الجمعة , أبريل 26 2024
صلاح عبد السميع
دكتور صلاح عبد السميع عبد الرازق

نحو خارطة طريق لاستعادة هيبة المعلم ومكانته

الدكتور/ صلاح عبد السميع

المعلم الذي نتحدث عنه اليوم، يعد إحدى زوايا المثلث في المدرسة، وقطب الدائرة في التربية، وهو الرابط الحيوي بين الطالب والمعرفة.

إنه نقطة البداية والانطلاقة للتربية الجادة والتعليم الأمثل، وله دور حيوي في تشكيل شخصية الطالب وتوجيهه نحو النجاح والإنجاز.


ومع ذلك، فإن الكثير من المعلمين يعانون من نقص في التقدير والاحترام في المجتمع، مما يؤثر على مكانتهم ويقلل من تأثيرهم في التعليم والتربية، ويمكن استعادة هيبة المعلم ومكانته الحقيقية في المدرسة والمجتمع من خلال خطة عمل واضحة وعبر سلسلة من الإجراءات التي تترجم إلى أفعال ملموسة على أرض الواقع الميداني.


كما تشمل هذه الخطة عدة جوانب، منها تطوير صفات المعلم الشخصية وسماته الإيجابية، وتحسين برامج إعداده وتأهيله، وتعزيز نظرة المجتمع والإعلام للمعلم بطريقة تعكس معاني التقدير والاحترام.


وعلينا أن نؤكد على حقيقة هامة تتمثل فى أن إعادة إحياء هيبة المعلم ومكانته في المجتمع سوف يؤسس لتوفير التعليم الأمثل والتحضير الجيد للأجيال القادمة، وسوف ينعكس ذلك إيجابيًا على المجتمع بأكمله.

لذا، فلنعمل معًا على إعادة تأسيس دور المعلم في المدرسة والمجتمع وإعطائه الاحترام والتقدير الذي يستحقه.


ولعلنا نستدعى قول الشاعر أحمد شوقي رحمة الله تعالى عليه عندما قال في قصيدته عن المعلم
قُم لِلمُعَلِّمِ وَفِّهِ التَبجيلا كادَ المُعَلِّمُ أَن يَكونَ رَسولا
أَعَلِمتَ أَشرَفَ أَو أَجَلَّ مِنَ الَّذي يَبني وَيُنشِئُ أَنفُساً وَعُقولا
سُبحانَكَ اللَهُمَّ خَيرَ مُعَلِّمٍ عَلَّمتَ بِالقَلَمِ القُرونَ الأولى
من المهم أن نشير إلى أن المعلم والمربي الذي نريده في مدارسنا وجامعاتنا هو الشخص الذي يجمع بين المهارات الأكاديمية والمهنية والأخلاقية، ويتمتع بصفات عديدة منها:


الخبرة والمعرفة:

يجب أن يكون لدى المعلم والمربي معرفة واسعة في مجال التخصص الذي يدرسه، ويمتلك الخبرة الكافية لتقديم المواد التعليمية بشكل فعال.


الحماس والشغف:

يجب أن يكون المعلم والمربي متحمسا للتعليم ويمتلك شغفا حقيقيا لنقل المعرفة وتحفيز الطلاب على التعلم.


الاهتمام بالطلاب:

يجب أن يكون المعلم والمربي مهتما بالطلاب واحتياجاتهم الفردية، ويسعى إلى توفير بيئة تعليمية محفزة وداعمة لتحقيق تطلعاتهم وأهدافهم.


القدرة على التواصل:

يجب أن يكون المعلم والمربي قادرا على التواصل الفعال مع الطلاب وأولياء الأمور والزملاء، ويستخدم أساليب التدريس المتنوعة لتلبية احتياجات الجميع.


الأخلاق العالية:

يجب أن يتمتع المعلم والمربي بالأخلاق العالية والقيم الإنسانية، ويكون قدوة حسنة للطلاب والمجتمع في المجالات الأخلاقية والاجتماعية.


الابتكار والإبداع:

يجب أن يكون المعلم والمربي قادرا على الابتكار والإبداع في طرق التدريس وتقديم المواد التعليمية، ويستخدم التقنيات الحديثة والوسائل الإعلامية لتحسين جودة التعليم.


الالتزام بالتطور المستمر:

يجب أن يكون المعلم والمربي ملتزما بالتطور المستمر والتعلم المستمر لتحسين مهاراته التعليمية والتطوير المستمر لأساليب التدريس والمناهج الدراسية.


