الجمعة , أبريل 26 2024
متي المسكين

السجود بين متى المسكين ومتى المسكين

مدحت عدلي

يقول القمص متى المسكين فى كتابه “حياة الصلاة الأرثوذكسية” سنة 1952م عن السجود :{السجود تعبير صادق عن مشاعر الخضوع والاتضاع لذلك فهو لائق جداً بالله إذ أنه سبحانه صاحب الحق الأول فى خضوعنا له واتضاعنا أمامه.

ولكن ليس هذا معناه أن السجود حركة عبادية فحسب كما قد يتطرق إلى أذهان الكثيرين فهو إذا قُدِّم لله يكون عبادة حقاً ولا يصح أن يُقدَّم بهذه الصفة لأحد آخر سوى الله.

غير أنه يصح أن يُقدَّم للآخرين وإنما فى معانى أخرى غير العبادة.

والإنجيل يحدثنا عن صور شتى لأنواع السجود : فسجود الابن الضال لأبيه يحمل معنى التوبة والندامة من ابن لأبيه.

وسجود يعقوب لعيسو أخيه سبع مرات إلى الأرض كما يقول الكتاب كان لاسترضاء وجه أخيه وصرف روح الغضب وقد نجح يعقوب فى ذلك إذ لما رآه أخوه ركض إليه وعانقه (تكوين 33).

وسجود بنى يعقوب ليوسف أخيهم وهو رئيس لمصر كان علامة الولاء الواجبة لرئيس الأرض.

وسجود إبراهيم المبارك من فم الله لبنى حث الشعب الوثنى كان علامة اتضاع شديد ودعة نفس امتاز بها إبراهيم (تكوين 23).

وسجود المرأة الشونمية لإليشع أمام قدميه إلى الأرض كان اعترافاً بالجميل وتكريماً لروح النبوة التى أقامت ابنها الميت حياً. هكذا نرى للسجود معانى أخرى غير العبادة تنحصر فى أشخاص الناس.

فإذا انحرفنا بالسجود أمام بعض الأشخاص مهما كانت صفتهم لكى نشركهم فى نوع السجود الذى نقدمه لله كان ذلك شططاً منا بل كفراً وامتهاناً لله.

فعل ذلك يوحنا الرسول فى رؤياه وهمَّ بالسجود للملاك من فرط تأثره فمنعه الملاك : (فخررت أمام رجليه لأسجد له فقال لى انظر لا تفعل أنا عبد معك ومع إخوتك الذين عندهم شهادة يسوع.

اسجد لله) (رؤيا 19 : 10)}حياة الصلاة الأرثوذكسية – صفحة 640/641 يوضح الأب متي المسكين أنه يوجد أنواع مختلفة من السجود غير سجود العبادة ويستدل على ذلك بما جاء فى الإنجيل وإذ به يضرب خمسة أمثلة ليس فيها من الإنجيل إلا مثالٌ واحدٌ وهو مثال الابن الضال والغريب أن هذا السجود من قِبَل الابن الضال غير موجود فى الإنجيل وقد قرأتُ تفسير القمص متي المسكين لمثال الابن الضال ولم أجد فيه سجوداً.

فإننا لا نجد فى العهد الجديد سجوداً فعلياً لغير الله إلا سجود كرنيليوس لبطرس الرسول وقد رفض بطرس الرسول سجود كرنيليوس موضحاً له أنه إنسان مثله.

وقد شطَّ الأب متى المسكين إذ نسب ليوحنا الرسول الشطط بل الكفر فى رؤياه بالسجود للملاك.

وبعد أكثر من سبعة وثلاثين عاماً يقول القمص متى المسكين فى كتابه “تفسير أعمال الرسل” بعد سنة 1989م عن السجود :{كرنيليوس وهو ضابط وأقصى ما عند الضابط من تحية أن ينحنى برأسه وليس أكثر وإلا يهين كرامة الجندية بل كرامة الملك الذى جُنِّد ليحمل لواء كرامته ولكن كرنيليوس تجند حديثاً على نفقة ملك آخر موطنه السماء والأرض موطىء قدميه ، كرنيليوس انحنى حتى السجود إلى الأرض لذلك الملك الذى من قِبَلهِ جاء بطرس ودخل بيته ليُعلِنه له ولكن كرنيليوس خلط بين السيد والعبد فأسرع بطرس ليحمى اتضاعه ويرفع من كرامة سيده فأقامه من أمامه ليسجد بالروح لله أبى الأرواح كلها إن فى السماوات أو على الأرض (اسجدوا لله يا جميع ملائكته)(مزامير 97 : 7 حسب السبعينية)} تفسير أعمال الرسل للقمص متى المسكين – صفحة 755/756 ولنا على هذا التفسير بعض المآخذ :

المأخذ الأول : قوله إن كرنيليوس سجد للملك الذى من قِبَلهِ جاء بطرس ثم قوله إن كرنيليوس خلط بين السيد والعبد ينم عن تخبّط إذ أنه كيف يكون سجود كرنيليوس للرب الذى أرسل بطرس وفى الوقت ذاته يخلط بين الرب وبطرس؟!!!

المأخذ الثانى : قوله إن السجود يهين كرامة الجندية فمن باب أولى إنه يهين كرامة الجندى الحامل الجندية فلماذا تقبلون سجوداً يهين الكرامة؟!!!

المأخذ الثالث : قوله إن السجود يهين كرامة الملك الذى جُنِّد ليحمل لواء كرامته فمن باب أولى إنه يهين كرامة الملك ذاته إذا سجد فكيف تقبلون سجوداً ممن جعلهم الله ملوكاً؟!!!{ومن يسوع المسيح الشاهد الأمين البكر من الأموات ورئيس ملوك الأرض الذى أحبنا وقد غسلنا من خطايانا بدمه وجعلنا ملوكاً وكهنة لله أبيه له المجد والسلطان إلى أبد الآبدين آمين}(رؤيا 1 : 5/6)يتبع هذا المقال مقال مفصّل عن السجود.

شاهد أيضاً

الكنيسة القبطية

الضابط شفتيه، فطين

ماجد سوس تفاح من ذهب في مصوغ من فضة، كلمة مقولة في محلها. تلك المقولة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.