الخميس , مارس 28 2024
أحمد صالح

محاولات فك شفرة اللغة المصرية قبل حجر رشيد

أول قوانين فك شفرة اللغة أن تكون محظوظا وتجد نصا بلغتين احداهما مشفرة والأخري تفهمها وتعلم قواعدها ، وهذا ما حدث في حجر رشيد ، فاللغة اليونانية معروفة ولكن الصور والرموز في اللغة الاخري كانت مجهولة ، وحتي نصل الي هذه المرحلة ربما يحالفك الحظ بعلامة او حرفا ولكنك بالطبع وفي ظل غياب نص مكتوب بلغتين ستنتظر الاف السنين حتي تفك رموز لغة مجهولة!

في عام ٣٩٤ م ( القرن الرابع الميلادي ) وبعدها باكثر من قرن ونصف ( القرن السادس الميلادي )

كتب المصريون نصا وداعيا للغتهم علي جدران بوابة هادريان بمعبد ايزيس بفيلة

وكان النص الوداعي مكتوبا بطريقة رديئة علي غير طريقتهم لالاف السنين وفي عام ١٧٩٩ ( القرن ١٨ م ) عثر علي نص مكتوب بثلاثة خطوط ، خط معروف ، وخطان مجهولان ، وهم يمثلون لغتين ، لغة معروفة ، ولغة شفرها الزمان وما بين القرن الرابع م والقرن ١٨ م كانت هناك محاولات لفهم اللغة الغامضة التي هي عبارة عن رسومات ورموز وعلامات ، كيف كانت المحاولات ؟

هل عثروا علي نص بلغتين كي يستطيعون فهم أسرار اللغة المجهولة ، هل كان هناك اناس لا يزالو يستخدمون هذه اللغة ، هل هبطت كائنات من السماء ساعدتهم علي فك شفرة اللغة المصرية القديمة ، دعونا نتأمل قليلا في المحاولات التي سبقت اكتشاف حجر رشيد

المحاولة الأولي

من الغريب ان نجد المحاولة الاولي تسبق النص الوداعي بفيلة بحوالي ٥٠٠ عام وهذا يعني ان النص الوداعي بفيلة لم يكن اخر ما كتبه المصري القديم انما هو لحظة استثنائية قرر فيها كاهن مصري ان يحيي لغة لم يعد الناس يستخدمونها ، والمصريون في الواقع يستخدمون لغة اخري ( القبطية ) ولكنهم لم يدركون انهم يستخدمون لغة هي ابنة لغة قديمة طواها النسيان ، وسينتظرون ١٧ قرن كامل كي يفهمون انهم يستخدمون القبطية والتي هي ابنة اللغة المصرية وكانت المحاولات الاولي علي ايدي ديدور الصقلي ( قرن ١ ق م ) وبلوتارخ ( قرن ١ م ) وكليمنت السكندري ( ق ٢ م ) ، وهم في الواقع رأوا اللغة المصرية غامضة وخمنوا انها ربما تنطق صوتيا ولكن العلامات تعطي معني مجازي ، وهذا معناه انهم كانوا علي حق في تخمينهم بوجود اصوات للعلامات التصويرية المصرية ولكنهم سيحبسون عقول العالم في مجازية معاني العلامات ، اي ان كل علامة ورمز يعطي معني وهذا بالطبع خطأ كبير !

المحاولة الثانية

كانت المحاولة الثانية في القرنين ٥ و ٦ م وكان بطلها مصري يدعي حورابللو وكتب كتابا خاصا عن اللغة المصرية بعنوان ” هيروغليفيكا ” وجمع فيه ١٨٩ علامة هيروغليفية قام بدراستها وكلها كانت اخطاء فيما عدا علامة واحدة وهي علامة الاوزة التي تنطق ” سا ” ، وقال بانها تعني الابن وهذا كان صحيحا ، ولكن مبرره في المعني كان خاطئا لأنه اشار بأنها تعني ابن لان الاوز يحب اطفاله !!

وكانت محاولات حورابللو هي استمرار في الاعتقاد بمجازية المعاني

المحاولة الثالثة

كانت المحاولة الثالثة علي ايدي العرب في القرنين التاسع والعاشر الميلاديين ، وزعم العرب انهم يعرفون اسرار اللغة المصرية مثل جابر بن حيان ولكنه لم يكتب فقرة واحدة تشير الي معرفته باسرار اللغة المصرية ، والوحيد من بين العرب الذين كتبوا عن اللغة المصرية هو ابن وحشية والذي اتهم بأنه سرق افكاره في كتابه ” شوق المستهام في فك رموز الاقلام ” من تلميذ له ، ولكن علي كل الأحوال كانت كل رسوماته وحروفه خاطئة في ترجمتها الصوتية ، والميزة الوحيدة في كل ما كتبه هو أنه خمن بأن الحروف المصرية لها أصوات

المحاولة الرابعة

كانت المحاولة الرابعة في القرن ١٧ م علي ايدي الأب اليسوعي اثناسيوس كيرشر والذي يعد اول من كتب كتابا عن قواعد اللغة القبطية ، ولكنه في نفس الوقت استمر في منهج الاخرين في نشر منهج خاطئ في قراءة خاطئة لأصوات العلامات والرموز المصرية ، وتوصل فقط الي قراءة صوتية صحيحة لعلامة موجة الماء بانها تنطق ” مو

المحاولة الخامسة والأخيرة

واعتبارا من منتصف القرن ١٨ ظهر اربعة اشخاص في اوروبا وكانت هذه المرحلة هي اولي المراحل الصحيحة حول اللغة المصرية القديمة بداية من واربيرتون في كتابه ” التفويض الالهي لموسي ” والذي اشار فيه ان الكتابة المصرية هي عبارة عن حروف صوتية ويعد هذا الرجل هو اول من خالف منهج حورابوللو الذي نادي بان اللغة المصرية هي كتابة تصويرية ولها معني مجازي مشفر

ثم جاء شخص اخر وهو جان جاك بارتليمي والذي قال لاول مرة بان للكتابة المصرية خطوط وان الخط الديموطيقي مأخوذ من الهيروغليفية كما قال ايضا ولاول مرة ان الحلقات البيضاوية ( التي سيطلق عليها الفرنسيون لاحقا مصطلح الخرطوش ) تتضمن اسماء اعلام مهمة ، ويأتي الدنماركي كارستن نيبور ووضع لاول مرة قائمة للعلامات الهيروغليفية ، وتنتهي المرحلة ب جورج زويجا الذي لو ركز قليلا لكان قد سبق حجر رشيد وشامبليون في فك رموز اللغة المصرية ولكنه كان منشغلا بلغات اخري، ويعد زويجا بانه الذي فهرس العلامات الهيروغليفية واول من حدد اتجاه الكتابة بان الاتجاه الذي تنظر اليه العلامات مثل العلامات التي تمثل البشر والحيوانات

واتضح من خلال المراحل الخمسة ان العالم ينتظر نصا مكتوبا بلغتين احداهما اللغة المصرية ولغة اخري متداولة ومعروفة وهذا ما سيتحقق عام ١٧٩٩ باكتشاف حجر رشيد.

شاهد أيضاً

يتساءل الجهلاء : أليس المحجبات مثل الراهبات؟

إسماعيل حسني الراهبة إنسانة ميتة، صلوا عليها صلاة الميت يوم رهبنتها رمزاً لمغادرتها العالم المادي، …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.