الأحد , أبريل 27 2025
الكنيسة القبطية
واصف ماجد

حذف “العريان” من اسم القديس الأنبا برسوم… هل بدأت بعض الإيبارشيات تُعيد تشكيل القديسين؟

ليست كل المعارك الكنسية تُخاض بالسيوف، فبعضها يبدأ بكلمة محذوفة، أو لقبٍ بُتر عمدًا، لينكشف معها جرحٌ في الوعي، وشق في جسد الكنيسة.


منذ أيام، أثار حذف لقب “العريان” من اسم القديس الأنبا برسوم العريان – في بيان رسمي صادر عن المركز الإعلامي لإيبارشية حلوان والمعصرة – جدلاً واسعًا وردود أفعال قوية، لما في الأمر من دلالات تتعدى

مجرد لفظ أو صياغة.


فالاسم الكامل لهذا القديس ليس تفصيلاً شكليًا، بل هوية طقسية معتمدة، مذكورة في السنكسار والدفنار

والخولاجي وكتب التمجيد والذكصولوجيات، ومتجذرة في وجدان الشعب القبطي منذ قرون.


لكن الأخطر من الحذف ذاته، هو الإصرار المتعمد من المركز الإعلامي لإيبارشية حلوان والمعصرة

على الاستمرار في هذا التوجه، رغم موجة الاعتراض، ورغم أن المركز الإعلامي القبطي للكنيسة الأرثوذكسية –

تحت رعاية قداسة البابا الأنبا تواضروس الثاني وإشراف القمص موسى إبراهيم، المتحدث الرسمي

باسم الكنيسة – قام بتعديل الخبر المرسل إليه من الإيبارشية، وأعاد الأمور إلى نصابها الصحيح

فأضاف لقب “العريان

إلى اسم القديس في الصياغة المنشورة رسميًا على منابر الكنيسة المركزية.


ويُشار إلى أن هذا التعديل من المركز الإعلامي القبطي يُعد استثناءً واضحًا، لأن المعتاد أن تُنشر الأخبار

كما ترد من الإيبارشيات، دون مراجعة أو تعديل، ما يُظهر خطورة ما جرى، ويؤكد أن حذف هذا اللقب

لم يكن لَبْسًا عابرًا، بل أمرًا استدعى تدخلاً رسميًا للحفاظ على هوية القديس كما سُلّمت لنا.


وفي تصريح خاص للجريدة قال الكاتب والباحث القبطي واصف ماجد :

“ما حدث من المركز الإعلامي لإيبارشية حلوان لا يمكن وصفه إلا بأنه شكل من أشكال الشقاق والانشقاق، ليس فقط عن التاريخ والتراث والإجماع الكنسي، بل عن الكنيسة الأم ذاتها، ممثلة في المركز الإعلامي القبطي

تحت رعاية قداسة البابا تواضروس الثاني.

إن تجاهل لقب “العريان” من اسم قديسنا العظيم، يُعد انحرافًا عن الخط الليتورجي والعقائدي للكنيسة، وخطرًا على وحدة التعليم والوجدان الكنسي.”

وأضاف ماجد : “إن القديسين ليسوا ملكًا لإيبارشية دون أخرى، ولا يجوز لأي جهة، كائنة من كانت

أن تعيد صياغة أسمائهم أو ألقابهم بحسب ما تراه مناسبًا أو مقبولاً اجتماعيًا.

فهو يتهم محفوظة في صلوات الكنيسة، وتسليمها، وذاكرة أجيالها.”

إننا نُخاطب ضمير كل خادم، وكل شماس، وكل راهب، وكل أسقف، وكل قبطي غيور:

لا تصمتوا على تشويه التراث.

لا تسمحوا أن تتحول الليتورجيا إلى نصوص قابلة للتعديل حسب الأهواء.

ولا تتركوا هوية القديسين رهينة اجتهادات شخصية أو تصورات ضيقة.

فالكنيسة، في جوهرها، ليست فقط عقيدة ولا طقسًا، بل ذاكرة مقدسة.

 وكل محاولة لإعادة تشكيل هذه الذاكرة، حتى ولو بدأت بحذف كلمة، قد تنتهي بإعادة كتابة الإيمان ذاته.

شاهد أيضاً

روما

وداعًا قداسة البابا فرنسيس : رجل المحبة والسلام الذي ودّعته الملايين في قلب روما

د. ماجد عزت إسرائيل في مشهد مهيب، ودّع العالم قداسة البابا فرنسيس، اليوم 26 أبريل …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.