بالإضافة إلى الصفات المذكورة أعلاه، يجب أن يتمتع المعلم والمربي بالصبر والتحمل، والإيجابية والتفاؤل، والعدل والمساواة، والتعاون والعمل الجماعي، والاحترام والتقدير للطلاب والزملاء والأهل.


إلا أن هناك عدة أسباب قد تؤدي إلى عدم وجود المعلم والمربي المثالي على أرض الواقع، منها:

نقص التدريب والتأهيل:

قد يكون المعلم والمربي لا يتلقون التدريب والتأهيل الكافي لتطوير مهاراتهم التعليمية والأخلاقية، مما يؤثر على جودة التعليم.

ضعف نظام التعليم:

قد يكون هناك ضعف في نظام التعليم والمناهج الدراسية، مما يجعل من الصعب على المعلم والمربي تحقيق الأهداف التعليمية والأخلاقية.

قلة الدعم والإمكانيات:

قد يكون هناك قلة في الدعم المادي والإمكانيات المتاحة للمعلم والمربي، مما يؤثر على كفاءتهم وقدرتهم على تحقيق التحسين المستمر في جودة التعليم.

تركيز الأنظمة التعليمية على الأداء الأكاديمي فقط:

قد تركز بعض الأنظمة التعليمية فقط على الأداء الأكاديمي، دون الاهتمام بتطوير الصفات الأخلاقية والسلوكية للطلاب، مما يؤثر على قدرة المعلم والمربي على تحقيق هذه الصفات في الطلاب.

الضغوط والتحديات اليومية:

قد يواجه المعلم والمربي ضغوطا كثيرة منها ما يتعلق بمتطلبات الحياة اليومية ومنها تحديات قي بيئة العمل، مما يؤثر على قدرته على تحقيق الأهداف التعليمية والأخلاقية بالشكل المطلوب.

العوامل الاجتماعية والثقافية:

يمكن أن تؤثر العوامل الاجتماعية والثقافية في قدرة المعلم والمربي على تحقيق الصفات والمهارات المطلوبة، مثل التحديات الاقتصادية والسياسية والثقافية التي تؤثر على البيئة التعليمية والمجتمع بشكل عام.


بشكل عام، يجب توفير الدعم والتأهيل الكافي للمعلم والمربي، وتطوير نظام التعليم والمناهج الدراسية، وتوفير الإمكانيات اللازمة لتحسين جودة التعليم وتحقيق الأهداف التعليمية والأخلاقية.


ومن هنا فإن حضور المعلم المؤهل أكاديماً ومهنيا وثقافيا يمكن أن يكون مؤشر لتحقيق تعليم متميز، ومع غياب المعلم المؤهل ينهار كل شيء، لهذا يعد المعلم هو العنصر الأساسي في عملية التعليم، حيث يمثل المحرك الرئيس لتحقيق التعليم المتميز.

ولذلك، يجب توفير إعداد متميز للمعلمين في كليات الاعداد، هذا الإعداد يجب أن يكون على المستوى الأكاديمي والمهني والثقافي وفق برامج إعداد تهتم بالجانب التطبيقي وتركز على إكساب وتنمية المهارات، وذلك لأن المعلم يحمل مسؤولية كبيرة في تأسيس الأجيال القادمة.


ما أهمية إعداد المعلم ؟


إعداد المعلم بشكل جيد يمثل أحد أهم عوامل النجاح في العملية التعليمية، حيث يساهم في:


تحسين جودة التعليم وتحقيق التعليم المتميز.


تحفيز الطلاب على التعلم وتطوير مهاراتهم العلمية والثقافية.


تعزيز الأخلاقيات المهنية وتحقيق الشفافية والمساءلة في العمل التعليمي.


تحسين العلاقة بين الطلاب والمعلمين وتوفير بيئة تعليمية صحية ومحفزة.


ما آليات تحقيق إعداد المعلم المتميز؟


تحقيق إعداد المعلم المتميز يتطلب تبني آليات وأساليب فعالة، ومن بين هذه الآليات:


تطوير البرامج التعليمية للمعلمين:

يجب تطوير البرامج التعليمية للمعلمين وتحديثها بشكل دوري ومنتظم لتلبية متطلبات العصر والتحديات التي يواجهها المجتمع.


