جريدة الأهرام الجديد الكندية 
مقالات مشابهة
لا اعرف تحديدا متى زرت معرض الكتاب اول مرة لكن اعتقد منذ بداية التمانيات او ربما قبلها بكام سنة.. كان وقتها صالات قليلة ضخمة تتوزع على امتداد هذه المساحة الهائلة فى ارض المعارض بمدينة نصر.
وكنا نمشي بينها فرادى كأننا في صحراء شاسعة اذ لم يكن هناك تلك المطاعم والكافتريات التي تنتشر بصورة كبيرة هذه الايام. واذكر ان اول كتاب اشتريته من اول معرض كان قاموس المورد ولهذا قصة عجيبة..
ذلك اني نشأت في اسرة متوسطة الحال وعدد اسرة كبير فلم يكن ميسورا شراء هذا القاموس الباهظ الثمن ونحن صغار فكنا نكتفي بقاموس جيب مهترئ طارت منه اول ٢٠ او ٣٠ ورقة لا اعرف كيف وجدناه في البيت
ومن الذي جلبه ربما كان ابي رحمه الله لانه كان غاوي ثقافة برضه وقارئ.. وانا صغير واحد من اصحاب اخي الكبير المقتدرين سلفنا قاموس المورد كام يوم..
كنت طاير من الفرحة بهذا القاموس الضخم وكنت انام وهو في حضني لكن مالبث ان استعاده فحزنت حزنا شديدا وفجأة هداني تفكيري الطفولي ان اكتب لناشر القاموس في بيروت ان يهديني نسخة منه ويرسلها الي في القاهرة لاني ليس معي مال اشتريه به ههه
وبالفعل ارسلت رسالة ولكن طبعا محدش سأل في الغلبان ههه.. علشان كده لما كبرت وعشقت اللغة الإنجليزية بمعاونة قاموس الجيب المقطع قررت أن يكون عندي قاموس المورد من حر مالي.. وكان القرار شراءه من معرض الكتاب بسعر مخفض وفعلا اشتريته وعندما امسكته بين يدي كأني أم تاه ابنها الصغير منها ووجدته بعد ان قطعت طريقا طويلا بحثا عنه في كل مكان
لم أصدق نفسي اني ممسك بالقاموس وروحت اتصفحه واتأمله من الامام والخلف كأنه شيئ عزيز علي..
ما أجمل ان تحظى بشيئ كنت تتمناه وتعمل له حتى تراه أمامك..
شعور نبيل وجميل قلما مررت به في حياتي
أما اليوم وبعد ان انقضى شرخ الشباب ومرور السنين فاني امتلك مكتبة خاصة بها آلاف الكتب والقواميس ولم يعد لدي تلك الرغبة المشبوبة التي تملكتني وانا صغير فقد اطعمني الله وسقاني حتى هنئت وسعدت بتوفيقه جل علاه.
