الإثنين , ديسمبر 9 2024
يسوع المسيح

العلاقة بين العلم والدين فرنسيس كولينز يقبل المسيح كمخلص

نسيم مجلى

 هذا عالم فيزياء يترأس مشروع الجينوم البشرى، ويبدو أن إعلانه الإيمان بالمسيح قد أثار قلق واهتمام بعض العلماء الملحدين وبعض الكتاب المهتمين بهذه المسألة.

ومن هؤلاء مستر هورجان وهو كاتب مشغول بقضية العلاقة بين الدين والعلم، ومن أجل هذا أجرى معه حوارا

بالغ الأهمية وكتب له مقدمة يقول فيها: 

“إن علاقة العلم بالدين التي يغلب عليها التوتر دائما صارت في الفترة الأخيرة محل صراع، إذ نجد علماء مثل ريتشارد داوكينز واستفن بنكر ينظرون إلى الدين كشعيزة خرافية متخلفة من عصر ما قبل العلم

ويجب على البشر أن يتخلوا عنها. وعلى الجانب ألاخر نجد مؤمنين بالدين يتهمون العلم بتمير القيم الأخلاقية

بحيث لا يصلح وسيلة لفهم عجائب الوجود، وكمحاولة لرأب الصدع بين الطرفين يقدم دكتور فرنسيس كولينز

نفسه كدليل على أن العلم والدين يمكن أن يتصالحا معا.

وباعتباره رئيس مشروع الجينوم البشرى فهو واحد من اهم العلماء فى العالم.

لأنه يرأس برنامج بحثى تبلغ ميرانيته عشرات الملايين من الدولارات

وهو مشروع يهدف إلى فهم طبيعتنا البشرية وعلاج مافينا من نقص واضطرابات موروثة.”

مع ذلك ففي كتابه الأكثر رواجا وعنوانه ” لغة الله” يحكى د. فرنسيس كيف أنه فبل المسيح مخلصا له

في سنة 1978، وصار مسيحيا مكرسا منذ ذلك الحين.  وفى رأيه،

 “إن إله الإنجيل هو إله الجينوم يمكن عبادته في الكنيسة أو في المعمل” وفى هذا الحوار يشرح دكتورد.

فرنسيس إيمانه لمسترهورجان الذى حاول في أبحاثه أن يستكشف الحدود بين العلم والإيمان الروحى

كما هوواضح في كتابه ” نهاية العلم والتصوف العقلى” إن هورجان الذى يصف نفسه بأنه غنوصى

يزعجه كثيرا تتدخل الدين في شئون الحياة البشرية. لانه يدير مركز أبحاث المؤلفات العلمية

في معهد استفن للتكنولوجيا بمدينة هوبكن في ولاية نيوجيرسى:

هورجان: بصفتك عالم ينشد الوصول إلى تقديم شرح طبيعى للأشياء ويطلب الدليل،     

كيف يمكنك أن تؤمن أيضا بمعجزات مثل القيامة أو البعث؟

كولينز: ليس لدى مشكلة بخصوص فكرة المعجزة.

إن المعجزات قد تحدث أحيانا في لحظات شديدة الأهمية والدلالة لكى توصل لنا إحدى الرسائل المرسلة

 من الله، أنا كواحد من العلماء أضع المعجزة في مستوى عالى جدا

هورجان: إن – مشكلتى مع المعجزات أنها لا تفسد فقط المعلومات التي يقدمها لنا العلم   

 بل إنها أيضا تظهرالله كحاكم متقلب الأطوار صاحب نزوات.

ودليلى على ذلك مثالان، أحدهما كثير من الناس يعتقدون أنهم لو صلوا كثيرا لله فسوف

 يتدخل ويشفيهم أو يشفى مريضا عزيزا عليهم.

لكن أليس ذلك يعنى أن الذين لا تتحسن صحتهم غير جديرين بذلك.

كولينز: في تجربتى الشخصية كطبيب لم أشهد حتى الآن واقعة شفاء واحدة عن

  طريق المعجزة، ولا أتوقع أننى سوف اشهد واحدة.

