السبت , أبريل 20 2024
اسماعيل حسنى
إسماعيل حسنى

حكايتي مع الحجاب .. كيف نشروا الحجاب في مصر

في منتصف السبعينات اقتربت كثيرا من خطيب المسجد القريب من المنزل بسبب أسئلتي الكثيرة التي كانت تفتح شهيته للحديث ، وكان صوفي النزعة ذو ثقافة دينية موسوعية.

ثم توطدت علاقتي به أكثر عندما طلب مساعدتي في الإستعداد لامتحان اللغة الإنجليزية الضروري للإعارة لإحدى الدول الإفريقية.

ذات يوم وجدته مكتئبا غاضبا من ابن عمه وصديقه (إمام مسجد أيضا ) متهما إياه بالنفاق لأنه يعمل في إعداد كشوف المكافآت الشهرية والإعارات في سفارة “الأبالسة” ويرفض إدراج إسمه في تلك الكشوف لأنه لا يقول ما يريده الأبالسة : يريدون أن ننسى ما تعلمناه في الأزهر وننشر أفكار الوهابية ، يريدون أن ندعو إلى فرض الحجاب على النساء.

قلت وما الذي يغضبك في هذا وأنت دائما تنتقد الكاسيات العاريات في خطبك ؟ … قال : ننتقد ونعظ ولكن لا نفرض على الناس ما لم يفرضه الله.

الحجاب فرض على نساء النبي فقط وهن لهن أحكام خاصة ، ولو شاء الله لفرضه على جميع النساء ، ولكنه لم يفعل ، فكيف نتبين المحتشمة من غيرها إذا ألزمنا جميع النساء بزي واحد ؟

إن للمرأة في الإسلام عورتان : عورة مغلظة داخل الصلاة وهي جميع البدن عدا الوجه والكفين ، وعورة مخففة خارج الصلاة تركت للعرف والأخلاق وهي مناط الوعظ والإرشاد

هم يريدون أن تسير النساء في الشوارع بزي الصلاة كما هو الحال في بلادهم وهذا ابتداع في الدين ، فكيف ألقى الله وقد ابتدعت في دينه ؟ قلت يمكنك أن تزيد من انتقادك لملابس النساء العارية وبهذا ترضيهم ولا تبتدع.

قال لا ياسيدي ، هم يريدون استخدام لفظ الحجاب بالتحديد وتكراره في كل خطبة ، كما يفعل الشيخ كشك وغيره من مشايخ الإخوان الذين نجحوا في استقطابهم

والغريب أن وزارة الأوقاف تمكنهم من المنابر بعد أن خرجوا من السجون.

قلت أظنك تبالغ في تضخيم المشكلة إن هو إلا لفظ ، قال أنت لا تفهم ، الواضح أن الحجاب هو رمز لدخول الوهابية مصر ، وما يعنيه ذلك من القضاء على عقيدتنا الأشعرية والمذاهب الإسلامية ، وإن نجحوا سوف نصبح حنابلة وهابية ، ولو قرأت تاريخ الوهابية ستعرف أن مصر إن أصبحت ولاية وهابية فستشهد معارك تشدد وعنف وتكفير ولن تعود أبدا مصر التي نعرفها.

وبعد أسابيع فوجئت بصديقي الشيخ يدعوا لارتداء الحجاب في خطبته ، فذهبت إليه وقلت : هل اقتنعت أنك كنت مبالغا في تقدير المشكلة ، فنظر إلى بأسى قائلا : الله غالب يا أخ إسماعيل

لقد جاءوا لنا بالشيخ كشك ليحاضرنا ويعلمنا ديننا ، وأن حال البلد لن ينصلح إلا بإصلاح حال النساء وفرض الحجاب عليهن ، وعندما حاول بعض إخواننا مناقشة هذا الكلام قام وكيل الوزارة بتوبيخهم واتهمهم بالتساهل مع الفسق والإنحلال ، وأعلن أن الوزارة سترسل لنا إرشادات واجب الإلتزام بها في الخطب والدروس المسائية في المساجد ، التيار قوي جدا والدولة نازلة بتقلها ، ولا يكلف الله نفسا إلا وسعها وأنا مجرد خطيب مسجد ، وعندي ولاد لازم ياكلوا ويشربوا.

تزامن هذا مع نشاط المستشار الثقافي للرئيس السادات محمد عثمان إسماعيل في الجامعات (كُتب كثيرا عن هذا الدور) ، حيث دعا الطلاب لحضور اجتماعات تثقيفية في مقر الإتحاد الإشتراكي حضرها مساعدوه ومشايخ كثر ، وكان ملخص الإجتماع ضرورة التصدي للشيوعيين الملحدين في الجامعات وإفساد اجتماعاتهم بالطلبة ومنع الحفلات الفنية (الوسخة) التي يقيمونها ولو بالقوة ، والإنضمام للجماعات الدينية التي ستنشأ في كل كلية ومقاومة انتشار الملابس العارية بدعوة الفتيات لارتداء “الحجاب”.

فانكشفت الخطة ولم نعد ثانية لهذه الإجتماعات.

عندما أخبرت صديقي الشيخ بما دار في هذا الإجتماع ، ابتسم ابتسامة يائسة وقال : ألم أقل لك يا أخي الدولة نازلة بتقلها ، ويبدو أنه قد قضي الأمر ، حتى مشيخة الطرق الصوفية التي تمثل 15 مليون صوفي يقومون بتهدئتنا ويطالبوننا بعدم مواجهة الوزارة والإلتزام بإرشاداتها ، وعلمنا بعد ذلك أن شكاوي المشيخة قد عادت بتعليمات سيادية أمنية بضرورة الإلتزام بتوجيهات وزارة الأوقاف واعتبارها مسألة أمن قومي.

قلت متشككا هل تظنهم سينجحون ؟

قال الأموال المرصودة تفوق الخيال ، ولا حديث للمشايخ هذه الأيام إلا عن الشيخ الذي قبض كذا ، والشيخ الذي أصبح يمتلك سيارة وهكذا ، حتى مشايخ الصوفية بدأوا يأخذون منهم ، إنهم يريدون تحويل مصر بالمال إلى ولاية تابعة لهم والحجاب هو الرمز وكلمة السر.

هكذا انتشر الحجاب في مصر ، برشاوي السعودية وجهود أمن الدولة والإخوان…إن فك الإرتباط بين الدين ورمز الإسلام السياسي (الحجاب) في ذهنية المواطن هو الخطوة الأولى نحو التحرر.

لهذا نقول ونكرر : أن الإخوان بخير ما دام حجابهم بخير.

ولا تنسونا من صالح الدعاء.

شاهد أيضاً

الكنيسة القبطية

لوبي باراباس الجدد ..!

لماذا لم يفكر هؤلاء الاشاوسه في نشر فيديوهات للأسقف مار ماري عمانوئيل ضد المثلية والبابا …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.