السبت , أبريل 27 2024
الكنيسة القبطية
البابا مرقس الثامن بابا الكنيسة القبطية رقم 108

البابا مرقس الثامن( 1769- 1809 ) بابا الكنيسة القبطية رقم 108

إعداد/ ماجد كامل

تحتفل الكنيسة القبطية يوم 13 كيهك من الشهر القبطي بتذكار نياحة البابا مرقس الثامن ( 1769- 1809 ) بابا الكنيسة القبطية رقم 108 .

اما عن البابا مرقس الثامن نفسه ؛ فلقد ولد في مدينة طما محافظة سوهاج ( غير معلوم تاريخ الميلاد علي وجه الدقة ) .

وعندما كبر أشتاقت نفسه لحياة الرهبنة ؛ فتوجه إلي دير القديس العظيم الأنبا أنطونيوس ؛ وهناك أنكب علي القراءة والدرس والإطلاع حتي سيم قسا بيد البابا يؤانس الثامن عشر ( 1769- 1796 ) بابا الكنيسة القبطية رقم 107 .

وبعد أن تنيح البابا يؤانس الثامن عشر في 7 يونية 1796 م ؛ أتفق الأساقفة والكهنة وأراخنة الشعب علي ترشيح الأب يوحنا للبطريركية ؛ ولكن عندما وجدت بعض المناوشات والمعارضات من البعض ؛ قرر المجمع المقدس الالتجاء للقرعة الهيكلية ؛ وعندما تمت القرعة ؛ جاءت علي الأب يوحنا ؛ فتمت رسامته بطريركا في يوم الأحد الموافق 2 أكتوبر 1796 م .

ولقب بأسم ” البابا مرقس الثامن ” ؛ وكان ذلك في عهد السلطان سليم الثالث العثماني( 1761- 1808 ) وشيخي البلد إبراهيم بك( 1735- 1817 ) ومراد بك ( 1750- 1801 ) .

( القمص صمويل تاوضروس السرياني : تاريخ البطاركة ؛ الجزء الثالث ؛ صفحتي 67 و68 ) .

وفي بداية عهده ؛ عاني الأمرين من تعسف إبراهيم بك ؛ ومراد بك ؛ الذين نشطا في ابتزاز لأموال الشعب خصوصا التجار بغير وجه حق ؛ كما تعرضا أيضا للأجانب المقيمين بمصر ؛ فرفع هؤلاء الأجانب شكواهم إلي دولهم مما أدي إلي تدخلهم ؛ وأن يحسنا معاملة رعاياهم جيدا ( نفس المرجع السابق ؛ صفحة 68 ) .

ولقد تعرضت البلاد في تلك الحقبة لكل أنواع الظلم والتعسف وسؤ الإدارة ؛ مما أضعف تجارتها وصارت في معزل عن العالم ؛ وكان يقيم في مصر في تلك الفترة جالية كبيرة من الفرنسيين والإنجليز .

وفي تلك الفترة ظهر في فرنسا قائد حربي عظيم قدر له أن يقلب موازين العالم فيما بعد لما له من قوة ونفوذ وعبقرية عسكرية وإدارية ؛ وكان ذلك القائد هو ” نابليون بونابرت Napelon Bonaparte ( 1769- 1821 ) ( هذا الرجل يستحق أن تفرد له مقالة مطولة لوحده أرجو أن أقوم بها في الوقت المناسب ) .

ولقد أتيح هذا المناخ له ذريعة لكي يتدخل في مصر ويقوم بحملته الشهيرة علي مصر عام 1798 ؛ والتي أستمرت حتي عام 1801 .ففي 19 مايو 1898 تحركت الحملة الفرنسية من فرنسا ؛ ووصلت ميناء الإسكندرية في 1 يولية ؛ ومنها نزح إلي القاهرة ؛ وللاسف الشديد ؛ فلقد سادت الفوضي في تلك الفترة ؛ فهاج الغوغاء علي بيوت

وكنائس الأقباط والشوام والفرنج ؛ بحجة البحث عن أسلحة مخبأة في بيوتهم ؛ مما أدي إلي معارضة إبراهيم بك الذي حاول منعهم ؛ فاحتمي النصاري في منزله بعد أن آوتهم زوجته ؛ وبعد أن أنتصر الفرنسسن علي المماليك

في موقعة إمبابة ؛ أحتل الفرنسيون مدينة القاهرة في 21 يوليو 1798 .

