الأحد , أبريل 28 2024
محمد نجم محلل اقتصادى

الساعات الأخيرة قبل الوفاة.. محمد نجم المحلل الاقتصادى

نائم في سرير العناية المركزة بإحدى المستشفيات، بنسبة وعي قليلة للغاية.. تتوالى الزيارات فيقرر أحدهم أن يقول بحماس “اجمد يا محمد كده اومال ويلا قوم”.. يقطع نجم صمت جسده فينظر إلى المتحدث ويرفع يده بالإشارة الشهيرة التي تقول “أنا تمام”..

يحكي شقيقه الواقعة التي شاهدها بعينيه، فنفهم أنها الرسالة الأخيرة من محمد إلينا جميعا: “أنا بخير وهكون بخير”لن تكون هذه السطور حزينة.. فمحمد نجم لم يكن يومًا يحب الحزن والكآبة.. منذ نحو شهرين أدركت أن رحيل محمد نجم بات قريبًا.. ذلك الجسد لن يتحمل طاقة نجم وحماسه وشغفه وطموحه وإقباله، لن يقوى على احتواء روحه المنطلقة، فكانت المغادرة حتمية..رحلة المرض التي عشنا أغلب تفاصيلها معه لم تكن إلا رحلة بطولة مكتملة الأركان، لم يفقد حماسه وطاقته رغم صعوبة الأزمة والإرهاق والإعياء الذي يتسبب فيه العلاج..

كل اللقاءات التليفزيونية التي صُورّت مع نجم في العام الأخير كانت لقاءات يجاهد ليجد لها مواعيد في جدول جلسات الكيماوي.. الجلسة يوم الخميس، ثم بعدها نحو يومين إلى ثلاثة أيام راحة، ثم لقاء لا يعتذر عنه نجم في أصعب ظروف مرضه لأنه صاحب رسالة ومهمة وطنية لم يتخل عنها إلا بالموت حرفيا!”لؤي.. لازم نعمل شغل.. عندي جلسة يوم الخميس.. من هنا للخميس لازم نشتغل”.. هذا محمد نجم الذي لم يتحجج بمرضه أبدا ليستريح من ضغوط العمل، بل كان يبحث عنها كلما سمحت ظروفه الصحية..

كان مخلصا استثنائيا لقضيته، مؤمنا بهذا البلد إلى أقصى حد..

سنوات عرفت فيها محمد نجم عن قرب، لم أضبطه يوما متلبسا في أي “خناقة”.. لم أسمع أحدًا ممن زاملوه يقول عنه إلا كل خير، الكل يمدح علمه وتمكنه وأخلاقه وإخلاصه لوطنه..

كان مؤمنا بهذا البلد وقدراته وإمكانياته، غيورا إلى أقصى حد على وطنه، وعنيفا -بخلاف طباعه- ضد كل من يفكر مجرد تفكير في الإساءة لأرضه..لماذا أشار بأنه “بخير”؟

أعرف الإجابة من أحاديثنا التي استمرت سنوات، كان أغلبها يدور حول الترتيبات الإلهية المذهلة التي تقوده في كل مرة إلى خير لم يكن يتوقعه، سمعت من محمد كثيرا عن “المعجزات” التي تحدث في حياته.. لهذا فهمت الرسالة الأخيرة التي أرسلها بإشارة يده.. ثمة ترتيب إلهي جديد يقوده إلى خير لم يكن يتوقعه، معجزة جديدة تحدث الآن بعد أن استراح من آلام رافقته فترة من الزمن..

الفراق صعب، لكنها ستكون أنانية فجّة منّا إذا تمنينا أن نمنع عنه الخير الذي ساقه القدر إليه، لمجرد أن يكون بيننا حتى وهو يتألم.. نم قرير العين يا صديقي، أنهيت مهمتك بنجاح، غيّرت مفاهيم اقتصادية في أذهان الكثيرين من أهل بلدك، بسّطت ووضحّت وحللت ودافعت عن وطنك بكل ما تملكه..

خضت رحلة حياة عظيمة، بدأتها من انتظار رؤساء البنوك في الجراجات وأنت حديث التخرج لتسأل عن معلومات وتحاول جمع الخبرات لتبني نفسك بنفسك، وها هي تنتهي -رغم قصر زمنها نسبيا- وأنت ملء السمع والبصر، يتحدث الكل عنك بالخير وكأن الرحلة استمرت أضعاف زمنها الفعلي!

نم قرير العين..أعلم يقينا أنك بخير الآن.. وإلى لقاءٍ حتمي لتخبرنا عن تفاصيل معجزتك الجديدة!

لؤي الخطيب

شاهد أيضاً

مأذون يطعن رجلا حتى الموت أمام طفلته في إمبابة في واقعة نادرة

كتبت ـ أمل فرج أقدم مأذون بمنطقة إمبابة بارتكاب واقعة مأساوية، غير مسبوقة كونه مأذون؛ …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.