السبت , أبريل 27 2024
الكنيسة القبطية
ماري ملاك صادق

عمليات تجميل الله (١) .

مارى ملاك صادق

من يقرأ تاريخ البدع والهرطقات يستطيع أن يدرك جيدا أن أغلبها كان نتاج محاولة الرد علي هرطقات وبدع فوقع من يحاربون البدع في بدع أخري منها ما هو أكثر صعوبة

والبعض الآخر كان محبا لله فأراد أن يمنع عنه أي شيء يقلل منه وكأنه يدافع عن الله وينزهه من شيئا ما لا يرضي به أو يحتقره من وجهة نظره فيحاول نفيه وابعاده عن الله

وكأنهم يحاولون تجميل الله فيغيرون الحقائق بحسب ما يرونه جميل بينما لا يدركون أن الله لا يحتاج ليجمله أحد .. حاشا .. فهو كلي الحكمة والرحمة والحق والعدل والمحبة.. مثال :

أريوس ..كان كاهنا .. !!

كان يري أن الله عال جدا في سماه وكان ينظر الي كل ما هو مادي ومخلوق أنه أقل من ان تمتد يد الله اليه .. فوقع فى هرطقة أن الله منزه عن ان يخلق المادة أو العالم أو الإنسان فخلق الابن أولا كبكر للخليقة ليخلق العالم بالابن .. فصار كأنه يوجد إله (الآب ) خلق إلها أقل منه (الابن ) ليخلق به الخليقة!!!

فأنكر بالتالي أزلية الابن ووحدته في الجوهر مع الآب …… وهرطقة قادت لهرطقة مفسرا آيات الكتاب بحسب أهواءه ظنا منه أنه يدافع عن الله ( الآب )

نسطور .. بطريرك القسطنطينية!!!

ظن أنه يعطي كرامة للطبيعة اللاهوتية حين ينكر أن العذراء هي والدة الإله وجال ينادي في بدعته أن في السيد المسيح له كل المجد أقنومين وشخصين وطبيعتين، فهو حين يصنع المعجزات يكون ابن الله، وحين يتألم ويجوع ويعطش ويصلب ويموت يكون ابن مريم

أوطاخي .. راهب و رئيس دير !!

أراد أن يرد علي هرطقة نسطور صاحب هرطقة الطبيعتين في شخص المسيح له المجد فوقع في هرطقة أخرى حين علم أن الناسوت قد ذاب في اللاهوت مثلما تذوب نقطة الخل في المحيط.

أي أن الطبيعتين قد امتزجتا معًا في طبيعة واحدة ..

انبثاق الروح القدس من الآب والابن !!

هرطقة ظهرت ردًا على الأريوسيين الذين ادّعوا بأن الأب أعظم من الابن بدليل أن الآب يبثق الروح القدس والابن لا يبثقه، فلكي يؤكدوا المساواة بين الآب والابن أضافوا إلى قانون الإيمان ” نعم نؤمن بالروح القدس المنبثق من الآب والابن” .. وبالرغم من أنها بدعة ظهرت في القرن الخامس اولا وايدتها بعض مجامع صغيرة الا انها اخذت حدتها وتسببت في انشقاق ضخم فصل الخلقدونيين الكاثوليك عن الروم الأرثوذكس في القرن ال١١ ..

وهكذا وهكذا ..

فكثير من الهرطقات ظن أصحابها أنهم يدافعون عن الله بينما كان فكرهم بعيدا كل البعد عن الصواب لدرجة الهرطقة حتى حرموا من شركة الإيمان بسبب كبرياء فكرهم وتمسكهم باعتقاداتهم..

والآن يجدد لنا عدو كل خير نفس الحرب تكاد تكون بنفس أفكارها مع اختلاف أشخاص المبتدعين.. ودليل انه لا يجدد اننا نجد ردا علي كل بدعة وهرطقة من الكتاب ومن تعاليم الآباء ومن ليتورچية الكنيسة وحتى فنها وايقوناتها التى تنقل لنا الإيمان مرسوما أمام وجوهنا .. وأحيانا نشعر أن ما كتبه الآباء هو مكتوب لأيامنا هذه ..

الآن نري ..