وقام بونابرت بعمل إصلاحات كثيرة ؛ حيث نظم هيئة الحكومة وأعد النظم الخاصة بالصحة العامة والأمن وقيد عقود الزواج والوفيات .

ولكن للأسف الشديد عندما وصله خبر تدمير الأسطول الإنجليزي لأسطوله في خليج أبو قير ؛ قام بونابرت بهدم الكنيسة المرقسية بالإسكندرية خوفا من أن يتخذها الأنجليز مقرا لهم لمقاومة الفرنسيين ؛ مما أدي إلي قيام الأقباط بتهريب كل الآثار المقدسة التي في المرقسية إلي كنيسة مارمرقس برشيد ( القمص صمويل تاوضروس السرياني ؛ نفس المرجع السابق؛ صفحة 71 ) .

ثم تطورت الأحداث حيث قام المصريون بثورة عارمة في 22 أكتوبر 1798 ؛ وذبحوا كثير من الفرنسيين ثم تحصنوا في الأحياء الوطنية ؛ فقام نابليون بدك حصونهم بالمدافع ؛ مما أدي إلي سقوط عدد كبير من القتلي ؛ وأقتحم بونابرت الجامع الأزهر ؛ فأرسل المشابخ وفدا إلي بونابرت للتفاوض ؛ فأستجاب بونابرت لمطلبهم وأمر بخروج جنوده من حرم الأزهر .( نفس المرجع السابق ؛ صفحة 71 ) .

وعودة إلي البابا مرقس الثامن ؛ ففي وسط كل هذه الأزمات والمشاكل التي مر بها ؛ أهتم قداسته بنقل مقر الكرسي البابوي من حارة الروم إلي الأزبكية ؛ وكان سبب الأقدام علي هذه الخطوة هي أن الفرنسيين قد أحتلوا هذه المنطقة ؛ ففكر البابا في الانتقال للمقر الذي كان قد بناه المعلم إبراهيم الجوهري ( ؟ – 1795 ) .

وقام البابا بتكريس الكنيسة بحضور العديد من الآباء الأساقفة والكهنة وأراخنة الشعب في ذلك الوقت ؛ وأتخذ من المحلات القائمة بجوار الكنيسة الجديدة قلاية كبيرة له ( صمويل تواضروس السرياني ؛ صفحة 73 ) .

وفي عهده أيضا حدث حريق كبير في كنيسة العذراء حارة الروم ؛ والتهمت النيران المكان المحفوظ فيه الميرون المقدس كله . وفي عهده أيضا تمت رسامة عدد من الأساقفة للعديد والعديد من الأبروشيات الخالية ؛ كما قام برسامة مطران للحبشة بأسم الأنبا مكاريوس وكان ذلك خلال عام 1808 م .

ولقد تنيح البابا مرقس الثامن بشيخوخة صالحة في يوم الخميس الموافق 13 كيهك 1562 للشهداء الموافق 21 ديسمبر 1809 م ؛ وأقيمت مراسم الصلاة علي جثمانه الطاهر في اليوم التالي؛ ودفن في المقبرة التي أعدها قداسته لنفسه تحت الكنيسة الجديدة التي شيدها في المرقسية بكلوت بك؛ وهو أول من دفن من الآباء البطاركة

في تلك المقبرة ( كان آخر من دفن بها هو المتنيح البابا يوساب الثاني ؛ حيث أن المتنيح القديس البابا كيرلس السادس قد دفن في دير مارمينا العامر بمريوط ؛ بينما دفن المتنيح البابا شنودة الثالث في دير الأنبا بيشوي بوادي النطرون ) .

