الإثنين , أبريل 29 2024
الكنيسة القبطية
نبيل شرف الدين والراهب القمص سيداروس

الكاتب نبيل شرف الدين يتحدث عن صداقته مع الراهب القمص سيداروس ” الأنبا سيداروس” حاليا

الصورة مع صديقي وحبيبي الأب الراهب القمص سيداروس، أمام دير «الأنبا صموئيل المُعترف» قبل نحو 15 سنة، الذي تمت رسامته أسقفًا عامًا لكنائس عزبة النخل، وبهذه المناسبة أتذكر قصة طريفة، فقد كان أول دير أدخله في حياتي، وبعدها اعتدت زيارته، حين اصطحبني صديق عمري د.مكرم معوض ربنا يقدرني على رد جمايله وما تلقيته من ضرب وتوبيخ بسبب مغامراتنا

فقد كنت طفلا أقضي معظم أجازة الصيف إجباريًا بتعليمات أبي في بلدة أعمامي ثم بلدة أخوالي على امتداد خريطة الصعيد السعيد، ومرت سنوات التحقت خلالها بمدرسة داخلية ثم كلية الشرطة، وبعدها الدير، تخيل يا مؤمن من سن 14 سنة داخلية منضبطة ثم كلية شرطة ثم الدير حين شرفت بخدمة قداسة العظيم في البطاركة البابا شنودة الثالث، ثم سافرت لألمانيا المنضبطة بزيادة، لاستكمال دراسة القانون الدولي العام بمنحة من جامعة ألمانية مرموقة

الكنيسة القبطية

ولما عدت زرت الدير وكان أول راهب تربطني به صلة وثيقة هو الأب سيداروس، ولعبت الكيمياء الإنسانية وتقاربنا بالعمر دورًا في التواصل الروحي بيننا، وذات مرة كنا نتناقش في عدة أمور، ناديته دون قصد مني بلقب (سيدنا) فابتسم وقال : أنا لا أستحق هذا اللقب، أنا مجرد خادم متضع وقتها اربكت ولم أكن أدري هل أعتذر أو أفضل الصمت، وهذا ما حدث فعلاً، وعندما علمت برسامته اتصلت بنيافته مهنئًا، وإذا به يُذكرني بما حدث حين ناديته سيدنا ويفسر الأمر بأن الروح القدس نطق على لساني، وخلافًا لما كنت أتوقع أنه سعيد

لكني لمست نبرة حزن في صوته، فسألته عن سببها فإذا به يقول إن هذه الرسامة مسؤولية واختبار

لقد كنت في الدير أتولى مهامًا بسيطة كحراسة البوابة أو العناية بالزراعة أو المواشي، لكني الآن مسؤول عن شعب كبير في منطقة فقيرة وعشوائية، وبحكم صلتي به أشهد أمام ربي والجميع أن مشاعره كانت صادقة، وليس هناك مبرر للادعاء خاصة مع شخص مثلي، لا يملك من أمره شيئًا

لكني من دون أن أبلغه التقيت صدفة بمحفل عام قداسة البابا تواضروس الثاني، الذي شرفت بمعرفته أيضًا منذ كان اسمه وجيه صبحي، ويذهب لخلوة أو زيارة أديرة وادي النطرون، حين كان يدرس بالكلية الإكليركية، المهم أنه سألني لماذا لم تعد تزور الكاتدرائية ولا تحضر الأعياد؟

الكنيسة القبطية

فقلت أعذارا سخيفة – لكن في قرارة نفسي أعترف أن مجرد مروري أمام المقر يُذكرني بقصص أرجو أن أتجاوز الكسل اللذيذ لأكتب عن مرحلة حرجة في تاريخنا – وبينما كنت أكذب وأنا تائه في الملكوت، ابتسم قداسة البابا تواضروس الثاني وطلب بلهجة حازمة أن أزوره، وكلف أحد معاونيه بتحديد موعد

وبالفعل شرفت بجلسة امتدت ساعتين، رغم أنه كان مقررًا لها نصف ساعة، وتحدثت مع قداسته في أمور هامة وتافهة، وضحكنا كثيرًا، وقبيل مغادرتي تذكرت الأنبا سيداروس فجأة، كأنه إلهام إلهي لم أخطط له مُسبقًا، ولم يخطر ببالي قبل الزيارة أو خلالها، فتوقفت فجأة وقلت لقداسته :

«أود أن أشكر قداستك لرسامة الأنبا سيداروس فهو رجل الله حقًا وصدقًا، وراعي صالح، أعرفه منذ سنوات طويلة، ولا ناقة لي عنده ولا جمل، لكنها شهادة يحاسبني عليها ربي قبل خلقه، وليس معنا أحدٌ سيدي حتى تكون شهادتي مجروحة، فابتسم قداسته بوداعته المألوفة وقال : «عارف الأنبا سيداروس كويس، وأنا إللي أشكرك على كلمة الحق، ولاعتبارات معقدة لا يصح الإفصاح عنها، وربنا يلهمه الحكمة والقوة على خدمته» وانصرفت، وحتى هذه اللحظة لم أحدث نيافة الأنبا سيداروس عما حدث، وربما يعرف أو لا يعرف من خلال هذا المنشور، فكل وقته بين الخدمة والصلاة،

وأخيرًا أتمنى لنيافته التوفيق، وأؤكد أنه من الأساقفة القلائل الذين لم ينسوا أنهم في بداية المطاف ونهايته «رهبان» وقبل كل شئ بشر مؤمنون، مودة صافية وكل الخير والسلام رغم الآلام التي يبدو أنها قدرنا كمصريين، وياما دقت ع الراس طبول» وبعد أعياد المصريين مسيحيين ومسلمين وبين بين سوف أنكد عليكم أسبوعيًا بطلتي البهية، عبر بث مباشر على الفيس واليوتيوب، «ورانا إيه غير نتسلى مع بعض بالنق والهبد، ومش هنبطل هري»

شاهد أيضاً

المغرب

الــملــصـق المسرحي لمن ؟

نــجـيـب طــلال مـفارقات: أشرنا ما مرة، بأن هنالك ظواهر تخترق جسد المشهد المسرحي في المغرب، …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.