السبت , أبريل 20 2024
أيمن عريان

النرجسية الطريق نحو الهاوية (١)

أيمن عريان

صارت النرجسية مرض العصر، وهي أخطر ما يواجهنا الآن.

لقد مررت السوشيال ميديا تلك الأمراض النفسية بأن جعلت إنسان العصر الحديث يدور في فلك ذاته ويتمركز حول نفسه، الأمر الذي أدى لتضخيم الذات إلى الحد الذي ظن الناس فيه إنهم نجوم مجتمعاتهم، مع أنهم لم يقدموا شيئا نافعا يذكر.

ضربتنا النرجسية جميعا (كل منا داخله مساحة تتفاوت نسبتها وتتباين من شخص لآخر) فأصبحنا كالآلهة التي بلا خطأ، والتي تحتاج يوميا إلى ما يُغذي جوعها وظمأها بالتقدير والثناء _ ربما سيحتاج الأمر يوما لأن يبخروا لنا ويقيموا لنا التماثيل ويقدمون لنا الدروع.

يتبارى الجميع لأن يكون في مقدمة الكل، مرة بالصور ومرة بالكلمات ومرة بالفنون والثقافة، نتاجر بكل شيء:

بالأطفال، بالمرأة، بالفقراء والمرضى، بالحريات، بالحيوانات، وفوق قمة الهرم التجاري يأتي الدين والروحانيات كأسهل وأرخص سلعة للتجارة.

فهذا قديس بمجرد أن جمعته صورة بعمائم طائفته الدينية، وذاك مفكر لأنه كتب رأيا في مواضيع تطرح على الساحة وصار له متابعين ومعجبات، وكثيرين يحترمون رأيه .. وهكذارغم أنه غارق في الزيف، ومحاط بالخرائب، وسبب عثرة للكل _ حتى أهل بيته يعانون معه.

تاجرنا بكل شيء، رخصنا الغالي الذي هو حياتنا ووقتنا الضائع في الدوران حول التوافه والماديات، تهنا في زحام الأخبار وقصص الجرائم ومتابعة وفيات العالم والمجتمع اليومية.

وصارت ضمانتنا النفسية وتأميننا وأماننا في لايكات الإعجاب، فإن قلت شعرنا بالدونية وأن كثرت شعرنا بالنجومية وفي كلا الحالتين لبستنا أمراض العصر النفسية.

ومن ثم صرنا فرق وجماعات، بين مؤيد ومعارض، تصارعنا، انقسمنا، شهرنا ببعضنا البعض وصارت الفضائح اليومية معلنة للكل _ سواء صحيحة أو خاطئة.

وعلى المستوى الكنسي نرفع الحرومات ونطلق على البعض عبارات التكفير والتخوين والهرطقة .. فكرهنا الآخر وربينا عداوات هذا عددها، رفعنا الستر عن بعضنا البعض وذهبت المحبة ووصايا الرب عن المحبة _ التي تقدم بها إلهنا وتميزت بها مسيحيتنا، إلى غير رجعة!

دخلت النجاسة إلى القلوب والعقول عبر محادثات الشات، استغلينا جوع الناس للعاطفة وإحتياجهم للحب والجنس، ومشاكلهم الأسرية شيّئتهم، فصاروا كسلع رخيصة في سوق العالم الإفتراضي _ ضُرِب الكثيرين بالزنا، وكثرت الخيانات الزوجية .. لم يعد الرجال فقط ساقطين بل النساء أيضا الذين كانوا أيقونة للطهر والعفة والإحترام للنفس وللعائلة.

حتى الأطفال لم تعد أطفالا وسقطوا كالكبار، فما عادت للبراءة والنقاوة مكانا لا في صغير ولا كبير! لا صلوات، لا قراءات، لا خلوة لمراجعة النفس مستهلكين، ضالين بلا مرشد، حتى الرعاة ضلوا وضللوا ليس لدينا وقت ولا طاقة لنقوم ونبني ونراجع ونفحص أفعالنا وسلوكياتنا.

رفضنا المشورة وعمل الروح القدس، وصرنا كبارا ومرجعية أنفسنا، فسقطنا وسقط المجتمع بل والإنسانية جميعها.. تجرعنا خرنوب الخنازير، ورفض مائدة الملوك الدسمة!

أيمن عريان يتبع ..؛؛

شاهد أيضاً

الكنيسة القبطية

لوبي باراباس الجدد ..!

لماذا لم يفكر هؤلاء الاشاوسه في نشر فيديوهات للأسقف مار ماري عمانوئيل ضد المثلية والبابا …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.