جريدة الأهرام الجديد الكندية 
مقالات مشابهة
نشر الدكتور ناجح إبراهيم احد أهم رموز الجماعة الإسلامية فى الثمانيات بجامعة أسيوط والذى تم سجنه أكثر من مرة عن ذكرياته مع المتنيح نيافة الأنبا باخوميوس مطران البحيرة والقائمقام البابا بعد نياحة البابا شنودة الثالث وقبل اعتلاء البابا تواضروس الثاني كرسى المرقسية قائلا
في عام 2003 كان هناك في سجن دمنهور شديد الحراسة قرابة ألفي معتقل إسلامي، وكانوا يحتاجون بشدة إلى كشف للنظارات الطبية، وكان فحص العين وتحديدًا النظارات الطبية بالكمبيوتر مازال حديثًا
ولا يوجد إلا في الجامعات، وفي مطرانية دمنهور، وكان الدكتور/ عزت نصيف استشاريًا ماهرًا
يحضر لسجن دمنهور، مرة في الأسبوع، فقلت له : هل يمكن إحضار جهاز فحص العين بالكمبيوتر
وخاصة أن النظارات القديمة أصبحت لا تصلح، وهناك مرضى جدد يحتاجون لقياس النظارات
فرحب بالفكرة وقال : الجهاز عند المطرانية وسأستأذن الأنبا باخوميوس فيه لفحص المعتقلين الإسلاميين، وقد رحب الأنبا باخوميوس بذلك مباشرة ودون تردد فقلت له :
أبلغ شكرى وامتناني للأنبا باخوميوس على سماحته وحبه للناس جميعًا.
كان فحص أعداد كبيرة من المعتقلين عملًا مضنيًا، وقد قام به د/ عزت خير قيام، وقد حاولت نيابة عن هؤلاء المعتقلين منحه أجرًا رمزيًا أو هدية لهذه الفحوصات الكثيرة لأنها ليست من عمله فرفض
وقال «هذا لوجه الله ولا أريد مقابلًا له».الحقيقة أن د/ عزت نصيف كان نموذجًا فريدًا في الطب والإنسانية
مع مجموعه رائعة من زملائه من مستشفى دمنهور العام، وكلهم قدموا معروفًا كبيرًا لهؤلاء المعتقلين
وأجروا لهم جراحات ممتازة بنتائج عالية.تحية لكل الأطباء العظام كانت هذه بداية معرفتي بالأنبا باخوميوس، وأدركت وقتها أن هذا الزعيم الروحي له بصمة خاصة في الزهد والتجرد والابتعاد عن حطام الدنيا
ومرت الأيام ورأيت كيف تنازل الأنبا باخوميوس عن أكبر منصب كنسي أرثوذكسي في العالم كله
ببساطة وسلاسة ودون غضاضة، وعن طيب نفس لتلميذه البابا تواضروس قائلًا :
«كنت أنا الأب قبل ذلك وأصبحت الآن ابنًا لتلميذي البابا تواضروس»
والحقيقة أن الأنبا باخوميوس خلق أجواء من المحبة والمودة والتسامح والتغافر بين المسلمين
والمسيحيين فى محافظة البحيرة لم تكن موجودة في أي محافظة أخرى، وكل ذلك انعكس إيجابيًا
على كل مواطني دمنهور وما حولها، وشهد بذلك كل من عرفه عن قرب، فالزهد في المناصب
والتجرد عن الدنيا ليس سهلًا ولا بسيطًا.
وكان الأنبا باخوميوس يأمر دير وادي النطرون بإرسال البطيخ الذي يزرعه الدير لكل السجناء
والمعتقلين في سجن وادي النطرون سواء كانوا جنائيين أو سياسيين، ومعهم الشاويشية وأفراد الأمن
وكان هذا مبعث سعادة للمعتقلين وخاصة في أيام الشدائد، جزى الله الأنبا باخوميوس خيرًا
وكذلك كل من يحسن إلى الخلائق أو يرحمهم أو يفرج كرب المكروب مهما كان دينه وعرقه ولونه.
