الخميس , مارس 28 2024
الكنيسة القبطية
ماري ملاك صادق

زمن افتخار العلاقات علي الحق والوصية الكتابية

مارى ملاك صادق

عار علي الكنيسة السريانية ان يشارك احد اساقفتها بالحضور لرسامة إمرأة أسقفا للجماعة المدعوة أنجليكانية بالسويد ..رسالة أبونا ومعلمنا فم الذهب مثلث الرحمات البابا شنودة الثالث لشرح رأى الكنيسة الأرثوذكسية فى كهنوت المرأة الذى قُدم إلى مؤتمر لامبث للأنجليكان بإنجلترا سنة 1988 هذه رسالة أعدها قداسة البابا شنودة الثالث بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية عن رأى الكنيسة القبطية الأرثوذكسية فى موضوع منح الكهنوت للنساء.

وقام نيافة مثلث الرحمات الأنبا بيشوى بتقديمها فى المؤتمر عندما حضره كممثل لكنيستنا (بصفته مراقب Observer). مرجعنا الأول فى البحث هو الكتاب المقدس الذى يمكننا أن نجد فيه ما يعبر عن الفكر الإلهى تجاه هذا الموضوع لأن “كل الكتاب هو موحى به من الله ونافع للتعليم.. الذى فى البر لكى يكون إنسان الله كاملاً متأهباً لكل عمل صال”ح (2تى 3 : 16،17).

نحن فى بحثنا عن الحقيقة لا يمكننا أن نعتمد على حكمتنا الخاصة.

بل يجب أن نعود إلى الكتب المقدسة، متذكرين قول الرب فى سفر الأمثال “يا ابنى لا تنسى شريعتى بل ليحفظ قلبك وصاياى.. توكل على الرب بكل قلبك وعلى فهمك لا تعتمد.. لا تكن حكيماً فى عينى نفسك طوبى للإنسان الذى يجد الحكمة وللرجل الذى ينال الفهم.. طرقها طرق نعم وكل مسالكها سلام.

هى شجرة حياة لممسكيها والمتمسك بها مغبوط” (أم3: 1، 5، 7، 13، 17، 18).

ليس من حقنا أن نضع تعليماً أو تشريعاً أو نظاماً فى الكنيسة لا يتفق مع تعليم الكتاب المقدس. ولهذا فالقديس بولس الرسول يوصى أهل تسالونيكى قائلاً: “فاثبتوا إذاً أيها الأخوة وتمسكوا بالتعاليم التى تعلمتموها سواء كان بالكلام أم برسالتنا” (2تس15:2) ثم يؤكد هذا المعنى محذراً إياهم قائلاً: “ثم نوصيكم أيها الأخوة باسم ربنا يسوع المسيح أن تتجنبوا كل أخ يسلك بلا ترتيب وليس حسب الترتيب الذى أخذه منا” (2تس6:3).

المرجع الثانى فى البحث هو تقليد الكنيسة وبخاصة فى عصورها الأولى على اعتبار أنها أخذت التعليم من مصادره السليمة من السيد المسيح والرسل فإذا بحثنا فى الكتاب المقدس وتقاليد الكنيسة القديمة نجد ما يلى:

1- عدم قيام المرأة بالتعليم فى الكنيسة: وفى ذلك يقول القديس بولس الرسول: “لتتعلم المرأة بسكوت فى كل خضوع. ولكن لست آذن للمرأة أن تُعلّم ولا تتسلط على الرجل بل تكون فى سكوت.

لأن آدم جُبل أولاً ثم حواء. وآدم لم يغو لكن المرأة أغويت فحصلت فى التعدى. ولكنها ستخلص بولادة الأولاد إن ثبتن فى الإيمان والمحبة والقداسة مع التعقل” (1تى11:2-14).

ونلاحظ أن تعليم القديس بولس الرسول فى هذا المجال قد قدم تبريراً لهذا المنع لا علاقة له بالظروف الاجتماعية السائدة فى ذلك الزمان ولا بالظروف الخاصة للكنيسة التى كان يرعاها تلميذه تيموثاوس، بل استند إلى أمور تخص الرجل والمرأة منذ بداية الخليقة وحتى قبل خروج آدم وحواء من الفردوس بسبب الخطية. فإذا علمنا أن المرأة لا ينبغى أن تعلم فى الكنيسة فمن باب أولى لا يجوز منحها درجات من درجات الكهنوت حيث أن الكاهن يمارس خدمة الأسرار إلى جوار التعليم وقيادة الكنيسة فى حدود مسئوليته.