البعض يحاول تجميل الله ليرضوا الملحدين فيلغون فكرة العدل الإلهي والعقوبة لئلا يصير الله قاسيا في نظرتهم ونظرهم .. ويتناسون أنه عادل في رحمته ورحيم في عدله .. يتناسون أن الله الذي لا يعاقب الشرير هو إله يرضي بالشر ويبرر الشرير .. وبالطبع الشرير هنا هو الذي يموت في شره .. أو الذي ينكر حاجته للخلاص من شره ..

وهذا يختلف عن الخاطيء الذي يئن بسبب خطيته ويجاهد للتخلص منها ويسمع لعمل النعمة داخلة ويستحيب لصوتها.

وبنفس المنطق يحاولون إلغاء أن الابن حمل عقاب خطايانا وعلق علي الصليب عوضا عنا ليفدينا ويعتبرون هذا أنها قسوة فإن كنا نحن أخطأنا فلماذا يدفع أحد آخر عقاب خطايانا فيلغون فكرة أن الصليب هو لحمل عقوبة..

هؤلاء يتناسون أنه من أجل السرور الموضوع أمامه احتمل الصليب .. وأن الابن بإرادته ومسرة أبيه أتى وخلصنا فلم يكن مجبورا ولا مغضوبا عليه ولكنه بإرادته حمل عنا الغضب وصار ليس خاطئا بل خطية لأجلنا .. اذ وضع عليه الرب إثم جميعنا .. بإرادته أيضا التي هي إرادة الآب .

وبنفس المنطق يلغون فكرة جهنم والنار الأبدية .. ويتفلسفون ويضعون تصورات لم يتكلم عنها الكتاب وينكرون الآيات الواضحة عن نارهم لا تطفأ ودودهم لا يموت في الظلمة الخارجية حيث يكون البكاء وصرير الأسنان..

ويظنون إن بإنكارهم فكر الدينونة يجملون صورة الله المحب متنكرين لأقوال الكتاب الواضحة والصريحة .. ولم يفكروا في أن مليارات البشر الذين عانوا من الأشرار وعذبوا وقتلوا وهتكت أعراضهم و نهبت أموالهم وعذبوا بأقصي أنواع العذابات ينتظرون العدل الإلهي إذ كيف إذا يستوي في نظرهم القاتل مع الشهيد وسافك الدماء مع المسفوك دمه و … أهذا هو العدل ؟!

هل يرضيهم هذا لو صدرت أحكام أرضية فانية وقتية تساوي بين القاتل والمقتول ؟؟ وهكذا تسمعهم ينكرون أن يرث أحد الخطية الأصلية بحجة ما ذنبنا نحن .. والعجيب أنهم يعلمون أن حكم الموت صار علي الجميع فما ذنب الجميع ؟!

ويؤمنون بفساد الطبيعة فما ذنبنا أن تفسد طبيعتنا بالمثل ؟ ويعلمون أن الارض صارت تنبت شوكا وحسكا للجميع فما ذنب الجميع ؟! ويعلمون ان المرأة تلد بالوجع .. فما ذنب كل إمرأة وهكذا …. بينما لو آمنوا بفكرة أننا أخطأنا في آدم كما شرح الكتاب والآباء ولم نخطيء مع آدم لكن فيه فمن الطبيعي أن نولد خطاة ونولد محكوم علينا بالموت وبالتالي فساد الطبيعة وهكذا يصير الأمر أكثر منطقية لو كان لابد التفكير به بحسب المنطق !!

كما أنه لأننا نرث الخطية دون أن نختار هذا فأيضا المسيح له المجد مات لأجل الجميع دون فضل منهم لكي لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الأبدية.

ومن الأمور الغريبة الأخري التي تم الترويج لها كثيرا هي فكرة : محبة الله غير مشروطة.. فهل هي فعلا غير مشروطة بالكامل كما يتم الترويج ..

أتركها للمقال القادم بنعمة ربنا حتي لا أطيل عليكم أكثر ..

#مارى_ملاك_صادق

شاهد أيضاً

المغرب

الــملــصـق المسرحي لمن ؟

نــجـيـب طــلال مـفارقات: أشرنا ما مرة، بأن هنالك ظواهر تخترق جسد المشهد المسرحي في المغرب، …

2 تعليقان

  1. الاخت مارى ملاك: سلام المسيح سوف اطلب من حضرتك تكتبي مقالة عن الهرطقة النصرانبة وتقدميها هدية للأخوة الاقباط الأحباء في مصر وعلى رأسهم قداسة البابا تواضرس وشكرا

  2. الأخت ماري: سلام المسيح: ما زلت بأنتظار ردك وشكرا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.