أما الصلاة بالنسبة لى  فإنها لا تعنى أن نوجه الله لكى يفعل لنا ما نريد منه ان يفعله.. الصلاة بالنسبة   

  لى هى شيء أكبر من ذلك، هي إحساس بمحاولة الدخول في علاقة صداقة مع  الله.

إننى أحاول أن احدد ما ينبغي على أن أفعله لا أن أٌقول لله الكلى القدرة    

 ما يجب عليه أن يفعله، انظر الى الصلاة الربانية حيث يقال: “لتكن مشيئتك”

ولم تكن: أبانا الذى في السماء، من فضلك أعطنى قطعة ارض أعملها جراج.

هورجان: لآبد أن اعترف أن مخاوفى قد ازدادت مؤخرا من التأثيرالضار للدين

 بسبب إرهاب الإسلاميين في 11 سبتمبر وبسبب إزدياد قوة اليمين الدينى في الولايات المتحدة.

كولينز : وإين هوالإيمان الذى لم يستخدم كعصا في يد الد يماجوجوجيين لضرب

 رؤوس الآخرين؟ لكن لايجب علينا ان نقيس الإيمان النقى بأساليب التطبيق التي

  يستخدمها البشر كما نقيس الحب الخالص بحالة زواج نكدة.

نحن كأبناء لله قد منحنا هذه المعرفة الخاصة بالصح والخطأ، هذا القانون الأخلاقى الذى أراه كعلامة قوية

 على وجود الله الخالق، ولكننا نملك أيضا هذا الشىء المسمى بحرية الإرادة التى

 نستخدها طول الوقت لكسر ذلك القانون، فلايجب علينا أن نلوم الدين بسبب الطرق

التي يطبقها البشر لتحريفه أو إساءة استخدامه.

هورجان: كثير من الناس يواجهون أوقاتا عصيبة مع الإيمان بالله بسبب مشكلة الشر

فإذا كان الله يحبنا لماذا تمتلىء حياتنا بالكثير من المعاناة؟.

كولينز: هذه هي المعضلة الأساسية التي يجب على جميع الباحثين أن يتصارعوا لحلها.

أولا وقبل كل شيء إذا كانت غايتنا النهائية هي أن ننمو ونتعلم ونكتشف 

العالم من حولنا ونعرف حقيقة الله، فحياة الراحة لسوء الحظ ليست هي التي

 توصلنا الى هناك.

الإنسان لا يعرف سوى القليل عن الله حين يكون كل  شيء على ما يرام. فلا نستطيع أن نتهم الله بأنه مسئول عن القدر الأكبر من الألم  والمعاناة في العالم.

فالله منحنا حرية الإرادة، ويمكننا ان نختار فنستخدمها بالطرق

التي تؤدى إلى منع الأذى عن الآخرين.

هورجان: إن عالم الطبيعة ستفن وينبرج، الملحد يسأل لماذا كان يجب على ستة

 ملايين من اليهود بما فيهم أقاربه، أن يموتوا في الهولوكست لكى يتسنى

 للنازيين أن يمارسوا حرية الإرادة. 

كولينز: لو كأن على الله أن يتدخل بمعجزة كلما أختار أحدنا أن يقوم بعمل شرير

 فسوف يتحول العالم إلى حالة غريبة من الفوضوى لايمكن التنبؤ بها.

فحرية  الإرادة سوف تدفع القائمين بالأعمال الإرهابيية ضد بعضهم، ويموت

  الأبرياء نتيجة لذلك.

فلا يمكنك أن تلوم أحدا آخر غير فاعلى الشر.

فهذا ليس خطأ ربنا. المسألة الأصعب عندما تأتي المعاناة من خارج دائرة

البشر السيئة.

كأن يصاب طفل بالسرطان، هذا ابتلاء طبيعى، عاصفة   

 طورنادو أو سونامى، لماذا لا يتدخل الله لمنع حدوث مثل هذه الأشياء؟ 

هورجان: بعض الفلاسفة، مثل تشارلس هارتشورن، الذى يقول ربما كانت قدرة الله على

السيطرة والتحكم في خليقته غير كاملة. والشاعر أنى ديلارد قد عبر عن هذه الفكرة

 بقوله ” الله نصف الفادر” God the semi-competent.    