2- الرجل هو رأس المرأة حسب تعليم الكتاب المقدس: يقول القديس بولس الرسول “أيتها النساء اخضعن لرجالكن كما للرب. لأن الرجل هو رأس المرأة كما أن المسيح أيضاً رأس الكنيسة وهو مخلص الجسد.

ولكن كما تخضع الكنيسة للمسيح كذلك النساء لرجالهن فى كل شئ” (أف5: 22-23).

كيف يمكن تطبيق هذا التعليم فى حالة منح الكهنوت للمرأة؟ كيف تخضع لرجلها فى كل شئ إن كانت هى التى تقوم بعمل القيادة والرعاية والتعليم؟ المفروض أن الخراف هى التى تخضع لراعيها والتلاميذ لمعلمهم والأفراد لقائدهم والأبناء لآبائهم.

نحن نقرأ أيضاً: “ولكن أريد أن تعلموا أن رأس كل رجل هو المسيح وأما رأس المرأة فهو الرجل.

ورأس المسيح هو الله.

لأن الرجل ليس من المرأة بل المرأة من الرجل.

ولأن الرجل لم يخلق من أجل المرأة بل المرأة من أجل الرجل” (1كو11: 3، 8، 9).

3- الكاهن يمثل المسيح نفسه: لقد أعطى السيد المسيح للرسل بسلطان الروح القدس فى الكهنوت أن يغفروا الخطايا على الأرض وأن يصالحوا الناس مع الله وأن يحملوا بركات الخلاص والفداء لجميع شعوب العالم، إذ صاروا وكلاء أسرار الله (1كو1:4).

وصيرهم السيد كهنة على مثاله فى تقديم ذبيحة الفداء باستحقاق ذبيحة نفسه على الصليب صائراً هو نفسه رئيس كهنة إلى الأبد.

وقد ربط معلمنا بولس الرسول بين عمله الكرازى فى التعليم وعمله الرسولى فى الكهنوت والأسرار وعبّر عن ذلك بقوله: “النعمة التى وُهبت لى من الله حتى أكون خادماً ليسوع المسيح لأجل الأمم مباشراً لإنجيل الله ككاهن ليكون قربان الأمم مقبولاً مقدساً بالروح القدس” (رو 15 : 15 ، 16).

إن الأمم الذين قبلوا الإيمان واختبروا فى المعمودية والأسرار المقدسة شركة الموت مع المسيح قد اعتبرهم القديس بولس الرسول بمثابة قربان تشتعل فيه النار الإلهية ليكون مقدساً مقبولاً أمام الله.

لا يستطيع أحد أن ينكر أن عمل الكهنوت هو امتداد لعمل المسيح الخلاصى على الأرض.

ولهذا فالكاهن يمثل السيد المسيح فى رسالته الخلاصية. وقيل عن السيد المسيح أنه رئيس كهنة وليس رئيس كاهنات.

ومن جانب آخر نلاحظ أنه لم يكن بلا ترتيب أن جاء السيد المسيح رجلاً وليس امرأة، لهذا يقول الكتاب “يسوع الناصرى رجل وقد تبرهن لكم من قبل الله بقوات وعجائب آيات صنعها الله بيده فى وسطكم كما أنتم أيضاً تعلمون” (أع2: 22).

كل طفل يولد من الممكن أن يكون ذكراً أو أنثى أما السيد المسيح فقد ولد ذكراً إذ هو رئيس الكهنة الأعظم.

وله الأبوة الروحية والرئاسة على الكنيسة كلها إذ هو رأس الكنيسة لهذا قيل عنه “لأنه يولد لنا ولد ونعطى ابناً وتكون الرئاسة على كتفه ويدعى اسمه عجيباً مشيراً إلهاً قديراً أباً أبدياً رئيس السلام” (أش9: 6، 7).

فالوحى الإلهى هنا يعلن بوضوح أن هناك علاقة وثيقة بين الأبوة والرئاسة والقيادة والإرشاد.

4 – لم يسبق فى التاريخ أو التقليد مثل هذا الكهنوت للمرأة: السيد المسيح نفسه اختار رسله من الرجال ولم يختر بينهم امرأة واحدة ولا على سبيل الاستثناء.

بل سلم الكنيسة لاثنى عشر رجلاً، ثم أرسل إرسالية من سبعين رجلاً، وأوصى بالكنيسة لتلاميذه (مت28) و(مر16) وكلهم من الرجال.

كذلك الآباء الرسل لم يختاروا امرأة واحدة لتصير كاهنة بل أقاموا جميع خلفائهم من الرجال فقط بلا استثناء واحد.