كتابات البابا مرقس الثامن :

تذكر المؤرخة الكبيرة الأستاذة إيريس حبيب المصري ( 1910- 1994 ) في موسوعة “قصة الكنيسة القبطية ؛ الجزء الرابع ” أنه وضع مجموعة كبيرة من المواعظ تتناول مختلف الموضوعات؛ ولقد حفظت كل هذه المواعظ في مجموعتين ضمن كتاب واحد محفوظ بالمكتبة البابوية بالقاهرة ( مكتبة المخطوطات بكلوت بك ) .

ومن ضمن مجموعة الموضوعات التي كتب فيها البابا :- 1-في الرحمة .

2-من أجل الذين يتكلمون في الكنيسة من غير أدب .

3-من أجل الفقراء في الكنيسة .

4-من أجل الأشابين .

5-من أجل الذين يشربون الخمر في الكنيسة .

6-من اجل الذين كانوا يزوجون بناتهم إلي الأمم غير المسيحين .

7-من اجل تربية الأولاد وتعطيل بعض الكنائس من عدم خدمة الشمامسة .

8- من أجل الذين يقصدون السحرة في الضرر بالناس .

9-من أجل الذين يتاهونون في تعميد أطفالهم .

10- من أجل الشفقة وعمل الخير .

11-من أجل الذين يعترضون علي الله في أحكامه .

12-من أجل الكهنة .

13-من اجل النميمة .

14-من أجل التناول من الأسرار المقدسة .

15-من أجل المناقين المبغضين لأخوتهم .

16-من أجل ما صار لنا من الشعب .

17-من أجل الإنذار الإلهي لمن أرتكبوا المعاصي ويطلقون نسائهم بغير سبب .

18-رسالة تعزية في الشدائد والضيقات .

19-رسالة إلي الحكام القائمين بسياسة أهل الحبشة .

20- رسالة إلي كل إنسان كان في شدة .

21-رسالة للشعب تشجيعا علي احتمال الضيقات .

22-رسالة إلي راهب شلح من الرهبنة .

23- رسالة تعجب من غرور الدنيا ومن يتمسك بها .

24-أسماء الآباء من أول الخليقة وعدد سنين نقلا عن النسخة السبيعينية .

( لمزيد من التفصيل راجع :- المرجع السابق ذكره ؛ الصفحات من 202 – 204 ) .

والجدير بالذكر أن المؤرخ الكبير توفيق إسكاروس ( 1871- 1942 ) قد ذكر تفاصيل كل هذه الكتابات في كتابه العمدة “نوابغ الاقباط ومشاهيرهم في القرن التاسع عشر ” في الصفحات من 48- 53 ) .

كما كتب شذرات وتعليقات علي كل موضوع منهم يمكن لمن يريد الرجوع إليه في المرجع السابق ذكره .

ويذكر القمص أثناسيوس المقاري بعض المؤلفات الأخري نذكر منها :

1-أربع رسائل إلي الأحباش :

وتشمل (رسالة إلي المؤمنين وهي خاصة بالرد علي ثلاث بدع منتشرة في زمنه – رسالة إلي ملك الحبشة تعالج قضايا خاصة بذلك الزمن – رسالة إلي الوزير تتضمن عرضا لإيمان الأقباط – رسالة إلي الرئيس العام للرهبان )

ويذكر الأب القمص أثناسيوس المقاري أن الأستاذ الدكتور مراد كامل ( 1907- 1975 ) قد قام بنشر وتحقيق هذه الرسالة الأربع في مجلة جمعية الآثار القبطية خلال عام 1942 .

2- كتاب الأدراج :

وهو مجموعة تتكون من 18 رسالة رعوية تعليمية ؛ جاء شرح تفصيلي لها في كتاب “نوابغ الأقباط ؛ الجزء الأول ” لتوفيق إسكاروس ” .

ويضيف الأب القمص أثناسيوس أن كل الرسائل الرعوية تعالج موضوعات ( السلوك في الكنيسة – القرابة الروحية للأشابين – تزويج البنات لغير المسيحين – تربية الأولاد ) ( لمزيد من الشرح والتفصيل راجع المرجع السابق ذكره ؛ الصفحات من916- 919 ) .