كولينز: هذا شيء ممتع – وربما كان تجديفا!  والفكرة البديلة تقول إن الله كائن خارج    

الطبيعة وخارج الزمان ولديه منظور يرى به طرفة العين التي تذهب

 بعيدا الى الوراء وإلى الأمام.

هناك بعض الحالات الميتافزيقية الصريحة التى تسمح لى بالقول أن معنى المعاناة ليس واضحا دائما      

 بالنسبة لى. فهناك أسباب لما يحدث من أحداث رهيبة لا أستطيع أن أعرفها. 

هورجان: أنا غنوصى وقد أزعجنى كثيرا قولك أن الغصنوصية هى لهو اواستخفاف بالأمور

” cop-out”.

فالغنوصية لاتعنى أنك كسول أو لامبالى بل تعنى أنك غير مقتنع بأى إجابة متاحة لما هوأسرارغامضا غموضا مطلقا   ultimate mysteries

كولينز: كان كلامى تحقيرا للمستهترين والذى لاينطبق على الغنوصيين الجادين الذين فحصوا

  الأدلة وما زالوا يبحثون عن إجابة مقنعة. بل كان رد فعل منى لما أراه من اللامبلاه في

المجتمع العلمى التي لم يتم الوصول إليها نتيجة فحص الشواهد والأدلة بطريقة دقيقة.

 لقد مررت بمرحلة كنت فيها غنوصيا عايرا، ومن التسرع الشديد أن افترض أن

 الأخرين لايتعمقون الأموراكثر منى.

هورجان: أن حرية الإرادة هي مفهوم هام جدا بالنسبة لى كما هي بالنسبة لك. إنها

 القاعدة التي تقوم عليها اخلاقنا كما يقوم عليها البحث عن المعنى.

ألآ يقلق ان العلم بصفة عامة وعلم الأجنة بصفة خاصة – وعملك أنت كرئيس

 لبرنامج الجينوم البشرى تدمرون الإيمان بحرية الإرادة. 

كولينز: انت تتكلم عن الحتمية الوراثية، التي تعنى أننا مجرد عرائسس

ماريونيت تحكمنا خيوط منسوجة بأشكال لولبية مزدوجة.

وهذه أموربعيدة جدا عما نعرفه علميا! فالوراثة لها تأثيرليس فقط على مخاطراتنا الطبية بل

أيضا على بعض اشكال السلوك والسمات اشخصية، لكن انظر إلى التوائم المتشابهين.

الذين يحملون بصمة دم واحدة، لكنهم في غلب الأحوال لايسلكونلا

أغلب  الأحوال لايتصرفون بطريقة متشاهة ولا يفكرون أيضا بطريقة متشابهة.

وهم بهذا يظهرون أهمية التعليم والخبرة – وحرية الإرادة.

أظن أننا جميعا سواء كنا متدينين أو غيرمتدينين فإننا نعترف بأن حرية الإرادة هي حقيقة واقعية.

هناك بعض االشخصيات الهامشية التي تقول” لا، هذا كله وهم، نحن ليس إلا دمى في

 لعبة كمبيوتر” لكننى أظن أن ذلك لن يذهب بك بعيدا جدا.

هورجان – مارأيك في التتفسيرات الدارونية لمشاعر الإيثار، أو التي تسميها  

 أنت أغابى agape أي مشاعر الحب المطلق والشفقة الخالية من الأنانية تماما نحو  

 بعض الناس الذين لا تربطك بهم أي علاقة مباشرة ؟ 

كولينز- كان من العدل ألى حدما- أن نتناول هذه القصة الآن. فالكثيرون سوف يزعمون أن نظرية التطور قد وفرت الدعم لمشاعر الغيرية والإيثارلأنها تساعد الجماعة على البقاء.

