السبت , أبريل 20 2024
القس أرنست نادي

سلسلة مقالات “حياة أفضل تُعاش”

أهداف مُحيية (3)

  القس أرنست نادي

في المقالين السابقين كان التركيز على أهمية تحديد الهدف ووضوحه، والعلاقة بين تحديد الأهداف وإدارة الوقت. في هذا المقال سوف نتناول زاوية هامة في الموضوع، وهي معوقات وضع الأهداف.

يؤكد رالف اميرسون Ralph W. Emereson على أهمية الأهداف الحقيقة الواضحة بقوله: “العالم يفسح الطريق لمن يعرف طريقه”. وأذكر في هذا المقال أهم 4 معوقات لوضع الأهداف، هم:

  1. دائرة الراحة

هذا المصطلح بالإنجليزي هو Comfort Zone، وتأتي أصل كلمة Comfort من الكلمة اللاتينيَّة Cumfortare، التي تعني الأساليب والوسائل المُتَّبَعَة لتخفيف الألم أو الإجهاد. مما يجعل الإنسان في حالة نفسيَّة مُمْتِعَة من الانسجام الفسيولوجي، والبَدَنِي، والنَّفْسِي، بينه وبين البيئة المحيطة به.

وبالتالي تكون اختياراتنا دائمًا لما هو سهل، ومريح، ومألوف، بعيدًا عن المغامرة أو التحرك للأمام لبدء شيء جديد، وتجنب التحديات والصعوبات مهما كانت الخسائر من ذلك. كل هذا للأسف يعني وجودنا داخل إطار منطقة الراحة.

وتكون النتيجة الطبيعية تعرضنا للكثير من المخاطر النفسية والاجتماعية والجسدية والروحية.

وتتوقف الحياة عند مستوى معين، يبدأ بعدها الإنسان في فقدان الرغبة على الحياة والانسحاب من كافة الأنشطة الإنسانية، وتتدهور حالته.

اعلم أنك الوحيد الذي يمكنه تغيير نوعية حياتك، بأن تبدأ الآن في إدراك هدف الحياة الذي لأجله خُلقت، وأن تستثمر وقتك في تنمية ذاتك، الأمر الذي يدفعك بقوة لتعلُّم الجديد والمفيد، لتشكيل وتجديد الذهن الداخلي واكتساب البصيرة الصحيحة، مما ينعكس على قراراتك وسلوكك، ويقودك لتحقيق نجاحك المنشود. فحياتك الحقيقية تبدأ الآن بعد قرارك الواعي بخروجك من منطقة الراحة إلى واقع الحياة.

  • برمجة الطفولة:

بلا شك التربية المبكرة تؤثر بنسبة كبيرة على شخصية الإنسان في مراحل العمر المختلفة، سواء كان هذا التأثير إيجابي أو سلبي. فأساليب التربية الخاطئة، كالاستبداد، والتساهل، والإهمال وعدم المشاركة .. وغيرها، لها آثار طويلة المدى، وتؤثر على الأبناء في الحاضر والمستقبل وتُضعف من شخصياتهم وتكوينهم الداخلي مما يظهر ذلك في سلوكهم، وأسلوب حياتهم، مثل: الإدراك السلبي للذات، والاضطرابات العاطفية، والتردد في اتخاذ القرارات، وعدم الثقة في إمكانياته، وعدم القدرة على ممارسة الحق في التعبير عن رأيهم، وفي بعض الحالات تظهر السلوكيات العدوانية، والكذب، والغش والسرقة .. وغيرها من الآثار السلبية المدمرة بسبب البرمجة الخاطئة منذ الصغر لعقلية أولادنا.