توفير التدريب المهني:

يجب توفير التدريب المهني والبرامج التدريبية للمعلمين لتحسين كفاءتهم ومهاراتهم التعليمية والإدارية، ولعلى أشير إلى أن واقع التدريب ضمن مؤسسات تدريب المعلم في عالمنا العربي تركز على الجوانب النظرية، وعلى مجرد حضور المعلم إلى قاعة التدريب، وان التدريب الحقيقي المبني على إكسابه المعرف والمهارات والاتجاهات الإيجابية يكاد أن يكون غائبا فيما يقدم من برامج تدريب، لهذا يجب الاهتمام بإعادة النظر في آلية عمل تلك المؤسسات ومراكز التدريب، وإخضاع تلك المؤسسات إلى المحاسبية، وان من يتم تدريبه يجب أن يتم تقويمه ويطلب منه تقويم البرامج بشفافية، وأن يكون هناك تواصل مستمر بين المعلم وبين مؤسسات التدريب.


توفير الأدوات التكنولوجية:

يجب توفير الأدوات التكنولوجية اللازمة للمعلمين وتدريبهم على استخدامها بشكل فعال في العملية التعليمية، لهذا من المؤسف أن توجد مؤسسات تعليمية بلا معمل للوسائط التعليمية ونحن نعيش فى ظل ثورة التكنولوجيا .


توفير برامج الثقافة العامة:

يجب توفير برامج الثقافة العامة والتعليم المستمر للمعلمين لتطوير ثقافتهم وتحسين مهاراتهم اللغوية والتواصلية.
تحديد المعايير الواضحة لاختيار المعلمين: يجب تحديد المعايير الواضحة لاختيار المعلمين وفقا للمهارات والخبرات المطلوبة للعمل التعليمي، بالإضافة إلى التأكد من الالتزام بالأخلاقيات المهنية في التعليم.


ويعد تطوير المعلمين وتحسين أدائهم ومهاراتهم في التدريس هو عامل رئيسي في تحسين جودة التعليم في مصر.

ويواجه المعلمون في مصر العديد من التحديات الكبيرة والتي تؤثر على أدائهم وجودة التعليم الذي يقدمونه. ومن بين هذه التحديات:


قلة عدد المعلمين المؤهلين والمدربين بشكل جيد:

يواجه المعلمون في مصر التحدي الكبير لقلة عدد المعلمين المؤهلين والمدربين بشكل جيد، وهذا يؤثر على جودة التعليم الذي يقدمونه.


ضعف الراتب والمزايا المالية:

يعتبر ضعف رواتب المعلمين وعدم توفير المزايا المالية الكافية هو أحد التحديات الكبيرة التي يواجهها المعلمون في مصر، وهذا يؤثر على مدى تفانيهم في عملهم وجودة التعليم الذي يقدمونه.


عدم توفير التدريب المهني الحقيقي:

يجب توفير التدريب المهني الحقيقي للمعلمين في مصر، وذلك لتحسين مهاراتهم ومعرفتهم بأحدث الأساليب والتقنيات التعليمية.


زيادة عدد المتعلمين داخل الصف الدراسي:

يعتبر زيادة عدد المتعلمين داخل الصف الدراسي هو أحد التحديات الكبيرة التي يواجهها المعلمون في مصر، وهذا يؤثر على جودة التعليم الذي يقدمونه.


عدم توفير الدعم اللازم للمعلمين:

يجب توفير الدعم اللازم للمعلمين في مصر، وذلك لمساعدتهم على تحسين أدائهم وجودة التعليم الذي يقدمونه.


ولتحسين أداء المعلمين في مصر، يمكن تبني العديد من الخطط والمبادرات الإبداعية والمقترحات العملية، مثل توفير برامج تدريب مهني مستمرة ومنتظمة، وتعزيز الحوافز المالية للمعلمين، وتشجيع التعاون والتفاعل بين المعلمين، وتبني التكنولوجيا في التعليم، وتشجيع الابتكار والإبداع في التعليم، وتوفير بيئة تعليمية محفزة، وتعزيز الشراكات المجتمعية والتعاون بين المدارس والجهات المعنية والمؤسسات الخاصة والمجتمع المحلي.

بالإضافة إلى المقترحات المذكورة سابقا، يمكن اتخاذ بعض الخطوات الإضافية لتحسين جودة التعليم في مصر وجعل المعلمين أكثر تميزا. ومن بين هذه الخطوات:


توفير الدعم النفسي والاجتماعي للمعلمين:

يمكن توفير الدعم النفسي والاجتماعي للمعلمين، وذلك لمساعدتهم على التعامل مع ضغوط العمل والتحديات اليومية التي يواجهونها.


