي والدولي .
هل كان كل هذا مؤامرة أيضاً ؟! هل كان الموساد هو اللاعب الأكبر في مصر وقتها ؟ أم أن مبارك ورجاله تلقوا تدريبات العمالة والخيانة في صربيا ؟!
يا سيدنا : لقد عشنا مسرحية من الكوميديا السوداء ؟! قدمها مبارك وأنجاله وأجهزته وعصابة رجال أعماله ولا استبعد توغل الأصابع الأجنبية ؟!
وإذا كنت تعتقد أن الثورة قامت ضد الداخلية فأنت قصير النظر ، وتحسبها بهتافات أول مظاهرات نزلت في يوم عيد الشرطة ضد حبيب العادلي ورجاله بصفتهم السور الذي يحتمي خلفه كل الأباطرة من اللصوص ، السور الذي يحول بين الشعب وبين مبارك وآل مبارك ؟
..
وإذا كنت تعتقد أن ثورة 25 يناير هي إسراء عبد الفتاح ووائل غنيم ، أو بعض الذين تلقوا تمويلاً أو تدريباً في الخارج ، فاسمح لي : أنت تعبد التقارير التي اعتادت علي سطرين يُكتب أسفلهما ” الحالة تمام يا فندم دول شوية عيال وحنلمهم في ساعتين ”
وإذا كنت تتصور أن الإخوان المسلمون هم من قاموا بالثورة ، فأنت متابع ضعيف الذاكرة ، وتتسق مع فكرة لعينة استفاد أصحابها من الأوضاع التي سادت لسنوات ، فكرة كارهة للتغيير ، فكرة خبيثة رأت في إخراج الإخوان المسلمون من المشهد السياسي فرصة لإحراق كل أوراق الثورة المصرية في الذاكرة الوطنية .

وإذا استبعدت حزب التجمع وقياداته الفاشلة ، وحزب الوفد وقياداته التي كانت تبصم علي مأثورات لجنة السياسات .. وإذا استبعدت الأحزاب الكرتونية المباركية من رأسك ونظرت لحقيقة الأمر : عشرات الألاف من الشباب يطمحون في استرداد كرامة وطن وشعب ، جبهة من المثقفين والسياسيين تنادي منذ سنوات – قبل الثورة – بضرورة التغيير تحت شعار ” كفاية ” . ثم صار اسمها الجبهة الوطنية للتغيير ، وصارت تعبّر عن مطالب شعب بأكمله ، ومن قبلها بسنوات كانت وقفة رجال القضاء .

استرجع كل هذا في رأسك ثم حدثني عن اليوم المبارك العظيم الذي خرج فيه أهل مصر خلف أولادهم ينادون بالتغيير ” عيش – حرية – عدالة اجتماعية ” ويختصرون كل آمنيهم في جملة قصيرة بعيدة المدي ” الشعب يريد إسقاط النظام ” .

مبارك عندي – علي المستوي الشخصي هو اللواء محمد حسني مبارك قائد سلاح الطيران في حرب أكتوبر المجيدة .. وهو الرجل الذي ظهر كما يجب أن يكون الرئيس في بعض المواقف الجادة التي تتعلق بالأمن القومي ، والتي أملاها عليه ضميره كمحارب قديم .
ولكن أليس من غير المعقول أن يظل مبارك يحكمنا ثلاثين عاماً ، حتي تكلست القرارات المصيرية للبلاد ، وحتي صارت نصف وزارات الحكومة تحت إشراف الهانم ونجلها ؟! وحتي استشري في جسد الأمة المصرية الفساد والظلم والاستعباد والمرض والجهل والكسل والعجز المؤسسي في طول البلاد وعرضها ؟!
أليس من غير المعقول أن نسمع من يتكلم – بقصر نظر ، أوبمصلحة فئوية أو طبقية أو وظيفية – عن ثورة يناير بصفتها ” خساير ” ؟!
استرجع بهدوء كل هذا في رأسك .. قبل أن تُحمِّل ثورة يناير أخطاء كل من حكموا مصر بعدها ، وكل من حكموا مصر قبلها .
يوم 25 يناير 2011 هو ثاني أيام مصر المجيدة في التاريخ المعاصر بعد يوم 6 أكتوبر 1973
كل عام ومصر بخير .

أحمد فؤاد جويلى

شاهد أيضاً

يتساءل الجهلاء : أليس المحجبات مثل الراهبات؟

إسماعيل حسني الراهبة إنسانة ميتة، صلوا عليها صلاة الميت يوم رهبنتها رمزاً لمغادرتها العالم المادي، …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.