الجمعة , أبريل 26 2024
فاروق شوشة

ذكرى رحيل فارس اللغة .. فاروق شوشة

.صوت رخيم وابتسامة عذبة ولغة عربية لو نزلت على صاحبها رسالة من السماء لحافظ على بيانها وفصاحتها وضادها وجمالها لتصبح المعجزة معجزتين.

رحل فاروق شوشة بعدما ربط بيننا وبين لغتنا برباط مقدس فيه يُسر لا عُسر، فإذا به يموت مرتين: الأولى من مذيعي ومذيعات ماسبيرو، والثانية من أجــَـلِ الله الذي جاء فلا يؤخّر.اختار مقدمته من لسان طه حسين، وظل يحارب دفاعاً عن ثمانية وعشرين حرفاً تكالب عليها الجهلاء وأنصاف الأميين، فكان فارساً في الحلبة، وسيفه بيانه فصنع آذانا تحب وتعشق رغم التلوث السمعي في كل شبر من الأرض ( اللي بتتكلم عربي)!من لا يعرف صوته من أول جُملة فمشكوك في عروبته، ومن لم تتشرف أذناه ببرنامجه ولو مرة واحدة فسيحتاج لتنظيف أذنيه ما بقي له من عُمر.

فاروق شوشة، تغمده اللهُ بواسع رحمته، أحب اللغة العربية فجعل العربَ كلهم ينصتون إلى غزله فيها، رغم مدارس الهَم والغم وضحالة اللسان وركاكة التعبير التي غطت مصر كالسحابة السوداء، فخرج خصوم اللغة من إعلاميين ومثقفين وقضاة ومستشارين ومعلمين يُخرجون لنا ألسنتهم، ويُقسمون أنها ليست لغتهم ولا تمُتّ بأي صلة قربىَ، وهم إفرنج في بلاد العُرب، والمستشار أحمد رفعت أقرب إليهم من كل موروثات المتنبي.

فاروق شوشة وهبه الله وجها متسامحا، جميلا، رقيقاً، ولسانا كرحيق الأزهار، ونُبلا في التعامل مع لغتنا الجميلة فكان أحنّ عليها من كل عكاظييها في تاريخ أهل الضاد.

غادرنا فاروق شوشة لكنه لم يغدر بنا، بل ترك لنا إرثاً سمعيا إذا تدارسته أجيال صغيرة كبر بها الوطن في المستقبل.

محمد عبد المجيد طائر الشمال أوسلو النرويج

شاهد أيضاً

الكنيسة القبطية

الضابط شفتيه، فطين

ماجد سوس تفاح من ذهب في مصوغ من فضة، كلمة مقولة في محلها. تلك المقولة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.