جريدة الأهرام الجديد الكندية 
مقالات مشابهة
بقلم عبدالواحد محمد روائي عربي
لاريب أيام قليلة تفصلنا عن الاحتفال بأعياد الميلاد المجيد الذي هو فال حسن من مشاعر إنسانية تمنح روايتنا العربية صفة من صفات السعادة والتفاؤل بما هو قادم في ظل البوح السردي الروائي العربي والغربي الذي بلورته الرواية الأدبية في أعمال كتابها من مبدعي الشرق والغرب علي السواء وفق معطيات عقل كتب فاصل من حكايات زمن ومكان بلا حواجز أنها الرواية في أعياد الميلاد وبابا نوبل رمز من رموز السلام والمحبة والبهجة
وسط ليل يعزف أعمق سمفونيات لحن فيه باقة ورد وحديقة من مطر ! ويقينا أعياد الميلاد.. حيث شجرة الكريسماس والثلوج المتساقة ورنين الأجراس وآثار حيوانات الرنة التي تجر العربة الشهيرة للأسطوري سانتا كلوز أو “بابا نويل” كما نُطلق عليه.. الكثير من الحكايات والأمنيات والأحلام التي يضمها هذا اليوم
من كل عام ميلادي جديد وقد تناولت العديد من الأعمال الأدبية العالمية حكايات عيد الميلاد، هناك من تحدث عن الترانيم العظيمة كما فعل الإنجليزي الأشهر تشارلز ديكنز، وآخر تحدث عن طقوس ذلك اليوم في مدينة كانت متعددة الثقافات مثل الإسكندرية كالروائي المصري ادوارد الخراط، وثالث تغنى بأمنيات تلك الليلة
كما فعل اديب وشاعر المهجر الكبير جبران خليل جبران.
ومع هؤلاء نخوض حكايات من حكايات بابا نويل عام جديد “ترنيمة عيد الميلاد” الفكتورية ملمح من ملامح احتفالات بابا نويل عند بعض مما نستدعيه طي هذه السطور المتواضعة لذا جاءت رواية “ترنيمة عيد الميلاد” لتشارلز ديكنز والتي تعتبر من الكلاسيكيات الخالدة في الأدب الإنجليزي ليس فقط لأن كاتبها أبرز روائي إنجليزي في العصر الفيكتوري
ولكن لما فيها من حس إنساني وصوفي وفكاهي يصلح لكل شعب وزمان ومكان، ما جعلها أكثر الروايات شعبية وتداولا حتي اليوم في عام ٢٠٢٣ م وكل أعوام قادمة .
حيث تجرى الرواية في عيد الميلاد بين عدة شخصيات أهمها سكروج الرجل الغني البخيل، وصديقه وشريكه مارلي، وأبن اخت سكروج. حيث يتبنى سكروج الرفض وعدم الاعتراف بأعياد الميلاد ويقضي عمره في جمع الأموال، وكانت مدينة الضباب لندن هي الشاهد على مجريات تلك الأمور، ومع غناه لم يساعد أحد بينما يوجد العديد من الفقراء يقاسون الأمرين، وفي تلك الليلة يأتي ابن أخت سكروج ليدعوه ليحتفل معه هو وأسرته في عيد الميلاد، ليفاجئه بالرد الصادم ليقول له ماذا تعني بكلمة الاحتفال بعيد الميلاد ويحرجه، مع العلم بأن ابن أخته
يعاني من ضائقة مالية كبيرة بسبب الديون المتكاثرة عليه ولم يساعده ويمد إليه يد العون، ومع ذلك يحتفل ويضحك مع أسرته حيث الفرحه والسرور، كذلك يتجسد بخل سكروج بعدم مساعده ابنه أخته المريضة التي عانت لفترة من المرض الذي قضى عليها.
وفي تلك الليلة المريبة وهي ليلة عيد الميلاد التي توافق الليلة التي توفي فيها مارلي شريكة منذ سبعة أعوام، بقى سكروج حبيس بيته فزاره شبح صاحبه مارلي فأتاه محذرا بأنه يجب عليه أن يغير من حياته، قال مارلي لشريكه: إنّ هناك ثلاثة أرواح سيزورونه في ليلة عيد الميلاد، وعليه أن ينتظرهم بعد أن يسمع أجراس الكنيسة تدق، ارتعدت فرائص سكروج من هذه الكلمات “أشباح يزورونه” وهرع نحو سريره، لم يستطع المنام على حين غرة أفاق وشاهد هذا الشبح، ويبدو أن الشبح قاده إلى طفولته في الماضي لكي يبصر بأم عينيه
كيف كان يؤثر المال ويحبه حبا جما فكان المال أعز عنده من صاحبه، وفتاة تدعى “بيلّ” التي كان يجمعه بها حبا قديما، تسلل الأسى إلى قلبه المنغلق فطغت موجة من الحزن على وجه سكروج.