لكن هناك بعض الناس الذين يكرسون أنفسهم طواعية من باب التضحية لآخرين من خارج جماعتهم والذين لاتربطهم بهم أي علاقة على الإطلاق.

مثل الأم تريزا وأوسكار شندلر ، وكثيرون غيرهم. وهذاهو النبل الإنساانى في أنقى صوره

والذى يستعصى تفسيره بأى نموذج للدارونية. لكننى لاأعلق إيمانى على شيء من هذا كله.

هورجان: مارأيك في الدراسات العصبية التي تحاول تحديد او تعريف قاعدة الأعصاب

الخاصة بالتجربة الدينية ؟

   كولينز: أظن أنه أمر ضارب في الخيال لكنه لايدهشنى خصوصا وأننا نحن البشرمن     

 لحم ودم لذلك فإنه امر لا يزعجنى—إذا قدرلى أن امر أنا شخصيا بتجربة صوفية-

فأكتشف أن شحمة أذنى قد أحمرت.

وهذا لايعنى أن هذه التجربة ليس لها أى  مغزى دينى حقيقى.

فالذين ينظرون إلى هذه التجربة بافتراض أنه لايوجد شيء

خارج العالم الطبيعى سينظرون ويقولون “ياه ماذا نرى؟” 

فى حين أن أؤلئك الذين ينظرون إلى هذا بافتراض أننا كائنات روحانية         

سوف ييتقبلونه “ببرود” هناك علاقة طبيعية متبادلة مع هذه التجربة الغامضة!

 فماذا تقول عن هذا؟      

هورجان: بعض العلماء يفترضون أن الهندسة الوراثية سوف تعطينا قدرا من الذكاء

الخارق superhuman intelligence   وتعطينا عمرا طويل المدى وربما نصل

إلى الخلود.  

هل يحتمل أن تكون هذه نتائج بعيدة المدى لمشروع الجينوم البشرى

 وبعض الخطوط الأخرى البحثية. فإذا حدث هذا فما عسى ان تكون النتائج بالنسبة

للتقاليد الديتية ؟

كولينز: هذا الآستنتاج قد يربكنى. لكننا مازلنا بعيدين جدا عن هذا الواقع ومن           

القسوة الشديدة ان تبدد وقتا طويلا في الإنشغال بهذه الأشياء في الوقت الذى ترى فيه    

 الأشياء المفيدة حقا التي يمكن لنا أن نحققها في المدى القريب.

 هورجان: أنا في الحقيقة أسأل. ألا يحتاج الإيمان بالدين إلى المعاناة؟ ألا نستطيع أن نقلل   

من المعاناة الى الدرجة التي تجعلنا نشعرعندها بأننا لسنا في حاجة إلى الدين؟  

كولينز: على الرغم من كل ما أنجزناه من تقدم رائع في ميدان الطب مماأدى ألى

إمكانية إطالة عمرالإنسان والقضاء على بعض الأمراض، فمن المحتمل أن                   

 نظل نطورفى الطرق ولأساليب التي نجادل بها بعضنا بعضا وأحيانا نقتل بها بعضنا

بعضا، بسبب إحساسنا بالبر الذاتي وإصرارنا على أنه ينبغي أن نكون نحن وحدنا  

 في القمة، ونتيجة لذلك فإن معدل الوفيات سوف يستمر ليكون واحدا بالنسبة لكل

شخص، مهما كانت الوسائل.

فقد نحصل على كثير من المعرفة عن البيولوجى وقد  نعرف الكثير أيضا عن كيفية منع الأمراض، وقد نعرف الكثير عن إطالة عمر

 الإنسان لكنننى لاأظن أننا سوف ننجح في العثورعلى طريقة لمنع البشرمن صنع

الأذى بعضهم لبعض.

وسوف يظل هذا أكثر التجارب إثارة لحزننا

هنا على هذا الكوكب، ومن ثم فإننا نشتاق أكثر كثيرا لشىء آخرغير هذا.

شاهد أيضاً

صلاح عبد السميع

*فى معنى البرالحقيقى دروس وعبر تربوية*

 الآية الكريمة من سورة البقرة تقول: “لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.