ماجد سوس
السجال الحادث في مجتمعنا الذي رأيناه الأيام القليلة الماضية بعد إعلان بعض المفكرين والمثقفين عن تكوين مؤسسة أطلقوا عليها تكوين الفكر العربي أصابني وغيري بذهول، بل احتملوني إن قلت اشمئزازا.
كيف وصل ببعضنا لهذا الاضمحلال الأخلاقي والانغلاق الفكري حتى أنني أتحدى أن يكون أحدهم قرأ عن ماهية المؤسسة وأهدافها وراحوا إما يشخصصون الأمر أو يزعمون أنها فكرة ضد الأديان والأمران غير صحيحين فلا الفكر بمرتبط بقائله ولا الأمر لهدم الأديان وثوابتها.
رؤية المؤسسة هي تعزيز قيم الحوار البناء، ودعم الفكر المستنير والإصلاح الفكري، وخلق فضاءات تقنية مناسبة تسمح بوصول منتجها الفكري المرئي والمسموع والمقروء إلى أوسع قاعدة ممكنة من الجمهور.
كما تهدف المؤسسة إلى إرساء قيم العقل والاستنارة والإصلاح والحوار وقبول الاخر والايمان بمبادئ السلام العالمي بين المجتمعات والثقافات والأديان.
وكذا تمهيد السبيل نحو مستقبل مشرق للمجتمعات العربية والإسلامية من خلال الثقافة والفكر الديني المستنير ومواكبة التقدم في كافة المجالات العلمية والفكرية والقيمية.
ما يمكن أن نطلق عليه عملية توطين الثقافة والفكر ليكونا عنصرا فاعلا ومشاركا وأساسيا في معادلة الإصلاح والتقدم والتنوير للفرد والمجتمع في بلادنا العربية
أما هدف المؤسسة فهو وضع الثقافة والفكر العربي في إطار جديد أكثر حيوية وتواصلا وشمولية مع المجتمع العربي ، ومد جسور التعاون مع الثقافات المختلفة في عالمنا المعاصر بهدف تمهيد السبيل نحو فكر عربي
مستنير يقوم على قاعدة فكرية رصينة ومتزنة، ونؤسس جسورا من التواصل بين الثقافة والفكر الديني
حيث شكلت بعض التأويلات غير الدقيقة كثير من أشكال وأنماط حياتنا المعاصرة بطرق مباشرة او غير مباشرة
مما أدى إلى ظهور واحتضان مجتمعاتنا لأفكار متطرفة رجعية أساءت للدين الحنيف ولمجتمعاتنا على السواء وسعت إلى تمزيق مجتمعاتنا على أسس طائفية ومذهبية متشددة.
مجلس أمناء المؤسسة يتكون من ستة كتاب ومفكرين لهم ثقلهم في الوطن العربي وهذا لا يمنع من أننا قد تختلف مع أحدهم أو وبعضهم في الرأي، لكنا لم نأخذ هذ في الاعتبار، بل رحنا نكيل للأمناء الاتهامات والتخوين حتى أن هناك من تمادى في الهجوم قائلا إن الأمناء غير مقبولين شعبيا فكيف نقبلهم كأصحاب مؤسسة.
وبعيدا عن أن المؤسسة فكر حر ليس له صاحب او مبنى أو كيان مادي فهم مجموعة شرفاء يطرحون مجرد دعوة للاستنارة وقبول الآخر، دعوة لسلم اجتماعي حقيقي بعيدا عن الشعرات.
الأمناء الستة هم الأستاذ يوسف زيدان وأنا شخصيا رفضت رواية عزازيل ولست من قرائه، لكن هذا الاختلاف لا يمنع من أنه كاتب كبير فهو حاصل على الدكتوراه في الفلسفة الإسلامية وله عشرات المؤلفات الأبحاث العلمية في الفكر الإسلامي والتصوف وقد كان مديرا لمركز المخطوطات بمكتبة الإسكندرية.
الأستاذ إبراهيم عيسى، عضو الهيئة الاستشارية للشبكة العربية لحقوق الإنسان وهو كاتب وباحث له الكثير من الكتب والأبحاث والمقالات في الشأن السياسي والدين ومن أجرأ الإعلامين العرب الذين ينادون بالتنوير منذ عشرات السنين
وفي عام ٢٠٠٨ حصل على جائزة جبران تويني العالمية للصحف.
الأستاذ فراس السواح وهو كاتب سوري كبير وأستاذ زائر في جامعة بكين أصدر عشرات الكتب في تاريح الأديان وترجم كتبه للإنجليزية والصينية.
الأستاذة نايلة أبي نادر، كاتبة وباحثة لبنانية متخصصة في الفكر العربي الإسلامي وهي حاصلة على الدكتوراه في الفلسفة تحت عنوان “خصوصية المنهج النقدي في الفكر العربي الإسلامي المعاصر”؟
الأستاذة ألفة يوسف، الأستاذة بالجامعة التونسية وهي باحثة في الإسلاميات وكانت مديرة لدار الكتب بتونس ولها مؤلفات عدة من أشهرها قراءة روحانية في أركان الإسلام.
الأستاذ إسلام بحيري، ماجستير الدراسات الإسلامية من جامعة ويلز البريطانية وهو من أشهر المنادين بالتنوير وله أكثر من ثمانية وستون بحثا علميا محكما في الدراسات الإسلامية وله أكثر من ثمانمائة حلقة تليفزيونية في الفكر الإسلامي.
أقولها بكل أسف، أن استخدامنا لنظرية المؤامرة وتخوين الآخر جعلنا أضحوكة بين الأمم.
إن محاربة التعصب الديني وتكفير الآخر باتت ظاهرة مخيفة في المجتمع المصري لكونها امتدت لتصل لبعض المحسوبين على التيار المثقف والمستنير وأصبحت تجد شخصاً يدحض كل ما هو مستنير بحجة واهية مفادها إني أخشى على ثوابت الدين.
أتخشى عليها من تنقية المورثات التي شوهت الأديان أم تخشى عليها أن تفضح أولئك الذين تاجروا بأدياننا لسنوات ، اما تنسى أن للدين رب لن يتركه.