عليك أن تفهم أن شخصيتك لها ماضٍ قد لا تمتلك الكثير من القدرة على التصرف فيه، وأنك تحيا الآن في حاضر تملك الكثير للسيطرة عليه والتحكم فيه، لذا فكر في التجاري الإيجابية لشخصيتك والتأثيرات السابقة جنبًا إلى جنب مع التأثيرات السلبية، وبينما تشاهد دراما حياتك الماضية، تذكر أن ما تعلمته من التجارب السابقة، من إخفاقات ونجاحات، تساعدك في الحاضر لوضع أهداف حياتية جديدة، ترسم سيناريو مختلف للمستقبل، وتضع أمامك الكثير من العمل لتشكيل شخصية جديدة صحية وسوية.

  • الخوف:

من أهم معوّقات وضع الأهداف، حيث يتوقّع الشخص الفشل ويفقد الإرادة والعزيمة، والثقة في النفس، ويصبح غير قادر على إتمام أبسط المهمات والواجبات سواء على المستوى الدراسي أو المهني. والإنسان بطبعه يُصاب بالخوف من الخسارة، أو الانتقاد، أو المجهول، أو الرفض. وننسى أنّ الفشل هو أساس النجاح، وأنّ علينا أن نحاول ونجرّب الكثير للنجاح والوصول إلى أهدافنا، ويجب التذكر دوماً أنّ الفشل هو هزيمة مؤقّتة تخلق فرصاً للنجاح. فالخوف كالضباب يحجب رؤية فرص النجاح والنمو.

قال توماس واطسن Thomas J. Watsonمؤسس شركة IBM: “إذا أردت أن تحقق مزيد من النجاح، ضاعف معدل الفشل”. بينما آكد بابلو بيكاسو Pablo Picasso: “دائمًا أفعل ما لا أستطيع أن أفعله حتى أتعلم كيف أفعله”.

ويدعونا فرانك تايجر Frank Tiger أن نبذل الجهد في نزع القناع من وجه كل فرصة حقيقية بقوله: “المشاكل هي القناع المفضل للفرصة”.

  • أسلوب حياة يعتمد على ردود الأفعال وليس الأفعال

تعلمنا منذ الصغر قانون الفيزياء الشهير: “إن لكل فعل رد فعل يساويه في المقدار ويعاكسه في الاتجاه”. واكتشفنا مع مرور الأيام واكتساب خبرات الحياة، أن هذا القانون ينعكس أيضًا على كافة نواحي الحياة، ومنها قدرتنا على رسم أهدافنا وتحديد نمط حياتنا.

فإذ فقدنا القدرة على الفعل الحقيقي في سبيل تحقيق أحلامنا وأهدافنا، فسنصبح بلا شك تحت الطلب، عاملين في مدارات أخرى لأشخاص يسعون لتحقيق أهدافنا ونكون ردود أفعال لما يبادرون به من أفعال.

قال الكاتب بريان تراسي Brian Tracy: “من يحيا بلا هدف محكوم عليه بالعمل لصالح من يحيا لأجل هدف”. لذا علينا أن ندرك ليس فقط أن نحدد هدفًا واضحًا نحيا لأجله، بل أن يكون أيضًا هدفًا حقيقيًا يستحق أن نحيا لأجله وأن نبذل كل جهد ممكن في سبيل تحقيقه.

فالشخص السوي هو القادر على حسم صراعاته مع نفسه ومع المجتمع من خلال توجيه طاقاته نحو أهداف صحيحة ترضي حاجاته وحاجات المجتمع. وتخلق منه شخصًا فريدًا متميزًا مؤثرًا ومثمرًا.

علينا أن نؤمن بقدراتنا وإمكانياتنا التي منحنا إياها الله للحياة المميزة، فالله جهز الإنسان عضويًا لممارسة الحياة الهادفة. والقدرة على التخيل هي إحدى قدراتنا الطبيعية، إن أبطلناها نظل أسرى الواقع. وتذكر ما قاله والت ديزني Walt Disney: “الذي تقدر أن تحلم به، حتمًا ستقدر أن تحققه”.

وللحديث بقية

شاهد أيضاً

الكنيسة القبطية

لوبي باراباس الجدد ..!

لماذا لم يفكر هؤلاء الاشاوسه في نشر فيديوهات للأسقف مار ماري عمانوئيل ضد المثلية والبابا …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.