تعزيز الثقة والاحترام بين المعلمين والطلاب:

يجب تعزيز الثقة والاحترام بين المعلمين والطلاب، وذلك لتحسين بيئة التعليم وجعلها محفزة للتعلم.


تنمية مهارات الاتصال والتفاوض لدى المعلمين:

يمكن تنمية مهارات الاتصال والتفاوض لدى المعلمين، وذلك لتحسين علاقتهم مع الطلاب والأهل والمجتمع المحلي.


تشجيع المعلمين على البحث والتطوير:

يجب تشجيع المعلمين على البحث والتطوير في مجال التعليم، وذلك لتحسين جودة التعليم وتطوير أفضل الممارسات التعليمية.


توفير الدعم الإداري والتنظيمي:

يجب توفير الدعم الإداري والتنظيمي للمعلمين، وذلك لتسهيل عملهم وتحسين فاعليتهم في تقديم التعليم.


تعزيز ثقافة التميز والجودة في التعليم:

يجب تعزيز ثقافة التميز والجودة في التعليم وتشجيع المعلمين على السعي لتحسين جودة التعليم وتحقيق الأداء المتميز.


يمكن لتطوير المعلمين وتحسين جودة التعليم في مصر أن يساهم بشكل كبير في تحقيق أهداف التنمية المستدامة، وخاصة الهدف الرابع المتعلق بتوفير التعليم الجيد والشامل وذو الجودة والمنصف للجميع.

ولتحقيق هذا الهدف، يجب توفير التمويل اللازم والتركيز على تحسين جودة التعليم وتطوير المعلمين.


انطلاقاً مما سبق تضطلع المدرسة والمعلم بدور حيوي في بناء المجتمع والتأثير في مستقبل الأجيال القادمة، ولكن في السنوات الأخيرة، شهدت المهنة تراجعا في هيبتها ومكانتها.

ولتحقيق استعادة هيبة المعلم ومكانته، يجب اتخاذ الخطوات التالية:


تحسين شروط العمل:

يجب تحسين شروط العمل للمعلمين، وتوفير بيئة عمل ملاءمة ومحفزة ومجهزة بالموارد اللازمة لتعزيز الإنتاجية والابتكار والإبداع.


تقديم الدعم اللازم:

يجب توفير الدعم اللازم للمعلمين في مجالات التدريب والتطوير المهني والتكنولوجيا والبحث والتطوير، وذلك لتمكينهم من الاستمرار في تطوير مهاراتهم والتأثير في تعلم الطلاب.


تعزيز العلاقات الاجتماعية:

يجب تعزيز العلاقات الاجتماعية بين المعلمين والطلاب وأولياء الأمور والمجتمع المحلي، وذلك من خلال تنظيم فعاليات ونشاطات تعزز التفاعل وتعزيز الثقة والاحترام المتبادل، وتعزيز الوعي بدور المعلم في بناء المجتمع.


تحفيز الابتكار والإبداع:

يجب تحفيز المعلمين على الابتكار والإبداع وتقديم الحلول الإبداعية للتحديات التعليمية، وذلك من خلال توفير فرص للتدريب والتطوير والتشجيع على البحث والتطوير.


تعزيز قيم المهنة:

يجب تعزيز قيم المهنة والأخلاقيات المهنية بين المعلمين والطلاب والمجتمع، وذلك عن طريق تعزيز الوعي بأهمية دور المعلم في بناء المجتمع وتعزيز القيم الأساسية للتعليم.


تحسين التقويم والتقييم:

يجب تحسين نظام التقويم والتقييم للطلاب وتوفير أدوات تقويم متنوعة وشاملة، تمكن المعلمون من تقييم المستوى التعليمي للطلاب بشكل دقيق وشامل.


تحقيق هذه الخطوات سيساعد في استعادة هيبة المعلم ومكانته، وتعزيز دوره في بناء المجتمع وتحقيق الأهداف التعليمية، وهذا ما نتمنى ان يترجم الى واقع ملموس فى القريب العاجل جنباً الى جنب مع اصلاح منظومة الادارة المدرسية من خلال الادارة الفعالة والمدير الفعال الذى نبحث عنه فى ظل مدرسة تبحث لنفسها عن مكانة حقيقية بعد ان غاب عنها الأبناء وخاصمها أولياء الأمور .

شاهد أيضاً

الكنيسة القبطية

الضابط شفتيه، فطين

ماجد سوس تفاح من ذهب في مصوغ من فضة، كلمة مقولة في محلها. تلك المقولة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.