الثلاثاء , أكتوبر 3 2023
الكنيسة القبطية
قداسة البابا تواضروس الثاني

قصة حقيقية وقعت أحداثها سنة 1855 م

مايكل عزيز البشموري

حدّث فى زمن البابا كيرلس الرابع – أبو الإصلاح – أنه قام بتأسيس مدارس قبطية نظامّية ، لتعليم وتثقيف أبناء الأقباط والمصريين عموماً ، وقبل إنشاء تلك المدارس ، كان يوْجَد فى ذلك الحين كتاتيب ملحقة بالكنائس ، تُعلم الأطفال القراءة ، والكتابة ، والصلوات ، وكان يتولى مسئولية تعليم الأطفال ، معلمين أفاضل يعرفوا باسم ( العرفاء ) وكان هؤلاء ” العرفاء “ عُميان لا يبصرون

وعندما استعان البابا كيرلس الرابع بالمدرسين الأجانب والمصريين ، لتولى مسئولية التعليم بالمدارس التى قد أنشأها ، شعر «العرفاء» بالخطر على مكانتهم من إغلاق الكتاتيب ، وإبتدأو ينشرون الشائعات ويثيرون الفتن والقلائل ضد البابا ، وأشاع أولئك العُميان ، أن المدارس التى أنشأها الأنبا كيرلس ، تُعلم الكفر والهرطقة وفساد الأخلاق والعقائد غير الارثوذكسية

« لقد فعلوا ذلك لأنهم كانوا بحاجة إلى المال ، ولأن إصلاحات البابا كانت ستسد عليهم أبواب الرِّزْق من وراء عملهم بالكتاتيب » ؛ حينها استغلوا منزلتهم ومكانتهم بين الناس ، ولأن الشعب القبطي كان يحترمهم ويصغى لما يقولونه ، فعمل «العرفاء العُميان» ، على زرع الفتنة والشقاق بين الأقباط ؛ وجعلوا يطوفون بالبيوت ، ويحرضون آباء الأولاد وأمهاتهم على العصيان ، وشق عصا الطاعة على أبيهم البطريرك ، وكان إذا وصل إلى الدار

البطريركية شيء من الكتب أو معدات التعليم كان العرفان العُميان يولولوا ويصرخون بأن هذه بنادق وآلات للحرب ، وملابس الصيف وأحذية للشتاء قادمة لتجنيد شباب الأقباط بالجيش ، « فإنقسمّت الكنيسة بسببهم »

وأعتقد الشعب بصحة إدعاءاتهم المغرضة ، وأخذهم الرعب وكرهوا عمل البطريرك ، وتحولوا لمقاومته ؛ وقد عرف البابا كيرلس بحكمته درء تلك الفتنة التى صنعها اولئك العُميان ، فجمع لديه كل العرفاء وطيب خاطرهم وخصص لهم مكاناً بالمدرسة الكبرى بالأزبكية ؛ ورتب لهم المرتبات وعهد اليهم أن يقوموا بالتعليم فى المرحلة الابتدائية

وما إن استقر وضع العرفاء حتى تحولوا مائة وثمانين درجة فبدأوا يرتلون ويسبحون بحمد البابا وبأفضاله عليهم .

البابا تواضروس الثانى وعرفاء هذا الزمان :

ما أشبه الليلة بالبارحة ؟ فعرفاء الأمس هم عُميان اليوم ، وعُميان اليوم هم عرفاء الأمس ، فالذى يجمع بين هذا وذاك : نبذهم الحداثة ، وكراهيتم للتغييرات ، فالغاية التى توحّد هؤلاء – هى – تحقيق المصالح والحفاظ على الموروثات ؛ فقصة العرفاء العُميان بالماضى ، تذكرنا اليوم بـ « العرفاء الجدد » ؛ المنتشرين فى وسطنا الان ، المهاجمين لكل عمل إصلاحي يتخذه البابا تواضروس الثانى ، لأجل منفعة الكنيسة والأقباط ، فيقوم (العُميان الجدد)

بالهجوم على البابا تارة ، وعلى أباء الكنيسة المستنيرين تارةً أخرى ، وذلك تحت مسميات مضللة ، فأشاعوا أن إصلاحات البابا وتعاليم بعض الأساقفة والرهبان الإجلاء ، تروج للهرطقة وفساد الأخلاق والتبشير بعقائد غير أرثوذكسية ، وكأن الكنيسة لا يوجد بها مجمع أساقفة يتولى مسئولية الحفاظ على الإيمان ، والعرفاء الجدد

ليسوا عُميانا ظاهرياً حسب الجسد ؛ ولكنهم عُمياناً ظاهرياً حسب الروح ، فهناك فرق بين العمى الروحى والعمى الجسدى ، فعُميان الروح هؤلاء ، عملوا على استغلال مكانتهم ونفوذهم لدى أبناء كنيستهم البسطاء ، ليحرضونهم عبر صفحاتهم و إعلامهم الثرثار على كسر طاعة أبيهم البطريرك ، والتمرد عليه بإستمرار

مثلما أُتبع الحال بزمن البابا كيرلس أبو الإصلاح ؛ فنجدهم دائماً : كارهين ، متمردين ، متزمتين ، حاسدين ، ناقمين ، مبغضين ، رافضين لأى عمل إصلاحي من شأنه نهضة الأقباط والكنيسة ، مستغلين بذلك طول آناة البابا وصبرهِ عليهم ، ليخرج البابا عن صمته ويصفهم ، بأنهم أصحاب عقول مغلقة ، وقلوب مريضة مليئه بالسواد

فهؤلاء العُميان لم يعدوا يكترثون لمصلحة شعبهم ، ولا يبالون بالمرتدين والمتحولين عن الإيمان ، ولا يبحثون عن الخروف الضال ولا يدعون أحداً يبحث عنه ، لإنهم غير عابئين بالآلام البسطاء وهموم الأبرياء

فهم مهمومين فقط بالبحث عن السلطة الروحية ، والكرامة ، والمجد ، والجاه ، فاستحقوا عن جدارة لقب : ”عُرفاء هذا الزمان وعُميانه“

أخيراً : لكل زمان لديه عُرفائه ، ولكل زمان أيضاً لديه كيرلُسه ؛ الرب يستخدمنا لنكون مثل كيرلس أبو الإصلاح ؛ ويبعد عنا شر العرفاء العُميان .

الكنيسة القبطية
مايكل عزيز البشموري

شاهد أيضاً

عز توفيق

الزواج مؤسسة عظيمة لكنها قد تكون معقدة وفاشلة اذا لم يكن هناك توافق فكري وجسدي كبيرين.

عز توفيق ان لم نكن نملك نفس المفاهيم والافكار ستكون هناك دائما مساحة فارغة بيننا …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.