كما شاهد سكروج حالة موظف فقير يعمل لديه يدعى بوب كراتشت وهو الأمر الذي أثار دهشته وكان بسبب أن الموظف يحتفل بعيد الميلاد مع أسرته، برغم من أن وليمتهم كانت صغيرة وبسيطة إلا أنهم كانوا شكورين مقتنعين بما بين أيديهم.
“ترابها زعفران”.. الإسكندرية متعددة الأوجه والثقافات والتاريخ لذا جاء إدوار الخراط الروائي المصري الكبير في مجموعته “ترابها زعفران” ليروي فيها عن الإسكندرية التى نشأ بها ليتغنى بها وبجمالها حيث عبر عن طفولته وصباه بتلك المدينة الجميلة
كما استشهد في ذلك بعلاقة المسلمين والمسيحيين في الإسكندرية، حيث جاء من البداية ليصف مدى الترابط الذي يجمع بين المسلمين والمسيحيين، فاستشهد بصديقة أمه السيدة وهيبة التى تجمعهما علاقة صداقة وطيدة، حيث حدثتهم بأن سيدنا عيسى نبي من عند الله مثله كمثل سيدنا موسى وسيدنا إبراهيم، وقد اخبرتهم بأن سيدنا محمد قد أوصنا بهم خيرًا. حيث ذكر طريقة الاحتفال بالعيد ومشاركة المسلمين لهم وطريقة عمل الفطير
فكانت أمه ترسله برقائق الفطير إلى الجيران والحبايب، كما كان المسلمون يرسلون إليها أطباق العاشوراء في موسمها وأباريق الخشاف في رمضان، وكانوا يتبادلون أطباق الكعك والبسكويت في أعياد الميلاد والقيامة والأضحى والميلاد والفطر، كما ذكر مدى الترابط الشديد في كافة مناحي الحياة دون التفرقة بين مسلمين ومسيحيين.
“خليل الكافر”.. حكايات الأديرة والفقراء لاديب المهجر الكبير جبران خليل جبران وجاء جبران خليل جبران ليوضح علاقة جديدة لم تكن واضحة في أعياد الميلاد وعلاقة الرهبان والأديرة بالفقراء في أقصوصة جديدة بعنوان “خليل الكافر”.
حيث دخل خليل الدير وهو يتيما صغير السن فعمل راعيا للأبقار وكان طعامه لا يختلف كثيرًا عن طعامهم، والمبيت لا يبتعد كثيرًا فكان مجاورا لزريبة بعض الحيوانات، ولكن تتغير حياته فجأة بعد أن قرأ في أحد الأيام تعاليم اليسوع ورأى الفرق الشاسع بين ما توصى به النصارى وما ينطبق على أرض الواقع من قبل كهنة المسيح
ما جعله يقوم ثائرا مبينا لهم ضلالهم وفسادهم حيث يمضون أيامهم مستمتعين بخيرات الفقراء والدير. وكان جراء ثورته التي قام بها هي الطُرد من الدير ليجد نفسة خارج الدير، لتجده سيدة تدعى مريم فتأخذه معها هي وابنتها إلى كوخهما الصغير، وحين استيقظ شاهد علامات الاستغراب على وجهيهما، فكيف لراهب أن يخرج في مثل هذا البرد
القارص وما زاد دهشتهم ما سمعاه منه عندما حدثهم على تجاوزات الرهبان داخل الدير وكيف رفض مثل هذه الأوضاع، حيث أشفقت مريم وأمها عليه ومنعتاه من المغادرة بعدما عزم عليها.
وبعد بعض من الوقت أتى الخدام الذين يعملون لدى “عباس الاقطاعي” ليأخذوه لكى تتم محاكمته، ولكن قابلتهم مريم بالرفض ولكن دون جدوى، فقدم خليل إلى المحاكمة مرفوع الرأس وأخذ يدافع عن نفسه موضحًا مدى الظلم المنتشر، فما كان من عباس إلا أن انفجر غضبا وأمر “بتمزيق” ذلك الكافر فسار رافعا سيفه هاجما على الفتى حتى اعترضه رجل قوي البنية من الشعب، وأحد من صَحَة ضمائرهم بالوقت المناسب، مكسرا لقيود العبودية معترضًا الشيخ عباس قائلا له “اغمد سيفك يا سيدي لأن من يأخذ بالسيف..بالسيف يهلك.
وفي النهاية انتصر الحق أمام الظلم السائد الذي جاء به خليل من الكتاب المقدس ليوضح مدى تأثير ذلك على المجتمع، حيث عبر عن ذلك بمقوله “أن الساكت عن الحق شيطان أخرس”.
لتبقي الرواية وبابا نوبل نور يكتب من رحم وطن واوطان تؤمن إن السعادة هي عنوان لعام جديد يحرك فينا سمو المعني والحب والقدرة الدائمة علي التفاعل مع ثقافتنا الحياتية مشرقا ومغربا بكل عطاء عقل وقلب ابيض زي الفل بابا نويل فال حسن بابا نويل فال حسن