5- العذراء القديسة مريم وعلاقتها بالكهنوت: العذراء مريم وهى أقدس إنسانة لم تتول أى عمل من أعمال الكهنوت ولو كان يحق الكهنوت للمرأة لكانت هى أولى من غيرها فى كل زمان ومكان.

الذين يطالبون بالكهنوت للمرأة عليهم أن يتأملوا عملياً مثال العذراء مريم، التى ولدت الله الكلمة بالحقيقة وساهمت فى تنشئته -وهو رئيس الكهنة الأعظم- لكنها ظلت محتفظة بدورها الطبيعى كأم ولم تطالب بالكهنوت على الإطلاق. 6-الإفخارستيا والكهنوت: نلاحظ أن السيد المسيح قد سلم تقديس الإفخارستيا لتلاميذه الرجال الذى كلمهم حوله على مائدة الفصح وقال “اصنعوا هذا لذكرى” (لو22: 19).

7- منشأ الكهنوت: الكهنوت منذ بدايته كانت نشأته حسب ما ورد فى (خر1:13) “قدس لى كل بكر كل فاتح رحم”.

وكان المقصود بذلك كل بكر من الذكور بدلاً من الأبكار الذين افتداهم الرب فى أرض مصر ضرب جميع أبكار المصريين.

ثم استبدل الرب الأبكار من الذكور بكل ذكر من سبط لاوى “وقال الرب لموسى عد كل بكر ذكر من بنى إسرائيل من ابن شهر فصاعداً وخذ عدد أسمائهم.

فتأخذ اللاويين لى. أنا الرب.

بدل كل بكر فى بنى إسرائيل فكان جميع الأبكار الذكور بعدد الأسماء من ابن شهر فصاعداً المعدودين منهم اثنين وعشرين ألفاً ومئتين وثلثة وسبعين” (عد3: 40-43).

أما عدد اللاويين “جميع المعدودين من اللاويين الذين عدّهم موسى وهارون حسب قول الرب بعشائرهم كل ذكر من ابن شهر فصاعداً اثنان وعشرون ألفاً” (عد3: 39).

ونظراً لوجود فرق فى العدد مقداره مئتين وثلاثة وسبعين فقد طلب الرب عنهم خمسة شواقل فضة لكل رأس (عد3: 47).

ولو كان من الممكن منح الكهنوت للمرأة لكان الأولى أن يأخذ هذا الفرق من بين الإناث الذين ولدوا قبل باقى اخوتهم.8- الكهنوت هو للرجال فقط:

نلاحظ أن أنواع الكهنوت التى قدمها لنا الكتاب المقدس كلها من الرجال. سواء كهنوت الآباء البطاركة الأول مثل نوح وأيوب وإبراهيم وإسحق ويعقوب، أو الكهنوت الهارونى، أو كهنوت ملكى صادق، أو كهنوت الرسل وخلفائهم من الأساقفة كله كهنوت رجال وبهذا يكون كهنوت المرأة هو ابتداع فى الدين.

9- إنقسامات فى الكنيسة: لاشك أن هذا الابتداع فى الدين سوف يكون سبباً فى حدوث نزاعات تؤثر فى وحدة الكنيسة.

سواء وحدة الكنيسة الأنجليكانية داخلياً، أو فى علاقتها مع الكنائس الأخرى. وهنا نحب أن نقول أننا كنا نتطلع نحو مزيد من التقارب بين كنائسنا لا إلى مزيد من التباعد.

10- نتائج المبالغة فى إعطاء حقوق للمرأة خارج إطار تعليم الكتاب: نحن نرى العالم يندفع مسرعاً نحو تعديل ما يختص بالتعليم الكتابى.

حتى وصل الأمر بالمدافعين عن حقوق المرأة إلى محاولة فرض الإنوثة على اسم الله نفسه.

ومنع كلمة أبانا أو أبوكم السماوى وهنا تغيير للكتاب فى مواضيع عديدة يختص بعضها بالأقانيم الإلهية وعلاقتها ببعضها، مثل علاقة الابن بالآب السماوى ويختص بعضها بالفداء وعمل المسيح الكفارى وأبوته الروحية كرئيس كهنة.

11- عقبات عملية : هناك عقبات عملية بالنسبة للمرأة فى فترات الحمل والولادة والرضاعة الأمور التى تأخذ بسببها بعض النساء الموظفات عطلات طويلة من وظائفهن.