أشهر وأهم رجال هذا العصر :- ( الذين نالوا قدرا كبيرا من الشهرة ) .

1-الأنبا يوساب الأبح أسقف جرجا وأخميم ( 1735- 1826 ) .

2-المعلم إبراهيم الجوهري

3-المعلم جرجس الجوهري .

4-المعلم يعقوب

5-المعلم ملطي .

6-المعلم انطون أبو طاقية .

لمعرفة بعض التفاصيل عن حياة كل واحد منهم راجع :- القمص صموئيل تاوضروس السرياني ؛ مرجع سبق ذكره ؛ الصفحات من 79-98 ) .

وتذكر الأستاذة إيريس حبيب المصري في موسوعتها الخالدة ” قصة الكنيسة القبطية ” بعض الشخصيات الأخري التي لم تنل نفس القدر من الشهرة من الأسماء ؛ نذكر منهم :- الشخصيات التي لم تنال نفس القدر من الشهرة :

1-المعلم لطف الله المصري أحد الأعضاء الستين الذين تألف منهم الديوان العام الذي أنِشأه نابليون .

2-المعلم إبراهيم جر العايط عضو في نفس الديوان ؛ وكان من كبار تجار مصر وأعيانها ؛ وقد وضع تقرير عن حالة مصر الاقتصادية والتجارية ؛ وتوجد نسخة من هذا التقرير محفوظة في المكتبة الأهلية بباريس .

3-الشيخ إبراهيم مقار .

4-الشيخ إبراهيم كاتب الصرة .

5-القس رافائيل الذي يوصف باستمرار بالمترجم الكبير ” ( الأرجح هو نفسه الدوم رافائيل ؛إلا أذا كان تشابه أسماء وليس هو المقصود .

6-المعلمان نصر الله ويوحنا روكة وكان يعملان بالترجمة أيضا .

7-المعلم عبد الله الذي طلب منه جمع العمال لاقامة المتاريس أثناء المعارك التي دارت بين الفرنسيين والانجليز .

8-المعلمون سدرة الشماع وبانوب الجيزاوي وجرجس صرابامون وملطي سارافيم ويوحنا الصولي الذين عينهم نابليون رؤساء للمالي في بعض المديريات .

9-حنا بينو المتولي علي بحر بولاق لجمع المراكب وشحنها ( لمزيد من الشرح والتفصيل راجع :- أيريس حبيب المصري ؛ مرجع سبق ذكره ؛ الصفحات من 218- 220 ) .

وفي النهاية أرجو ان تتاح لي الوقت والفرصة والعمر والصحة للكتابة عن بعض من هذه الشخصيات في حدود ما أتمكن من الوصول إليه . بعض مراجع ومصادر المقالة :

1-السنكسار القبطي تحت يوم 13 كيهك الموافق 22 ديسمبر .

2-القس منسي يوحنا :- تاريخ الكنيسة القبطية ؛ مكتبة المحبة ؛ صفحة 480 – 483 .

3-القمص صمويل تاروضروس السرياني :- تاريخ البطاركة ؛ الجزء الثالث ؛مكتبة دير السريان ؛الطبعة الثالثة ؛ 2011 ؛ الصفحات من 67 – 98 .

3 – إيريس حبيب المصري :- قصة الكنيسة القبطية ؛ الجزء الرابع ؛كنيسة مارجرجس سبورتنج ؛ 1992 ؛ الصفحات من 185- 252 .

4-القمص أنطونيوس الأنطوني :- وطنية الكنيسة القبطية وتاريخها ؛ الجزء الأول ؛ طبعة ثانية منقحة ومزودة ؛366 و367 .

5-القمص أثناسيوس المقاري :- فهرس كتابات آباء كنيسة الإسكندرية ؛ الكتابات العربية ؛ الجزء الثاني ؛ الصفحات من 916- 920 .

شاهد أيضاً

المغرب

الــملــصـق المسرحي لمن ؟

نــجـيـب طــلال مـفارقات: أشرنا ما مرة، بأن هنالك ظواهر تخترق جسد المشهد المسرحي في المغرب، …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.