الخميس , مارس 28 2024
رمزى حلمى لوقا

بهدوء

موجةٌ عارمةٌ من التساؤلات والإتهامات والغضب والمواساة والشجب والإدانة والشك والتشكيك وركوب الموجة واستغلال الحدث والشماتة وكل أطياف المشاعر والأفكار المتناقضة أفرزتها حادثة استشهاد الأب أرسانيوس وديد ليلة البارحة، بين أولاده وتلاميذه من شباب الكنيسة في رحلة ترفيهية علي كورنيش الإسكندرية

علي يد رجل في الستين من عمره،ملتحي،وكان من الطبيعي أن يتوقع الأقباط أن يوصف الجاني بأنه مريض أو مهتز أو مختل عقليا أو نفسيا كما تعودوا أن تسارع الحكومة إلي توصيف المعتدي دائما بأحد تلك الأوصاف التي لا يقبلها الأقباط مبررًا كالعادة،أيضًا وفي معظم الحالات تكون الشبهة في انتماء هؤلاء لتيارات التشدد والعنف الإرهابي وخاصة أن الجاني في حالات منها يتسم بالمظهر النمطي للإرهابي كما يظهره الإعلام والدراما

وهم لا يفرقون في عملياتهم بين مسيحي ومسلم ،وبين كنيسة وجامع

والحوادث التي سقط فيها ضحايا مسلمون ربما تفوق مثيلاتها التي يسقط فيها مسيحيون

وإن كان استهداف المسيحيين يتخذ صورة أكثر تكرارًا ولا تندر فيها العمليات الفردانية

التي تنشأ في أغلبها نتيجة شحن طائفي كاره لكل ما هو خارج لحدود فرقته

التي ربما تكون مرفوضة من الجميع،عشرات الكنائس أحرِقَت ومئات الأسر هُجّرت

ومئات المحاولات لكسر وحدة الشعب المصري ولم تنجح محاولة واحدة منها،مصر عصيّة علي فكرة الإنقسام والطائفية البغيضة رغم محاولات المتربّصين بها ورغم الظلم الذي يطال الجميع وإن كان للأقباط نصيبّا أوفر من منظومة الظلم الإجتماعي والسياسي علي مدي اجيال

حادث الإسكندرية لن يكون الأخير ولن يكون القشة التي تقصم ظهر البعير ،فالضغوط تزداد علي كيان الوطن ككل وعلي الأقباط بصفة خاصة ،استمرارًا لوضع قائم وبفعل الأحداث العالمية التي لها تأثير مباشر علي الداخل المصري والتي تنذر بالمزيد من الضغوط علي المنظومة ككل والتي لها ردات فعل عشوائية للتعبير عن الغضب في صور شتى من بينها تفريغ شحنة الغضب في الجانب الأقل حماية ، والأقل عددا وهم الأقباط

ما زالت مصر بخير وقد هب السواد الأعظم من المسلمين لشجب وإدانة والتبرأ من هذه الفعلة التي قام بها عجوز مصري مسلم، أرجح أنه بالفعل مريض نفسي، غذي في فترة ما من عمره بأفكار متطرفة تعادي المخالف عامة والأقباط بصفة خاصة

ويجب أن نتعلم أن المريض النفسي احيانا يكون علي درجة ما من الذكاء والقدرة على تنفيذ أفكار شديدة الخطورة والعنف ،وهو قادر في الغالب علي الفهم والتمييز وإدارة حياته أحيانًا بقدر من الصعوبات الإجتماعية ،ولكنه في الغالب غير قادر علي السيطرة علي أفكاره في الطريق المنطقي السليم ،،بل ينساق بشدة في اتجاه أفعال لا تتسم بالمسؤولية وينقاد لأفكار لحظية دون تخطيط مسبق ولكنهم احيانا يكونون علي درجة من الذكاء والمكر الذي يمكنهم من الدوام علي إنكار إصابتهم بالمرض

لست اعمم ولكن مقولة أن المختل غير قادر علي التفكير والتمييز هي خاطئة تماما عن نفسي عايشت ثلاث من حالات مشابهة في المحيط الإجتماعي و أنا غير الطبيب،وكانت تصدر من حالتين من الحالات الثلاث تصرفات طائفية عشوائية مفاجئة

والحالة الثالثة تورطت في جريمة قتل بشعة ضد أحد أفراد أسرتها المرض النفسي موجود حولنا في كل مكان، ويجب أن نتقبل أن هناك عمليات عنف فردية تحدث من حين لآخر،وان عمليات العنف ربما طالت أحد أفراد الأسرة في المنزل،أو عنف عشوائي في الأماكن العامة

ولكن لماذا رجال الدين بالذات أو لماذا الأقباط بالذات ،فهذا نتيجة عمليات شحن طائفي حدث في مرحلة من حياة المريض ، أدت لتوجيه شحنة الغضب التي تنتابه علي فترات بصورة حادة في اتجاه هذه الفكرة التي تكونت في رأسه نتيجة هذا الشحن ومع وجود لحظة سانحة يحدث الإعتداءفي النهاية

تعرضت وحدة الأمة لآلاف الإختبارات التي نجحت فيها دون أن تترك أثراً في جسد وروح الوطن ،ولقد تباري الجميع في لوحة بديعة من التنديد والإدانة والرفض لحادث الإغتيال الجبان إلا من بعض الأصوات الشاذة المنفردة ،وطالب الجميع بالقصاص العادل و القضاء علي الخطاب المحرض التكفيري الذي طال الجميع

شاهد أيضاً

يتساءل الجهلاء : أليس المحجبات مثل الراهبات؟

إسماعيل حسني الراهبة إنسانة ميتة، صلوا عليها صلاة الميت يوم رهبنتها رمزاً لمغادرتها العالم المادي، …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.