وربما يؤدى الانشغال بعمل الكهنوت إلى إهمال وظيفة ربة البيت تماماً بما فى ذلك تربية الأطفال.إعتراضات والرد عليها:

أ- قد يعزو البعض ما ذكر فى الكتاب المقدس مضاداً لمنح الكهنوت للمرأة وكذلك ما نراه فى التقليد السائد فى كل الكنائس القديمة، بأن المرأة لم يكن لها دوراً فعالاً فى المجتمع بصفة عامة مما أدى إلى منعها من ممارسة الكهنوت فى الكنيسة تمشياً مع الوضع الاجتماعى السائد فى ذلك الحين وأن المرأة قد أصبح لها دوراً فعالاً فى المجتمع فى الوقت الحاضر مما يدعو إلى إعادة النظر فى التعليم الكتابى وما عمله لنا التقليد الكنسى بهذا الشأن.

ولكننا نجيب عليهم ونقول أن المرأة فى كل الأجيال كان لها تقديرها فكان هناك نساء نبيات مثل مريم أخت موسى وهارون ومثل دبورة القاضية والنبية، ومثل خلدة النبية.. الخووجد فى الكتاب المقدس وفى التاريخ ملكات مشهورات مثل أستير الملكة ومثل ملكة سبأ التى ذكرها السيد المسيح وملكات فى شعوب كثيرة مثل كليوباترا وحتشبسوت.. الخ وبالرغم من وصول هؤلاء النسوة إلى هذه المناصب وقد بقى الكهنوت -حسب تدبير الله فى وسط شعبه- ميداناً لا تدخله المرأة فهى من الممكن أن تصير ملكة وممكن أن تصير قائدة الجيش ويمكن أن توجد أسفار فى الكتاب المقدس باسمها.

فلا مجال للإدعاء بأن مكانة المرأة لم يكن لها وجود فى العهد القديم.

وفى أيام السيد المسيح كانت هناك لهن مكانة كبيرة كالعذراء مريم، والمجدلية التى أخبرت بالقيامة، ومثل النساء اللائى وهبن بيوتهن لتصير كنائس مثل أم يوحنا الملقب مرقس ومثل ليديا بائعة الأرجوان ومثل بريسكيلا زوجة أكيلا (رو 16) ومثل بنات فيلبس المبشر اللائى كن يتنبأن ومثل نساء كثيرات ذكرهن بولس الرسول فى (رو16) بالاسم وذكر تعبهن فى الكنيسة ومع ذلك لم يعط الكهنوت لواحدة منهن..المجامع المسكونية التى اجتمعت فيها قيادات الكنيسة فى العالم لم يكن فيها امرأة واحدة.

دور المرأة المناسب فى الكنيسة: المرأة تصلح أن تكون شماسة (بدون وضع يد) تساعد أسقفاً فى أمور الخدمة مثل فيبى شماسة كنيسة كنخريا وأوليمبياس التى كانت شماسة للقديس يوحنا فم الذهب بطريرك القسطنطينية.. نحن نعطى اختصاصات للمرأة فى أعمال كثيرة فى الكنيسة فى الخدمة الاجتماعية

وفى تعليم النساء والأطفال وخدمتهن وفى رسم الأيقونات، وفى صنع ملابس الكهنوت، وفى رعاية الأيتام والمتغربات والمحتاجين.. الخ. ولكن لا يوجد أى سند فى الكتاب المقدس أو التاريخ لتعليم المرأة للرجال أو قيامها بخدمة الكهنوت للرجال.

لهذا فمن واقع محبتنا للكنيسة الأنجليكانية ومن واقع حرصنا على مزيد من التقارب بين الكنائس فى العالم فإننا نهيب بمؤتمر الكنيسة الأنجليكانية أن ينظر إلى الأمر بمزيد من الاهتمام وأن يتناول هذه القضية الحساسة بمزيد من الدراسة والبحث.

وإن كان هناك حواراً قد بدأ بين الكنيسة الأنجليكانية وكنائس العالم فمن باب أولى أن يقوم الحوار فى الأمور التى تسير فى طريق التغيير والتباعد قبل النقاط التى كان الاختلاف موجوداً فيها من قبل.

وفى الختام أرجو أن أعبر لكم عن محبة قداسة البابا شنودة الثالث لكم ودعائه من القلب أن يعمل الروح القدس فى قلوب المجتمعين فى مؤتمر لامبث.

شاهد أيضاً

يتساءل الجهلاء : أليس المحجبات مثل الراهبات؟

إسماعيل حسني الراهبة إنسانة ميتة، صلوا عليها صلاة الميت يوم رهبنتها رمزاً لمغادرتها العالم المادي، …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.