الزواج المدني هو عقد يتم توقيعه أمام موظف السجل المدني كشاهد وموثق.ولا يختلف هذا الزواج كثيراً عن إجراءات الزواج التي تتبعها الأغلبية المسلمة في مصر.
فالزواج في الإسلام هو عقد إيجاب وقبول يتم توقيعه أمام موظف في وزارة العدل (مأذون) أو لدى محامي أو في البيت بواسطة الطرفين (عقد عرفي) مع وجود شاهدين.
أي أن الزواج في الإسلام عقد مدني وليس ديني أو إلهي وبالتالي ليس هناك اعتراض من الأزهر على إقرار الزواج المدني باستثناء وحيد وهو منع زواج المسلمة من غير المسلم ، وهي مسألة ليس لها أساس شرعي في القرآن أو السنة وتخالف مواثيق حقوق الإنسان فمن السهل التغلب عليها بالتنوير والضغط الإجتماعي أو بمسلسل درامي.
المشكلة الكبرى التي تواجه إقرار الزواج المدني في مصر هي الكنيسة الأرثوذكسية.
فعلى الرغم أن المسيح لم يضع تشريعات ولا طقوس للزواج والطلاق إلتزاماً بالناموس (شريعة موسى) وكان يحضر حفلات الأعراس كأحد المدعوين ولم يقم بأي طقوس مخالفة للأعراف السائدة ، وظل المسيحيون يتزوجون كبقية الناس في البيوت بحضور كهنة القرية كمدعوين ، ثم ظهرت عادة أن يمر موكب العروسين مروراً رمزياً أمام الكنيسة من أجل البركة ثم اخترعت الكنيسة سر الزواج في القرن الحادي عشر كوسيلة لاقتحام حياة الناس الخاصة وإحكام قبضة الكهنوت على الشعب وتحقيق عائد مادي ينعش ميزانية الكنائس والكهنة ، ولم تفلح الإعتراضات وقتها في منع هذه البدعة وهذا التغول الكهنوتي وتم إعتبار الزواج سر من أسرار الكنيستين الأرثوذكسية والكاثوليكية بينما ترفض الكنيسة البروتستانتية اعتباره سر وترى في ذلك مخالفة لتعاليم المسيح.
وبعد مجمع ترنت ١٥٤٥ ظهر أول طقس كنسي للزواج وتحول الزواج من عقد مدني إلى عقد إلهي مقدس يعقده الكاهن وتباركه الروح القدس ، وبالتدريج أصبحت الأعراس تقام في الكنائس التي تتقاضى عليها رسوم ، وإمعانا في تشديد القبضة تبنت الكنيسة ترجمة الإنجيل التي تمنع الطلاق إلا بموافقة الكنيسة وتعطيها الحق في تقرير مدى أحقية الطرفين في زواجٍ ثانٍ ، فضلاً عن إنها تقرر في البداية من له حق الزواج أصلاً ، فلا يستطيع الزواج من لا يحصل على شهادة عدم ممانعة من أب اعترافه ، مما يؤدي إلى أزمات اجتماعية متكررة تتمثل في هروب فتيات وسيدات من البيوت وتغيير ديانتهم من أجل الحصول على الطلاق أو الزواج الثاني.
وعليه فقد أصبح للكنيسة الكلمة العليا في حياة الأفراد الخاصة ، وأعلنت أن الزواج خارج الكنيسة زنا ، ومن المستحيل أن تتنازل طوعاً عن هذه السيطرة وأن توافق على إقرار الزواج المدني الذي تراه حرباً عليها وانتقاصاً من سلطتها.
موقف الدولة
تستطيع الدولة المصرية إقرار ما تشاء من تشريعات ، ولكنها حتى هذه اللحظة ليس عندها الإرادة السياسية لتحويل هذا الحلم إلى واقع ، وتجامل الأزهر والكنيسة في مقابل التأييد السياسي ، وكلما اشتعلت أزمة تعالجها الدولة بهدوء لعدم إحراج كل الأطراف ليستمر الحال على ما هو عليه ولأجل غير مسمى ، إلا لو تحركنا جميعا حتى نستمتع بشمس الحرية والعدل والضمير.لا تنسونا من صالح الدعاء.